المتنبي .. الشاعر الحكيم

المتنبي .. الشاعر الحكيم
Spread the love

بقلم: نسيم الرحبي — شاعر ضج المجد في عينيه ، في عقله ، في ضميره، في كيانه كلّه، فعاش عمره على هاجسه، يغضَب للمكارم إن عَدَت عليها يد المآثم، ويقلق للقيم السنيَّة ،فيصونها في حدقيته، إن عزَّ عليها الملاذ.
شاعرٌّ تبرَّم بحدود الزمان والمكان ، فانثنى ينطِقُ الحدثان ويتكلّم بلسان كل إنسان، حتى يَسّرَت له عبقريته أن ينقِّل خُطاه من قِمَّةٍ ، فتنساق القوافي إليه عرائس مجلوّة البهاء والرّواء، وتُسلِسُ إليه قيادها، فلا يزيدُها إلاَّ جلاءً على جلاء.
ذلك هو أبو الطيب المتنبي، الذي ملأ الدنيا وشغل الناس، والذي ما لبِثَ متذوقو الأدب العربي والإنساني على السواء ، يلمحون في شعره أصداءً صادقة تعكس تجربة الإنسان الذي ينتمي (قومٍ كأنَّ نفوسهم بها أنفٌ أن تسكن اللحم والعظم) على حد تعبير الشاعر.

هو الشاعر الحكيم ، وأحد مفاخر الأدب العربي ، له الأمثال السائرة والحكم البالغة المعاني المبتكرة ، في شعره اعتزاز بالعروبة ، وتشاءم وافتخار بنفسه ، وتدور معظم قصائده حول مدح الملوك…وقد ترك تراثاً عظيماً من الشعر يضم 326 قصيدة.
لقب بأبي الطيب المتنبي ويقال إنه لم يعرف والدته لموتها وهو طفل فربته جدَته.. والغالب أنَّ طفولته كانت تتميز بالحرمان وبالتنقل بين العراق والشام .
ولقد أحاطت بحياة المتنبي عوامل بيئية واجتماعية ونفسية متعدّدة تضافرت كلها على تكوين شخصيَّته الأدبية الفذَّة ، فقد ملء المجد الأدبي سحابة كبرى من عمره ، وشغل الباحثين من بعده ، إذ وقفو مندهشين أمام البناء الفني الشامخ الذي أرسى الشاعر أسسه ، قبل أن يخلى مكانه في هذا الوجود ، ومن هنا صدق الوصف الذي خَلَعهُ بعض النقاد على المتنبي عندما اعتبروه(مالئ الدنيا وشاغل الناس).

Optimized by Optimole