إسرائيل تشاورت مع واشنطن بشأن استهداف الترسانة الإيرانية في سوريا

إسرائيل تشاورت مع واشنطن بشأن استهداف الترسانة الإيرانية في سوريا
Spread the love

كشف صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية أن إسرائيل قد أبلغت إدارة ترامب مسبقاً بالهجوم على قاعدة مطار “تي فور ” الجوية السورية في ريف حمص، وأن واشنطن كانت على علم بعزمها استهداف مباشر للترسانة الإيرانية فيها.

كتب: ديون نيسينباوم – روري جونز — تنقل صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية عن مسؤولين في الاستخبارات الأميركية ومصادر أخرى لم تكشف عن هويتها، لكن يرجح أنها إسرائيلية، أن الجيش الإسرائيلي استهدف نظام دفاع جوي إيرانياً متقدماً في قاعدة سورية الأسبوع الماضي، بدعم أميركي ضمني، وذلك في أحدث إشارة على أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعمل مع إسرائيل لتقويض نفوذ طهران المتزايد في الشرق الأوسط.

وتضيف الصحيفة، نقلاً عن المصادر نفسها، أنه بعد إجراء محادثات مع الرئيس دونالد ترامب، أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضربة على بطارية مضادة للطائرات وصلت حديثاً لمنع القوات الإيرانية من استخدامها ضد الطائرات الحربية الإسرائيلية التي تنفذ أعداداً متزايدة من العمليات (العداونية) في سوريا.

تكشف وول ستريت جورنال أن مسؤولين إسرائيليين قد أبلغوا إدارة ترامب عن الضربة المخطط لها مسبقاً، حتى أن الولايات المتحدة الأميركية كانت على علم بخططهم لاستهداف قاعدة إيرانية مباشرة، وفقاً لما ذكره شخصان من الذين أحيطوا علماً بهذه الخطط.

وتضيف الصحيفة أن القادة الإسرائيليين قد التزموا الصمت بشأن الهجوم، لكن روسيا وإيران وسوريا اتهمت إسرائيل بالقيام بذلك. وتقدم المعلومات التي قدمها مسؤولو الاستخبارات وغيرهم ممن تم إطلاعهم على الضربة تفاصيل جديدة حول الهدف المحدد، وأهداف إسرائيل، والمناقشات مع واشنطن.

لقد شكل هجوم الأسبوع الماضي تصعيداً هاماً في جهود إسرائيل لمنع إيران من ترسيخ وجودها العسكري في سوريا، حيث تقدم طهران وحليفها حزب الله دعماً حيوياً للرئيس بشار الأسد. وهددت ايران بالرد على إسرائيل التي تستعد لاشتباك أوسع نطاقاً مع طهران. فالمواجهة الممتدة بين الخصمين في الشرق الأوسط قد تؤدي إلى خلق ديناميكية جديدة خطيرة في سوريا، حيث يتطلع ترامب إلى إخراج القوات الأميركية من صراع معقد لا يبدي أي مؤشرات على أنه سيصل إلى نهايته قريباً.

وتابعت الصحيفة أن بعض المسؤولين الأميركيين يشعرون بالقلق من أن الصراع الإسرائيلي – الإيراني الشامل في سوريا يمكن أن يؤدي إلى حدوث تصدعات جديدة من الصراع الذي يشمل لبنان وإسرائيل.

فالمنطقة تتكدر بحركة سامة من التحالفات المتضاربة المحيطة بالحرب في سوريا. فإيران وحزب الله وروسيا تساعد الأسد في دفع المتمردين إلى حافة الهزيمة. أكثر من 2000 جندي أميركي مهمتهم في هزيمة مقاتلي “الدولة الإسلامية”(داعش) يعملون جنباً إلى جنب مع القوات الكردية والعربية في سوريا. وقد استولت تركيا على قسم آخر من سوريا إذ تتحرك أنقرة لاحتواء الطموحات الكردية.

ورأت وول ستريت جورنال أن الدعم الأميركي للهجوم الإسرائيلي على مطار التيفور يأتي في الوقت الذي يميل فيه ترامب، القلق من وقوع حرب مفتوحة في الشرق الأوسط، إلى الحلفاء – وخاصة إسرائيل والسعودية – للعب دور أكبر.

وقد نفت إيران سعيها إلى إقامة قواعد في سوريا، لكنها قالت إن قواتها ستبقى في البلاد للدفاع عن حكومة الأسد. أما الحكومة السورية فهي في حالة تأهب لمزيد من الضربات الأميركية أو الإسرائيلية، وأطلقت يوم الثلاثاء صواريخ وأطلقت صفارات إنذار جوية على ما تبين أنه إنذار كاذب.

وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب، ومنذ توليه منصبه العام الماضي، قد تحالف مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وقدم لإسرائيل دعمًا استراتيجيًا لجهودها الرامية إلى استهداف العمليات العسكرية الإيرانية في سوريا، وذلك بحسب مسؤولين مطلعين على المناقشات الثنائية..

فقد أصبحت القاعدة السورية التي استهدفها الهجوم الجوي الإسرائيلي مصدر قلق كبير لإسرائيل. ونقلت الصحيفة عن محللين عسكريين لم تحدد جنسيتهم، إن القاعدة المعروفة بإسم “تي -4 “، وهي أكبر قاعدة لسلاح الجو في سوريا، تستضيف القوات الحكومية السورية والمقاتلين الروس وأسطولاً إيرانياً متنامياً للطائرات من دون طيار تستخدم في عمليات الاستطلاع والهجمات المحتملة.

في فبراير شباط الماضي، اتهمت إسرائيل قوة القدس الإيرانية باستخدام القاعدة لإطلاق طائرة بدون طيار إلى إسرائيل. وأسقطت طائرة هليكوبتر اسرائيلية هذه الطائرة المسيرة التي قالت إسرائيل الأسبوع الماضي إنها كانت مزودة بالمتفجرات. ثم تابعت طائرات “اف 16” الإسرائيلية تنفيذ ضربات جوية دمرت موقع القيادة المشتبه به في قاعدة “التيفور” التي تسيّر الطائرة بدون طيار. وبعد الهجمات، أُسقطت مقاتلة إسرائيلية بصاروخ أرض – جو من العهد السوفياتي، وهي أول مرة يتم فيها إسقاط طائرة إسرائيلية في معركة منذ الاجتياح الإسرائيلي عام 1982.

وذكرت الصحيفة الأميركية أنه، رداً على العدوان الإسرائيلي في شباط فبراير، تحركت إيران لتعزيز دفاعاتها الجوية في القاعدة، مشيرة إلى أنه في وقت سابق من هذا الشهر، تعقبت إسرائيل طائرة إيرانية نقلت نظاماً صاروخياً يسمى “تور”، وهو روسي الصنع، من طهران إلى قاعدة “تيفور” السورية. ونقلت وول ستريت جورنال عن مسؤولين في الاستخبارات أن اسرائيل تحركت بسرعة لتدمير نظام الدفاع الجوي الجديد قبل أن تتمكن القوات الايرانية من نصبه. فقد اتصل نتنياهو بترامب قبل أسبوعين للتحدث عن إيران وسوريا. ومن دون الخوض في التفاصيل، قال البيت الأبيض إن الرجلين “اتفقا على مواصلة التنسيق الوثيق في مواجهة التأثير الإيراني الخبيث وأنشطة عدم الاستقرار”. كما أبلغ نتنياهو ترامب عن الهجوم المخطط على القاعدة الإيرانية (تيفور)، كما قال أحد الأشخاص المطلعين على المكالمة للصحيفة، لكن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين رفضوا تقديم أي تفاصيل لها.

وأشارت الصحيفة إلى أن العدوان الثلاثي الأميركي – البريطاني – الفرنسي على مواقع سورية زعموا أنها مرتبطة بقدرات سوريا لإنتاج الأسلحة الكيمائية يوم الجمعة، بعد خمسة أيام من الهجوم الإسرائيلي في 9 أبريل / نيسان الذي دمر نظام النظام الدفاعي المضاد للطائرات في القاعدة السورية ومآرب تستخدم لإيواء الطائرات بدون طيار، ما أثار استنكاراً من سوريا وروسيا وإيران. وقالت وسائل الإعلام الإيرانية إن سبعة مستشارين عسكريين إيرانيين قتلوا، من بينهم ضابط أشرف على عمليات الطائرات بدون طيار.

وكانت إسرائيل قد بدأت في التخطيط للهجوم قبل الهجوم الكيميائي السوري المزعوم وقوعه في السابع من نيسان- أبريل. بينما تعهد ترامب بالانتقام من الرئيس الأسد بسبب الهجوم الكيميائي المزعوم، شنت إسرائيل هجومها ضد إيران، مما أدى إلى تكهنات لبعض الوقت أن الولايات المتحدة هي من نفذت غارة 9 نيسان -أبريل. لكن الهجوم على ما زعم أنه منشآت الأسلحة الكيميائية في سوريا قد نفذته الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في 14 نيسان – أبريل.

وقالت وول ستريت جورنال إن نتنياهو يعتبر القواعد العسكرية الإيرانية الدائمة في سوريا “خطاً أحمر”، وأن إسرائيل والولايات المتحدة تشعران بالقلق من استخدام إيران لسوريا في مهاجمة إسرائيل ومن إنشاء طريق توريد أسلحة يمتد من طهران إلى لبنان.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين استخباراتيين تم إطلاعهم على الأمر، زعمهم أن تنقل جواً أسلحة إلى قاعدة حميميم الجوية، وهي قاعدة روسية محمية جيداً على ساحل البحر المتوسط. وقال هؤلاء إن إيران أعادت بناء وجودها في مطار دمشق الدولي بعد غارة جوية في عام 2015، ويعمل المطار الآن أيضاً كقاعدة لفيلق القدس الإيراني الذي بنى أنفاق تخزين تحت الأرض لحماية الأسلحة. وإجمالاً، تعمل إيران الآن من خمسة مطارات في سوريا، بما في ذلك مطارات حلب ودير الزور والتيفور ومطار دمشق ومطار الصيقل جنوب العاصمة، وذلك وفقا لمسؤولي الاستخبارات. وفي كل مرة، جلبت طائرات النقل العسكرية الإيرانية أسلحة لحزب الله أو صواريخ وطائرات بدون طيار تحديداً للقوات الإيرانية، أضاف هؤلاء المسؤولون.

وقال جيمس سورين، الرئيس التنفيذي لشركة “بيكوم”، وهي مؤسسة بحثية مقرها المملكة المتحدة: “إنه أخطر منشآة للمواقع العسكرية الإيرانية قريبة من حدود إسرائيل، شهدها الإسرائيليون على الإطلاق”.

وتقول إدارة ترامب إنها ستعمل على إخراج إيران من سوريا، لكن فريق الأمن القومي للرئيس ترامب منقسم حول كيفية عمل ذلك. وتوضح الصحيفة أن وزارة الدفاع الأميركية قد رفضت مراراً اقتراحات بأن تخطط لتحويل تركيزها في سوريا من هزيمة “داعش” إلى تحدي إيران، حيذ أن مسؤولي البنتاغون قلقون من أن طهران ستستهدف القوات الأميركية في جميع أنحاء المنطقة إذا تحدت الولايات المتحدة القوات الإيرانية مباشرة في سوريا.

ومع ذلك، لم تكن القوات الأميركية في سوريا قادرة دائماً على تجنب المواجهات مع إيران. ففي العام الماضي، أسقطت الطائرات الحربية الأميركية طائرتين من دون طيار من صنع إيراني اعتبرتا أنهما تشكلان تهديداً.

وتنقل الصحيفة عن دوري غولد، المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية ورئيس مركز القدس للشؤون العامة، إن من المهم جداً أن “توضح إسرائيل خطوطها الحمراء في سوريا في حال انسحبت الولايات المتحدة من المنطقة”.

ترجمة: الميادين نت

Optimized by Optimole