الثورة الزراعية الجديدة

الثورة الزراعية الجديدة
Spread the love

تأليف: برايان ستالارد_ ترجمة: إبراهيم عبدالله العلو/
يستخدم علماء النبات تقنيات تحوير المورثات الحديثة لفهم الثورات الزراعية السابقة مما يمهد الطريق لوصول الثورة الزراعية الجديدة.
يسعى العلماء من أطراف العالم أجمع للتغلب على التحديات المهددة للاحتياجات الغذائية للبشر والمواشي مع تنامي سكان الكوكب والتغير المناخي الذي يهدد الأمن الغذائي العالمي.
يقول العلماء أن المعرفة والوسائل اللازمة لتيسير الثورة الزراعية القادمة والتي نحتاجها إيما احتياج قد أصبحت بمتناول أيدينا.
يدرس الدكتور زاك ليبمان من مختبر كولد سبرينج الأمريكي الوضع التاريخي والراهن لعلوم النبات والزراعة ويعرض أمثلة من الأبحاث البيولوجية للسنوات الخمسين الماضية ويشير إلى الإنجازات الرئيسية في مجال الطفرات والتحويرات الوراثية والتي كانت محفزاً أساسياً للثورات الزراعية السابقة. وتشمل على سبيل المثال لا الحصر معايرة علائم الإزهار في النبات لتعديل الإنتاج واستنباط نباتات متحملة لزيادة التسميد أو المناخات المختلفة وإنتاج بذور هجينة لتعزيز النمو ومقاومة الأمراض.
اُكتشفت مثل تلك التغيرات المفيدة في البداية عن طريق الصدفة ولكن علم الوراثة الحديث كشف أن معظمها ينبع من نظامين هرمونيين: الفلوريجين الذي يتحكم بالإزهار والجبراللين الذي يؤثر على طول الساق.
يقول ليبمان لن تضطر الثورات القادمة للانتظار لحدوث الاكتشافات بطريق المصادفة في عصر التعديل الوراثي السريع والدقيق.
وبدلاً عن ذلك يمكن تهيئة الظروف للتغلب على أي من تحديات اليوم عن طريق إدخال تغيرات بنيوية أساسية في العديد من المحاصيل.
ثورات قوة الإزهار والتقزيم.
قام العلماء من أجل شرح وجهة النظر تلك بمراجعة الأبحاث التي ركزت على لحظات فارقة في التاريخ الزراعي مثل الثورة الخضراء.
كان تسميد محصول القمح لزيادة الإنتاج قبل الستينات من القرن الماضي يزيد نمو النباتات واستطالتها بشكل كبير. ومع تثاقل وزنها بالسنابل المكتنزة تتثنى السيقان وتهوي إلى الأرض وتصبح عرضة للتعفن وانخفاض الإنتاج. ولكن بعد أن قام العالم نورمان بورلوج الحائز على جائزة نوبل بالبحث في الطفرات التي تؤثر على نظام الجبريللين أصبح القمح أقصر والمحصول الذي نعرفه ونعتمد عليه اليوم.
طُبق تقزيم بورلوج أيضاً على الأرز مما ساهم بإنقاذ محاصيل كثيرة من العواصف التي كانت تودي بمواسم عديدة في السابق. أشار تكرار هذه التقنية في نبات آخر إلى نظام مركزي يتولى مسؤولية تلك الميزة.
ومن الأمثلة الجديدة في هذا السياق التغيرات الحادثة لمحصول القطن في الصين.
حول الزراع هناك هذا النبات المتلوي عادة في المزارع الجنوبية إلى نبات أكثر قوة وأسرع إزهاراً كي يناسب أجواء الصين الشمالية. ومن أجل فعل ذلك استفادوا من طفرة تؤثر على الفلوريجين الذي يحفز الإزهار وضده الفلوريجين المضاد.
يرتبط هذا النوع من التغيير بأبحاث ليبمان. حيث يعكف غالباً على دراسة نبات البندورة ويقول إن طفرة الفلوريجين المضاد في البندورة كانت الوسيط الذي حول المحصول العرائشي المتوسطي إلى جنبات متينة تزرع في الأنظمة الزراعية التي تغطي مساحات شاسعة عبر العالم.

تظهر صورة نباتات البندورة إلى اليمين ذات النمو المحدود والإزهار الغزير بسبب طفرة تحد من نموها وتزيد انتاجيتها على عكس نهج النباتات التقليدية ذات النمو العرائشي شبه المتواصل (إلى اليسار). وكذلك الأمر في طفرة تحجيم النمو في نبات القطن التي تؤدي إلى خاصية الأجراس المتجمعة والتي توفر نباتات أقصر ذات مزايا إنتاجية وزراعية متعددة.

ولكن القطن لا يشبه بأي حال من الأحوال البندورة. “إذ يختلفان من الناحية التطورية بمعيار تاريخ طور سلالة النبات. وبالرغم من ذلك فإن ما ينقل النبات من مرحلة صنع الأوراق إلى صنع الأزهار هو الشيء ذاته. “فالبرنامج المركزي محفوظ بكل عناية.”
التوليف الدقيق للثورة الزراعية.
تذكر الدراسة أن تلك المزايا هي التي تصنع الثورة الزراعية. نظام مركزي-إما الجبريللين أو الفلوريجين أو كليهما-يتأثر بطفرة مما يؤدي إلى تخليق مزايا نافعة.
ثم يأتي الشخص المناسب ويكتشف هذه الميزة.
يلي ذلك سنوات طوال من البحث المضني وتجارب الإكثار لتحوير شدة تلك الطفرة حتى تؤثر على النظام الملائم للزراعة المستديمة. ويماثل ذلك الأمر توليف آلة موسيقية للعثور على النغمة الأمثل.
لاحظ العلماء أن تقنية تحوير المورثات المسماة كريسبر تسرع عملية التوليف تلك. وتظهر أن أفضل تطبيق لتحوير المورثات لا يقتصر على توليف الطفرات الثورية الموجودة مسبقاً بل تعريف وإدخال طفرات جديدة. ويضيف ليبمان” تمكن التوليف السابق من إحداث تغيرات وراثية تتعلق بهذين النظامين المركزيين وسيحسن بلا ريب من تشكيل تنوع أكبر ضمن تلك الأنظمة وسيخفف من الجهد المطلوب للقيام بذلك التعديل وربما يحمل معه مفاجآت سارة قد تعزز بشكل أكبر إنتاجية المحاصيل أو تكيفها مع الظروف المتبدلة بشكل أسرع.”
الحمص: المحصول المستقبلي الواعد.
سوف ترسي زيادة التنوع الوراثي الأساس لثورات زراعية جديدة. وربما لا يحتاج المزارعين للانتظار لوقت طويل عبر إدخال التنوع الوراثي في هذين النظامين المركزيين والذي يحدد معظم الثورات الزراعية.
ومحصول الحمص هو أحد الأمثلة على ذلك. حيث تتوفر فرصة كبيرة لخلق تنوع وراثي أكبر مما يرفع من إنتاجية المحصول وتحسين ظروف التكيف والبقاء في الأراضي الهامشية وظروف الجفاف.
وتعتبر مقاومة الجفاف إحدى فوائد المحاصيل الثانوية والتي لم تحظى بفرصة الاستخدام الواسع.
سمحت الثورات السابقة للمحاصيل بإنتاج ثمري أكبر والنمو في مناطق جديدة كلياً. لقد حان الوقت وتوفرت الوسائل لمتابعة تلك الثورات بمحاصيل أكثر وتواتر أكبر مما سيسهم في كبح جماح الجوع في عالم أكثر اكتظاظاً وجوعاً وأقل تحضراً.
شجعت الطفرات النادرة للفلوريجين والفلوريجين المضاد والجبريللين ثورات عديدة في الماضي وسوف يولد التنوع الجديد في هذين النظامين الهرمونيين مزيداً من الفوائد الزراعية التي ستزيد بلا ريب من رفاه البشر.
المصدر:

The next agricultural revolution is here

Optimized by Optimole