الرد الإسرائيلي على الرد الإيراني.. “مسخرة” بين الحروب

الرد الإسرائيلي على الرد الإيراني.. “مسخرة” بين الحروب
Spread the love

خاص شؤون آسيوية – بقلم: أميرة فيصل*/

منذ اللحظة الأولى التي اكتشفت فيها عالم السياسة ونحن نشهد حربا كلامية وإعلامية بين إيران وإسرائيل فمتى ما حدث اي نزاع في المنطقة إلا وتبادل الطرفان خطابات عنيفة كل يهدد فيها الآخر بأنه سيردعه.
وكانت إيران في عهد الشاه من أوائل الدول في المنطقة التي اعترفت بالكيان الإسرائيلي الغاصب بعد إنشائه على أرض فلسطين المحتلة عام 1948، ولم تنته علاقاتهما الدبلوماسية إلا بعد الثورة الإسلامية عام 1979 حين سقط حكم الشاه وتغيرت نظرة نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى إسرائيل باعتبارها الكيان المحتل للأراضي الفلسطينية. ووصف المرشد الأعلى الإيراني آية الله الخميني إسرائيل بـ”الشيطان الصغير” والولايات المتحدة بـ”الشيطان الأكبر”، واعتبرهما طرفين يتدخلان في زعزعة شؤون المنطقة.
ورغم العداوة الصارخة بين الطرفين لكن لم تقم إيران يوما في إطلاق مسيراتها أو صواريخها نحو مدن الكيان الإسرائيلي حتى عندما أقدم على اغتيال رئيس المشروع النووي الإيراني فخري زادة وقبله عدد من العلماء النوويين وبعده عدد من قادة حرس الثورة في سوريا. ثم قامت إسرائيل بقصف القنصلية الإيرانية في دمشق ما أسفر عن مقتل 16 شخصاً بينهم قائد فيلق القدس في سوريا ولبنان ونائبه وعدد من مساعديه، عندها تغير موقف إيران في تأجيل المواجهة المباشرة حيث تعد القنصلية في العرف الدولي أرضاً إيرانية، فقصف إسرائيل لقنصلية ايران هو بمثابة قصف الأراضي الإيرانية.
ولم يكن توجيه إيران ضربة لإسرائيل سيناريو متوقعاً من قبل الكثير من المحللين والمراقبين إذ لم يعتادوا على رد إيراني مباشر على الاغتيالات والاعتداءات الإسرائيلية والتي لم تكن تعلن عنها تل أبيب. ولأول مرة في تاريخها قصفت إيران الكيان الإسرائيلي مباشرة لخلق توازن الردع ولجم الاعتداءات الإسرائيلية. وقد عبّر المرشد خامنئي عن ذلك بقوله: “لقد انتهى عصر الصبر الاستراتيجي”.
فالأسطورة التي بنتها إسرائيل بأن جيشها هو الجيش الذي لا يقهر تبخرت مع هجوم “طوفان الاقصى” للمقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر / تشرين الأول 2023، والآن تبخرت هذه الأسطورة مع رد إيران المباشر على أراضي الكيان.
وعلى الرغم من أن الضربات الإيرانية لم تسفر عن خسائر بشرية كبيرة في المحيط الاسرائيلي سوى بعض الأضرار على قاعدة نيفاتم العسكرية الإسرائيليى، القاعدة التي انطلقت منها المقاتلات الإسرائيلية في عملية قصف القنصلية الإيرانية، لكن ما شغل بال السياسيين والمحللين والمراقبين هو كيف سيكون رد الكيان الصهيوني الذي لا يحترم أي قانون دولي أو أخلاقي أو ديني. وجاء الرد الإسرائيلي بشكل ضعيف وباهث وصفه الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتامار بن غفير بـ”المسخرة” حيث استهدفت مسيّرات صغيرة مواقع عسكرية في أصفهان قالت إيران إنه تم التصدي لها ولم تحدث أية أضرار. فقط أراد نتنياهو حفظ ماء وجهه والقول لجمهوره وحلفائه بأنه سيرد على أي ضربة على إسرائيل وأن الردع لا يزال قائماً.
وكان موقع اكسيوس الإخباري الأميركي قد كشف قبل الهجوم على أصفهان أن نتنياهو عدل عن ضربة وشيكة لإيران إثر محادثة مع الرئيس الأميركي جو بايدن.
لم ترد إيران على هجوم أصفهان فيما اكتفت إسرائيل بهذا الرد الرمزي في ما يبدو أنه رغبة من الطرفين ومن الولايات المتحدة عدم التصعيد وتجنّب حرب إقليمية واسعة قد تنجر لها أميركا وعدد من الدول في المنطقة.
*صحافية مغربية.

Optimized by Optimole