استقالة ليبرمان هي وداع لكاريكاتور

استقالة ليبرمان هي وداع لكاريكاتور
Spread the love

بقلم ألوف بن – رئيس تحرير صحيفة هآرتس الإسرائيلية —

عبارة “وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان” لم تكن أكثر من كاريكاتور. من الصعب أن نتخيل إسهاماً أو تأثيراً ما لزعيم حزب إسرائيل بيتنا خلال العامين ونصف العام على توليه منصبه. قد يُقال أيضاً، دفاعاً عنه، إنه لم يتسبب بضرر، بخلاف التخوفات التي أثارها تعيين شخص يميني متطرف شعبوي كاره للعرب، وزيراً مسؤولاً عن الجيش. أشخاص مثله يطلقون عليهم في الجيش تسمية “متجول فقط في القواعد العسكرية”. القرار الوحيد الذي وقّعه بتعيين اللواء أفيف كوخافي رئيساً لأركان الجيش الإسرائيلي المقبل كان قراراً مطلوباً ومعقولاً، وأيضاً غلفه ليبرمان بثرثرة لا قيمة لها من “التردد” و”البحث عن مرشح جريء ومفاجىء”.
لقد كان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وما يزال المسؤول الوحيد عن أمن إسرائيل. وظلت الصلاحيات والمسؤوليات بين يديه، مع ليبرمان أو من دونه، تماماً مثلما تجاهل وزير الدفاع السابق موشيه يعالون، صاحب السجل العسكري المثير للإعجاب. وقد أثبتت أحداث الأسبوع الماضي ذلك بوضوح شديد: في باريس صرح نتنياهو أنه لا يريد حروباً لا لزوم لها، وظل متمسكاً بكلامه أيضاً تحت وابل الصواريخ والقذائف التي أطلقتها “حماس” على مستوطنات الجنوب، وأيضاً في مواجهة التظاهرات التي قام بها مؤيدو الليكود، واللهجة المتشددة والمتطرفة في وسائل الإعلام المؤيدة لليمين. لقد أراد نتنياهو وقفاً سريعاً لإطلاق النار وحصل عليه بجهد ليس كبيراً.
بيد أن ليبرمان لم يُعيّن وزيراً للدفاع ليحل مشكلات أمنية، بل ليحل المشكلة السياسية لنتنياهو الذي أراد توسيع الائتلاف الحكومي. لقد تردد نتنياهو في ربيع 2016، أي بعد عام على فوزه في الانتخابات بشأن ضم المعسكر الصهيوني بزعامة يتسحاق هرتسوغ إلى حكومته، مع ثمن تحطيم معسكر الوسط وعملية سياسية مع الفلسطينيين. وبعد مفاوضات طويلة وعقيمة، حظيت بدعم إدارة أوباما والرئيس المصري، تخلى نتنياهو عن هرتسوغ وقرر أن يحصن نفسه مع اليمين المتشدد، مع ليبرمان ونفتالي بينت، من دون عملية سياسية.
أظهر تفضيل ليبرمان على هرتسوغ أنه في نظر نتنياهو الاستقرار السياسي مشروط بالجمود السياسي. بعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة زال الضغط الدولي عليه كي يظهر كرمه إزاء الفلسطينيين، على الأقل حتى تقديم “صفقة القرن” الموعودة. لكن نتنياهو أبقى مصيره السياسي في يدي شريكين – خصمين من اليمين. لقد كتبت آنذاك: “لقد أراد مزيداً من القوة وحصل على ضعف. لقد كشفت المفاوضات مع هرتسوغ أن نتنياهو لا يستطيع تمرير أي عملية سياسية في الليكود. ووظيفته في قيادة الدولة تتلخص من الآن فصاعداً في تقليص الكوارث التي سيقترحها بينت وليبرمان”. وهذا تحديداً ما جرى، إلى أن تفككت الشراكة.
لقد سعى بينت لإسقاط نتنياهو، لكن من دون أن يواجه وضعاً إشكالياً يقدم فيه حزب يميني على إسقاط حكومة يمينية، مثلما جرى مع شامير في سنة 1992 ومع نتنياهو في سنة 1999، بسبب التقدم في عملية السلام.
في المرات السابقة أدى إسقاط الحكومة إلى حدوث انقلاب وصعود اليسار الذي ذهب إلى أوسلو وكمب ديفيد إلى الحكم. في الجولة الحالية، مناورة رئيس حزب البيت اليهودي، بينِت، هي أكثر ذكاء: فبدلاً من مهاجمة رئيس الحكومة الذي يتمتع بشعبية، ركز انتقاداته على الحلقة الضعيفة في السياسة الأمنية، ليبرمان الذي وصفه بأنه خرقة بالية ويساري. لقد وقع ليبرمان في الفخ، وهكذا أوقع بينت الطوبة المتقلقلة وفي أعقابها سينهار الحائط كله.
من ولاية ليبرمان الفارغة من المضمون في وزارة الدفاع سيتذكر الناس فقط أنه استقال، بينما إسماعيل هنية، الذي تعهد ليبرمان بالقضاء عليه خلال 48 ساعة، ما يزال هنا.

المصدر: صحيفة هآرتس الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole