موسكو، القدس وطهران: لحظة الحقيقة

موسكو، القدس وطهران: لحظة الحقيقة
Spread the love

بقلم: أيال زيسر – باحث إسرائيلي في معهد دايان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا —

•اللقاء الذي سيجري غداً بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في منتجع الرئيس الروسي سوتشي، ربما هو أهم اجتماع يعقده الاثنان منذ بداية التدخل الروسي في الحرب الأهلية في سورية منذ أكثر من سنة.
•هذا التدخل العسكري الذي حوّل روسيا إلى جارة لإسرائيل في الشمال، أثار في بداية الطريق تخوفاً من اشتباك وحتى مواجهة بين القوات الجوية والسفن الروسية التي تنشط من دون مضايقات أو كوابح داخل سورية، وبين إسرائيل التي أرادت من جانبها الاستمرار في المحافظة على حرية نشاطها في الأجواء السورية. وقد أدى الاشتباك الذي وقع بين تركيا وموسكو بعد إسقاط الأتراك طائرة حربية روسية في تشرين الثاني/نوفمبر 2015، كما هو معروف إلى أزمة في العلاقات بين الدولتين وأجبر أردوغان على الاعتذار من بوتين.
•لكن في الحالة الإسرائيلية، منع التفاهم، وربما أيضاً الكيمياء الشخصية الموجودة بين بوتين ونتنياهو، حدوث احتكاك أو مواجهة محتملة روسية- إسرائيلية، وسمح للطرفين بالاستمرار في ما يقومان به، فضربت روسيا المتمردين في شتى أنحاء سورية وقضت عليهم وأنقذت بشار الأسد من سقوط محتم، واستمرت إسرائيل في مهاجمتها، من دون مضايقات، شحنات السلاح التي كانت تمر في الأراضي السورية قادمة من طهران ومتوجهة إلى تنظيم حزب الله.
•المشكلة هي أن التفاهمات بين نتنياهو وبوتين كانت جيدة في حينه، لكن على الأرض يتغير الواقع في سورية بسرعة، والحرب الدائرة في تلك الدولة تشارف كما يبدو على نهايتها أبكر مما كان متوقعاً، وتبقي بشار في منصبه، كما تترك إسرائيل في ورطة بشأن ما يمكن أن تتوقعه من الحاكم السوري إذا انتهت تلك الحرب. هل سيكون الأسد هو الحاكم نفسه الذي أرادت إسرائيل منه توقيع اتفاق سلام مقابل الجولان، وأملت بذلك قطع صلته بإيران وحزب الله؟
•الجواب الجزئي على هذا السؤال جاء في الخطاب الذي ألقاه الأسد يوم الأحد في دمشق. لقد بشّر الأسد بأن الحرب تقترب من نهايتها، وتعهد لسامعيه بأن “سورية صمدت في المعركة على الرغم من خسارتها أفضل أبنائها، وحققت انتصارها بفضل روسيا وبصورة خاصة بفضل إيران وحزب الله، اللذين ستدخل الأعمال التي فعلوها من أجل سورية التاريخ”.
•وبالفعل، عندما ستنتهي الحرب في سورية، فإن المنتصر سيكون بوتين الذي وضع كل ثقله، وفي الأساس ثقل روسيا، لإنقاذ بشار الأسد. لكن كان هناك لاعبان مركزيان هما إيران وحزب الله اللذان قاتلا مع الروس جنباً إلى جنب، وحصلا منهم لقاء ذلك على موقع في سورية.
•في الأسابيع الأخيرة تعمل إسرائيل من أجل أن تضمن اتفاقات وقف إطلاق النار التي يعدها الروس إبعاد إيران وحزب الله عن الحدود الإسرائيلية- السورية، وعدم منحها إمكانية إقامة قاعدة عسكرية في سورية ومنشآت تستطيع تهديد إسرائيل انطلاقاً منها. الروس مستعدون لسماع إسرائيل، وهم ليسوا معادين لها كما في الماضي. لكن لموسكو مصالح خاصة بها في سورية، وفي رأيها يتعين على إسرائيل أن تتعلم التعايش مع إيران وحزب الله، حليفي موسكو الحيويين في المنطقة.
•يبدو أن الروس نسوا كيف ردوا بغضب على الأخبار التي تحدثت عن نية الولايات المتحدة نشر قوات لها في دول البلطيق، وفي بولنده، أو في دول آسيا الوسطى. لكن ما هو مسموح أن تفعله دولة عظمى ممنوع على دولة صغيرة القيام به.
•إن الاجتماع مع بوتين مهم بسبب غياب اللاعب الأميركي عن الملعب. ويتضح أنه لا يوجد فارق بين إدارتي باراك أوباما ودونالد ترامب بشأن كل ما يتعلق بالقرار البارد والأناني بالتخلي عن المتمردين والتركيز على أهداف مربحة وموقتة مثل القضاء على تنظيم داعش.
•في الإمكان فهم اهتمام روسيا والولايات المتحدة بمحاربة الإسلام الراديكالي وتأمين الاستقرار، لكن عندما يحتفل الكبار فالصغار هم الذين يدفعون الثمن، وإسرائيل هنا هي من يدفع ثمن الوجبة في سورية من خلال القبول بوجود طهران في هذه الدولة.
•من الأفضل أن تبلور إسرائيل سياستها بشأن ما يجري في سورية وتضع خطوطاً حمراء، لأمر الذي امتنعت عنه طوال سنوات الحرب. إنها لا تستطيع ان تترك أمنها في ظل إيران في عهدة بوتين ولا في عهدة ترامب.

المصدر: صحيفة يسرائيل هيوم عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole