إنذار “حماس” لإسرائيل

إنذار “حماس” لإسرائيل
Spread the love

يوني بن مناحيم – محلل عسكري اسرائيلي/

توصلت إسرائيل و”حماس” إلى تفاهمات جديدة للتهدئة على الحدود مع القطاع بوساطة قطرية، بعد 3 أسابيع من البالونات الحارقة والصواريخ من قطاع غزة في اتجاه إسرائيل.
هذه الخطوة بادر إليها زعيم “حماس” في القطاع يحيى السنوار، وهي خطوة كان مخططاً لها منذ وقت طويل وانتظرت اللحظة المؤاتية. كان هدف السنوار تحسين الوضع في قطاع غزة من ناحية زيادة المساعدة المالية الشهرية التي يحصل عليها من قطر، وتسريع تنفيذ المشاريع الإنسانية التي التزمت بها إسرائيل والأمم المتحدة ضمن إطار تفاهمات التهدئة السابقة.
في الخلفية أيضاً الانتخابات الداخلية لقيادة “حماس”، يحيى السنوار الذي يحظى بتأييد الذراع العسكرية للحركة “عز الدين القسام”، يريد تحقيق الحد الأقصى من الإنجازات وتحسين صورته في نظر الجمهور الغزّي.

بالاستناد إلى الاتفاقات التي تم التوصل إليها حتى الآن مع إسرائيل والأمم المتحدة بواسطة الوسيط القطري محمد العمادي، يبدو أن السنوار حقق جزءاً من الأهداف التي حددها لنفسه. فهو ينوي الترشح في الانتخابات المقبلة لمنصب رئيس المكتب السياسي للحركة، في مواجهة إسماعيل هنية، رئيس المكتب حالياً، وخالد مشعل الرئيس السابق للمكتب السياسي. لهذا السبب أدار يحيى السنوار بصورة شخصية المفاوضات مع إسرائيل بواسطة السفير القطري.

دّعي مصادر في “حماس” أن السنوار يعرف جيداً طريقة التفكير الإسرائيلية بعد أن قضى في السجن الإسرائيلي 23 عاماً وأُطلق سراحه في إطار “صفقة شاليط”، وهو أيضاً اتخذ شخصياً، ومن دون التشاور مع إسماعيل هنية، قرار العودة الموقتة للهدوء على حدود القطاع، والاكتفاء في هذه الأثناء بالتفاهمات الجديدة التي جرى التوصل إليها. التوتر بينه وبين إسماعيل هنية يزداد، ويستغل يحيى السنوار وجود هنية في الخارج لاتخاذ قرارات مستقلة، وكي يظهر أنه السيد الحقيقي في قطاع غزة، وكونه يحظى بالدعم الكامل من الذراع العسكرية يعزز كثيراً مكانته في حركة “حماس”.

الإنجاز الذي حققه السنوار ويمكن الإشارة إليه هو حصول قطاع غزة، بموافقة إسرائيل، على مبلغ 34 مليون دولار ستوزع كالتالي: 10 ملايين دولار على الوقود ورواتب موظفي “حماس”؛ 10 ملايين دولار ستوزع على العائلات المحتاجة؛ و7 ملايين دولار على المصابين بوباء الكورونا. ما تبقى من المبلغ سيُستخدم في إيجاد 5000 وظيفه جديدة في وزارتيْ الصحة والداخلية لمدة 3 أشهر، كما ستحوَّل أموال إلى بلديات وجامعات، وأعراس أزواج من الشباب ومشاريع بناء.

انتهاء جولة القتال الحالية التي استمرت بوتيرة منخفضة، لأن الجيش الإسرائيلي حاول استيعاب الوضع وعدم التصعيد، لا يبشر بتهدئة لوقت طويل على الحدود مع القطاع، ما تم التوصل إليه هدوء وهمي وموقت. فور إعلان السفير القطري محمد العمادي التوصل إلى تفاهمات التهدئة، ظهر خليل الحية، نائب السنوار، في الأول من أيلول/سبتمبر، على تلفزيون “الأقصى” التابع لـ”حماس” ووجّه إنذاراً إلى إسرائيل. “إذا لم تفِ إسرائيل بالتزاماتها، ستدخل في جولات إضافية من البالونات وغيرها”، حذّر الحية. وأوضح أن لدى إسرائيل شهرين من وجهة نظر “حماس”، لتنفيذ الالتزامات التي جرى الاتفاق عليها.

إسرائيل ألغت كل العقوبات التي فرضتها على قطاع غزة في أعقاب البالونات الحارقة، وفتحت معبريْ إيرز وكرم سالم، وسمحت بدخول الوقود إلى القطاع، وفتحت مجال الصيد ضمن مسافة 15 ميلاً بحرياً.

بموازاة ذلك، هناك تسريع لإقامة مستشفى ميداني أميركي في منطقة إيرز، وتسريع تحويل محطة كهرباء غزة إلى محطة تعمل بالغاز الطبيعي. وصرح السفير القطري محمد العمادي أنه التقى رئيس شركة “ديليك” للبحث في تزويد القطاع بالغاز الطبيعي من أجل الخط 161 الذي سيزود قطاع غزة بالكهرباء. وقال العمادي إن إسرائيل وافقت على دخول 17 ألف عامل من القطاع للعمل في إسرائيل، لكن الأمر يتعرقل بسبب تفشي الكورونا في قطاع غزة.
الردع الإسرائيلي تآكل مجدداً بسبب سياسة الاحتواء وتفضيل إسرائيل التركيز على الساحة الشمالية ومحاربة التمركز العسكري الإيراني في سورية، ففي الأسبوع الماضي نُفّذ هجومان على أهداف إيرانية في سورية نُسبا إلى إسرائيل.

“حماس” نشرت علناً الإنذار الذي وجهته إلى إسرائيل كي تزيد قوة يحيى السنوار، ومن أجل تحذير الوسطاء لاستخدام الضغط في الأسابيع المقبلة على إسرائيل كي تلتزم بما اتُّفق عليه. مع ذلك فإن التفاهمات الجديدة بين إسرائيل و”حماس” تفتح الباب مجدداً أمام استئناف المفاوضات على صفقة تبادل الأسرى مع “حماس” بعد وصول هذه المفاوضات إلى طريق مسدود.

أيضاً تفشي وباء الكورونا في غزة يخلق فرصة للدفع قدماً بالصفقة. مصادر في “حماس” تقول إن يحيى السنوار يتخوف من تحميله مسؤولية تفشي وباء الكورونا خلال فترة زعامته، وهو يريد تحقيق إنجازات قبل الانتخابات الداخلية في “حماس”. في رأي مصادر في “حماس”، الحركة قللت من استخدام إطلاق الصواريخ في فترة التوتر الأخير مع إسرائيل للتلميح إلى أنها مهتمة بالتوصل إلى تفاهمات، ولا تريد مواجهة عسكرية شاملة.

إسرائيل أيضاً مستعدة لإمكان استئناف المفاوضات على صفقة جديدة لتبادل الأسرى. المجلس الوزاري المصغر وافق على طلب وزير الدفاع بني غانتس عدم تسليم “حماس” المزيد من جثامين الفلسطينيين للضغط عليها من أجل استعادة جثمانيْ الجنديين الإسرائيليين، هذه الخطوة جاءت متأخرة وثمة شك كبير في أنها ستساعد في زيادة الضغط على “حماس”.

المصدر: مركز القدس للشؤون العامة والسياسة – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole