الإخلاء بالقوة حماقة

الإخلاء بالقوة حماقة
Spread the love
إخلاء بؤرة “عمونا” الإستيطانية عام 2006

بقلم: موشيه أرينز – وزير إسرائيلي سابق وعضو كنيست سابق من الليكود —

•إن هدم منازل عائلات بدوية في أم الحيران هو عمل غير إنساني، فقد سكنت هذه العائلات في تلك المنازل سنوات طويلة، وبين ليلة وضحاها وجدوا أنفسهم من دون مأوى في برد النقب القارص. من المحتمل أن هدم المنازل عمل قانوني لكنه من دون شك ليس عادلاً.
•في الاجتماع الذي جرى الأسبوع الماضي في جامعة بن غوريون، كان بادياً للعيان ألم المجتمع البدوي في النقب وغضبه. وعبّر رائد أبو القيعان الذي مثل سكان أم الحيران في الاجتماع، وهو قريب ليعقوب أبو القيعان، الأستاذ الذي قتل، عن الإحباط والغضب الذي يشعر به كثيرون. لكن ممثل السلطات الحكومية المسؤولة عن موضوع البدو في النقب لم يلبّ الدعوة التي وجّهت إليه للحضور ولم يحضر الاجتماع.
•كان يجب أن يكون مفهوماً أن إخلاء عائلات من منازلها بالقوة حدث مأساوي، وأن نتوقع كذلك أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى مواجهات عنيفة قد تنتهي بخسارة حياة بشرية. ومع كل الاحترام للقانون ولقرارات محكمة العدل العليا، عندما يمكن أن يتسبب فرض القانون بمعاناة إنسانية كبيرة إلى هذا الحد، يجب إعطاء الأولوية للرحمة، ودرس إمكان تغيير القانون للحؤول دون حدوث معاناة من هذا النوع.
•لقد كان قرار الإخلاء بالقوة قراراً أحمق. فطوال سنوات عديدة أظهر البدو في النقب ولاءهم للدولة على الرغم من كونهم الجماعة الأشد حرماناً في المجتمع الإسرائيلي، جماعة أهملتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة فيما هي كانت تعيش مرحلة صعبة للانتقال من نمط حياة قديم وأصيل يقوم على الترحال، إلى نمط الحياة في مجتمع صناعي معاصر. إن محاولات الحكومة إجبار البدو على العيش في مناطق مدينية لاقت نجاحاً جزئياً فقط. وعندما تفرض هذه المحاولات بالقوة فإن مصيرها الفشل.
•لم يجر الاستثمار بما فيه الكفاية في التعليم من أجل منح الشبان البدو الوسائل المطلوبة للاندماج في المجتمع المعاصر. وسنوات الإهمال الذي يمكن أن نسميه إهمالاً مجرماً، سمحت بتغلغل الجناح الشمالي للحركة الإسلامية داخل المجتمع البدوي في النقب، وبقيامه بالدعوة إلى الالتزام بتعاليم الإسلام المتشدد وكراهية إسرائيل، وإقناع البدو بأنهم فلسطينيون ولا يجب أن يتجندوا في الجيش الإسرائيلي.
•وعلى الرغم من ذلك، فإن لعشيرة أبو القيعان تاريخاً طويلاً من علاقة الصداقة مع دولة إسرائيل، والعديد من شباب العشيرة خدموا في الجيش الإسرائيلي، وبعضهم كضباط. فأي شيطان ركب الحكومة كي تقرر استخدام القوة من أجل اقتلاع هذه العائلات من منازلها وتحويل أصدقاء إلى أعداء؟ لقد أظهر ممثلو الجناح الشمالي في الحركة الإسلامية وجودهم البارز في جنازة يعقوب أبو القيعان محاولين تحقيق ربح سياسي من مأساة العائلات.
•نأمل أن تكون أحداث أم الحيران بمثابة دعوة لاستيقاظ الحكومة. وبدلاً من نقل معالجة موضوع البدو في النقب من وزير إلى آخر، يجب أن تشكل الحكومة هيئة خبراء من أجل بلورة سياسة واضحة حيالهم. من المحتمل ألا تكون مشكلة ملكية الأرض هي المشكلة الأكثر إلحاحاً. المطلوب قبل كل شيء خطة تعليم شاملة من الجيل الصغير بداية وحتى الجامعة، تعليم يساعد الجيل المقبل من البدو على الاندماج في حياة القرن الـ21. ويجب أن تتضمن هذه الخطة مجموعة حوافز تدفع قدماً بالعيش الطوعي في المدن وتشجع الشباب البدوي على التطوع في الجيش الإسرائيلي.

•هناك عدد غير قليل من البدو الذي نجحوا بمساعدة جهود كبيرة في تحقيق هذا الانتقال بصورة فردية، ويجب أن ندعوهم إلى المشاركة في هذه الجهود. ربما لم يتأخر الوقت من أجل مد اليد إلى المجتمع البدوي في النقب لدمجه في مجتمع إسرائيل واقتصادها.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole