الملك عبد الله استغل انتهاء الاتفاق مع إسرائيل للانتقام من نتنياهو وترامب

الملك عبد الله استغل انتهاء الاتفاق مع إسرائيل للانتقام من نتنياهو وترامب
Spread the love

بقلم تسفي برئيل – محلل سياسي إسرائيلي —

كان الملك عبد الله يعرف قبل نحو عشرة أشهر أنه مضطر إلى اتخاذ قرار صعب يمكن أن يعقّد علاقته بإسرائيل، وبالإدارة الأميركية والجمهور الأردني. مسألة السماح لاتفاق استئجار الأراضي في عربة ونهرايم بالتجدد تلقائياً، كما يسمح به أحد الخيارات التي تضمنها اتفاق السلام مع إسرائيل، بُحثت بين الملك وكبار مستشاريه، عندما برزت في التظاهرات الكبيرة التي جرت في كانون الثاني/يناير، على خلفية قانون الضرائب الجديدة، المطالبة بإلغاء اتفاق السلام مع إسرائيل، أو كبديل عن ذلك تمديد اتفاق تأجير الأراضي.
وطلب الملك من رئيس الحكومة آنذاك هاني الملقي إعداد تقرير شامل بشأن وضع الأراضي المستأجرة. وكانت النتيجة أن في إمكان الأردن استرجاع هذه الأراضي، لأنه هو صاحب الأرض، وبحسب الاتفاق في نهاية 25 عاماً يستطيع أي طرف إلغاء الاتفاق بعد عام من الإنذار. وهذا ما نص عليه اتفاق السلام مع الأردن، والدراسة الإضافية هدفها منح الحكومة الأردنية مهلة إضافية لاتخاذ القرار السياسي.
توجد علاقة وثيقة تربط هاني الملقي بهذه الأراضي، فخلال تولي والده فوزي الملقي رئاسة الحكومة في مطلع الخمسينيات، تعهد الأب باستعادة الأردن أراضي نهرايم، باستثناء نحو 75 دونماً بُنيت عليها محطة توليد الطاقة روتنبرغ بموافقة الانتداب البريطاني. أُقيل الملقي من منصبه في حزيران/يونيو بعد التظاهرات، كجزء من خطوات تهدئة اتخذها الملك لتهدئة الجمهور، بالإضافة إلى تجميد رفع الضرائب.
لكن أيضاً رئيس الحكومة الجديد عمر الرزاز امتنع حتى الآن من تحديد موقف علني من مسألة مستقبل اتفاق الإيجار. “عندما يحين الوقت نعلم البرلمان بقرارنا” قال الرزاز لأعضاء البرلمان الذي طالبوا بجواب قاطع. وتابع: ” قرارنا سيستند إلى المصالح الوطنية للمملكة”.
لم تُفاجأ إسرائيل بالقرار ولا يجب أن تفاجأ. فهي لم تكن فقط تعرف الضغوط الجماهيرية والبرلمانية على الملك، بل أيضاً وصلتها رسائل واضحة وسُئلت عن موقفها لو قرر الملك إلغاء الاتفاق. لكن مساعي واشنطن الدبلوماسية التي تدخلت هي أيضاً لثني الملك عن قراره لم تفلح.
لقد اتضح أن لدى الأردن كثيراً من الشكاوى على سياسة إسرائيل في المناطق [المحتلة] وفي القدس. فقد جرى إقصاؤه عن الاهتمام بالحرم القدسي الشريف، على الرغم من التعهدات الواضحة في اتفاق السلام التي تمنحه مكانة خاصة في موضوع القدس والحرم. كما استُبعد الأردن أيضاً عن المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين قبل أن تلفظ أنفاسها.
والأردن غاضب على واشنطن بسبب الاقتراح الذي طرحه جاريد كوشنير على محمود عباس بإقامة كونفدرالية مع الأردن، من دون أن يسأل الملك عن رأيه. “الاقتراح لا يستحق النقاش” أعلنت جمانة غنيمات الناطقة بلسان حكومة الأردن في أيلول/سبتمبر، وكان رداً لا نذكر مثيلاً له في حدته حيال الاقتراح الأميركي. لقد رأى الأردن في هذا الاقتراح خطوة خطرة تهدف إلى تحويل المملكة إلى “وطن بديل” للفلسطينيين، أو قناة أخرى للهروب من فكرة الدولتين.
فيما بعد احتج الأردن بشدة على قرار ترامب وقف المساعدة لوكالة غوث اللاجئين (الأونروا)، وهي خطوة من شأنها تأجيج الأجواء وسط نحو مليوني لاجىء فلسطيني يسكنون في المملكة، ويشكلون عبئاً اقتصادياً إضافياً على صندوق الدولة التي تواجه استيعاب نحو مليون ونصف مليون لاجىء من سورية، وعشرات آلاف اللاجئين من العراق، وديناً عاماً يتجاوز 40 مليار دولار. ويلاحظ الأردن جيداً عدم الاكتراث الذي تظهره إسرائيل حيال مشروع قناة البحرين، على الرغم من الاتفاق الموقع في سنة 2015، والذي عند الانتهاء منه يمكن أن يساعد الأردن على التغلب على النقص المزمن في المياه.
بناء على ذلك، حتى لو كان في إمكان الملك مواجهة انتقادات الجمهور التي تفاقمت في الأسابيع الأخيرة ضد تمديد اتفاق الإيجار، فإن إسرائيل والولايات المتحدة لم تزوداه بالذخيرة الكافية كي يتخذ قراراً مختلفاً. في الظروف السياسية والاقتصادية الناشئة في المملكة ليس فقط من الصعب شرح سبب موافقة الأردن على تأجير أراض يملكها من دون مقابل، بل أن الأوساط الوطنية والدينية تطالب بمعرفة لماذا لا يفرض الأردن سيادته الكاملة على كل أراضيه، وبدلاً من ذلك يُسمح لمزارعي الكيان الصهيوني بالاستفادة من الأرض مجاناً.
إنهاء اتفاق استئجار الأرض ليس خرقاً لاتفاق السلام، وهو جزء من الحقوق المعطاة للأردن ولإسرائيل بموجب الاتفاق. ومن حق الدولتين البدء حالياً بمفاوضات من أجل عقد اتفاق جديد بشروط جديدة تتضمن كما يبدو دفع مبلغ مالي مناسب في مقابل استخدام الأراضي. الاختبار المقبل للعلاقات بين الأردن وإسرائيل سيحين عندما تطالب إسرائيل بالبدء بمفاوضات على اتفاق جديد.
ليس واضحاً ما إذا كان الأردنيون وافقوا على إجراء مثل هذه المفاوضات، وثمة احتمال أن يوافق الأردن على إجراء محادثات بشأن الموضوع، لكنه سيفرض شروطاً هدفها إحباط احتمالات التوصل إلى اتفاق مسبقاً.
الأمر الذي لا شك فيه هو الصلة الوثيقة بين سياسة إسرائيل في المناطق وصلة واشنطن بالأردن والفلسطينيين، وبين استعداد أو عدم استعداد الأردن للعمل بصورة تتخطى الصيغة المكتوبة للاتفاقات معه. صحيح أن إسرائيل وواشنطن قادرتان على فرض عقوبات غير رسمية على عمّان، وعرقلة مشاريع، أو فرض شروط على المساعدة التي يحصل عليها الأردن من مؤسسات أميركية ودولية، لكن من الخطأ استخدام هذا الرد البافلوفي تحديداً ضد دولة أهميتها الاستراتيجية لإسرائيل ولأمنها لا تحتاج إلى دليل.

المصدر: صحيفة هآرتس الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole