إسرائيل تعمل على إبعاد إيران عن هضبة الجولان

إسرائيل تعمل على إبعاد إيران عن هضبة الجولان
Spread the love

بقلم: عاموس هرئيل — إن الحادثة التي وقعت يوم الجمعة الماضي، والتي اعترضت فيها منظومة “حيتس” الإسرائيلية صواريخ مضادة للطائرات أطلِقت من سوريا إلى إسرائيل، غيرت معاملة إسرائيل العلنية حول موضوع الهجمات في سوريا. إذا كانت حتى يومنا هذا تكتفي القيادة الإسرائيلية بالإعلان العام أنها ستفجّر قافلات تنقل أسلحة ذات جودة من سوريا إلى حزب الله، ولكنها كانت تتجنب التطرق إلى النشر الدوري حول الهجمات في وسائل الإعلام العربية، فالآن بات الوضع مختلفا. إن اختراق الصاروخ الموجه إلى طائرات سلاح الجو التي هاجمت أهداف في سوريا، أدى إلى تفعيل منظومة “حيتس” وفقا لذلك أيضا إلى الإعلان الرسمي الأول من نوعه الذي أعلنت فيه إسرائيل عن مسؤوليتها عن الهجوم. تطرق اليوم (الثلاثاء) إلى ذلك رئيس الحكومة نتنياهو ورئيس الأركان، أيزنكوت أيضًا.

قال نتنياهو في محادثة مع مراسلين انضموا إلى الحاشية التي ترافقه في الصين، إنه أوضح للرئيس فلاديمير بوتين أن إسرائيل ستتابع شن الهجمات على قوافل الأسلحة، مدعيا أن روسيا لم تغيّر سياستها في تعاملها مع الهجمات الإسرائيلية. جاءت أقوال نتنياهو هذه ردا على ادعاء السفير الروسي في الأمم المتحدة أن روسيا قد أخبرت إسرائيل أن عصر الهجمات قد انتهى. قال أيزنكوت في محاضرة له في كلية نتانيا إن إسرائيل قد أقامت منظومة لمنع الاحتكاك مع الروس “رغم التوتر في نهاية الأسبوع الماضي”، وإنها تتابع “تجنب زيادة قوة من لا يجدر به زيادة قوته من خلال امتلاك الأسلحة المتطورة” – أي إحباط محاولات نقل وسائل قتاليّة مثل هذه إلى حزب الله.

يتطرق رئيس الحكومة ورئيس الأركان على حدِّ سواء إلى الأهداف السياسية الإسرائيلية، وفق ما تمت صياغتها قبل أكثر من خمس سنوات، بعد نشوب الحرب الأهلية في سوريا بقليل: فمن جهة، منع تورط إسرائيل في الحرب الأهلية ذاتها، ومن جهة أخرى خطوة محكّمة لعرقلة نقل الأسلحة. لقد نجحت إسرائيل في تحقيق الهدف الأول. أما بالنسبة للهدف الثاني، فتشهد التقارير الكثيرة على أن جزءا من عمليات نقل الأسلحة المهربة قد تضرر. في المقابل، اعترف نتنياهو في خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر تشرين الأول 2015 أن جزءا من الأسلحة المتطورة قد وصلت إلى هدفها.

في الوقت الراهن، طرأت تغييرات جذرية في الأحداث في سوريا. لقد ساهم إكمال احتلال حلب وإنجازات برية محدودة من قبل نظام الأسد في حلبات القتال الأخرى في الدولة في الأشهر الأخيرة، في استقرار النظام ودحضت إمكانية سقوطه قريبًا (فيما عدا عند محاولة اغتيال الطاغية ذاته). يبدو أن هذه النجاحات، بفضل المساعدة الروسية الجوية ومساعدة المليشيات الشيعية التي أرسلتها إيران، وجهت نظام الأسد نحو تغيير سياسته وبدء الإضرار بالطائرات الإسرائيلية أثناء عملها في سماء سوريا في الأشهر الأخيرة (لم تكن الحادثة يوم الجمعة الماضي الأولى من نوعها). السؤال الذي على النخبة الإسرائيلية، على ما يبدو، أن تفكر فيه في الفترة القريبة، هو هل يجب تغيير السياسة في ظل تغيير الظروف: متى قد تشكل سلسلة من هجمات الإحباط الناجحة تكتيكيا خطرا استراتيجيا، وتدفع سوريا نحو إبداء رد حاد أكثر، أو بدلا من ذلك أن تقنع موسكو بنقل رسالة شديدة اللهجة إلى إسرائيل (خطوة لن تحدث وفق أقوال نتنياهو).

ولكن إذا حكمنا وفق التصريحات العلنية والهجمة الأخرى التي نُسبَت إلى إسرائيل يوم الأحد – اغتيال ناشط في ميليشيا محلية متضامنة مع النظام في هضبة الجولان السورية – فلا تبدي إسرائيل علامات أنها تنوي التراجع عن المواجهة. ربما هذا التوجه الحازم مرتبط بأهداف أخرى وضعتها إسرائيل نصب أعينها في الحلبة السورية في الأشهر الأخيرة.

إن الهدف الأساسي المعلن، والذي يكثر نتنياهو ووزير الدفاع ليبرمان في التأكيد عليه مؤخرًا هو منع عودة قوات حزب الله وعناصر الحرس الثوري الإيراني إلى هضبة الجولان. لقد نجحت تنظيمات الثوار في السنوات الماضية في إبعاد قوات نظام الأسد عن الحدود القريبة من إسرائيل، إذ شوهِد في السنوات الماضية تواجد قليل من قوات إيران وحزب الله. في الوقت الراهن، في ظل تعزز الروح القتالية في أوساط نظام الأسد بعد النجاحات التي حققها في حلب، بات النظام يعزز قواته في شمال الجولان ويرغم بعض سكان القرى، الذين تعاونوا مع الثوار على التوقيع على اتفاقيات وقف إطلاق النار والخنوع، بعد ممارسة ضغط كبير عليهم. هناك شك لدى إسرائيل أن حزب الله قد بات ينشط مجددا على مقربة من السياج الحدودي برعاية نظام الأسد. لذلك تحاول الآن منع تمركز هذه القوات وقوات إيرانية في المنطقة مجددا.

وضع نتنياهو في الشهر الماضي أثناء زيارته لترامب هدفا آخر. قال إنه طلب من الرئيس الأمريكي أن تعترف بلاده بضم هضبة الجولان إلى إسرائيل. حتى يومنا هذا لم يعترف المجتمع الدولي بقانون الضم منذ عام 1981، ولكن ربّما اكتشف نتنياهو فرصة بسبب الحرب الأهلية في سوريا المستمرة، الانتقاد العالمي تجاه نظام الأسد، والتضامن الذي أعرب عنه ترامب تجاه إسرائيل في الأسابيع الأولى بعد بدء شغل منصبه. تبدو إمكانية حدوث خطوة كهذه ضئيلة حاليا. ليس واضحا إلى أي مدى ينوي نتنياهو التمسك بجهوده لإقناع الأمريكيين، ولكن في الوقت ذاته يمكن أن نفترض أن أقوال رئيس الحكومة قد سُمعت في دمشق وموسكو.

على هامش الأحداث، قال أيزنكوت إن مصطفى بدر الدين، المعروف كرئيس الأركان في حزب الله وقُتل في ظروف غامضة في سوريا في شهر أيار الماضي، تم اغتياله من قبل المسؤولين عنه في التنظيم. قوبلت تصريحات شبيهة في وسائل الإعلام العربية في الأشهر الأخيرة حول الموضوع بشكوك، إلا أن رئيس الأركان الإسرائيلي يصرح عنها علنا حاليا. مع الأخذ بالحسبان مدى إلمام إسرائيل بما يحدث في حزب الله، من المرجح أن أقوال أيزنكوت لها أساس. هذه تطورات مثيرة للاهتمام لسببين: فهي تكشف عن مدى النزاع الداخلي في المحور الذي تترأسه إيران وتشهد على أن إسرائيل يسرها الكشف عن هذه النزاعات، ضمن الحرب النفسية الكبيرة التي تديرها ضد خصومها في المنطقة.

المصدر: صحيفة هآرتس الإسرائيلية، عن موقع “المصدر” الإسرائيلي

Optimized by Optimole