التوتر يتصاعد بين إيران والولايات المتحدة لكن حتى الآن المقصود ليس حرباً

التوتر يتصاعد بين إيران والولايات المتحدة لكن حتى الآن المقصود ليس حرباً
Spread the love

بقلم: عاموس هرئيل – محلل عسكري إسرائيلي —

درجات الحرارة في الخليج الفارسي ترتفع ببطء. لكن بقدر ما يمكننا التقدير فإننا لسنا إزاء نشوب حرب بين إيران والولايات المتحدة. لقد تعهد دونالد ترامب أمام ناخبيه بالحؤول دون نشوب حروب إضافية لا لزوم لها في الشرق الأوسط، ويبدو أن هذا الوعد بين وعود حملته التي ينوي الالتزام بها.
في سورية أيضاً، قبل عامين، انتهج ترامب خطاً هجومياً عندما هدّد نظام الأسد بعد استخدامه السلاح الكيميائي ضد المدنيين- وقد نفّذ تهديده بواسطة هجوم بصواريخ كروز. لكن الأمور انتهت عند هذا الحد.
ترامب يحب القيام بمبادرات يكون لها صدى محدود زمنياً. ويبدو أنه لا يريد مواجهة عسكرية طويلة ومكلفة لا يمكن معرفة كيف ستنتهي. كذلك فإن القيادة الإيرانية حكيمة بما فيه الكفاية كي لا تنجر إلى ذلك.
ما يجري هو أنه بعد سنة تماماً من إعلان ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، بموجب نصيحة من صديقه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بدأت إيران تشعر بالضغط. كما أن تشديد العقوبات الاميركية يثقل كثيراً على الاقتصاد الإيراني، ومن المتوقع أن يزداد تأثيرها مع انتهاء الإعفاءات التي منحتها الولايات المتحدة لثماني دول استمرت في تجارة النفط مع طهران في العام الماضي.
وفي الوقت الذي احتفلت إسرائيل بذكرى استقلالها، حدثت عدة تطورات لها علاقة بالموضوع. فقد أعلنت إيران أول أمس أنها ستوقف بعد شهرين تطبيق عدة تعهدات التزمت بها، بينها إنتاج اليورانيوم المخصب والمياه الثقيلة. لا يُعتبر هذا خروجاً من الاتفاق الذي ما زال موقّعاً من خمس دول عظمى، لكن بحسب مصادر أمنية إسرائيلية، الإيرانيون يقتربون من عتبة خرق الاتفاق.
ردّ الأميركيون فوراً بإعلان تشديد العقوبات على صناعة الفولاذ الإيرانية، وفي الوقت عينه أرسلوا حاملة طائرات إلى الشرق الأوسط في أعقاب تحذيرات استخباراتية بشأن نوايا إيرانية تهدف إلى مهاجمة منشآت نفط سعودية. وقام وزير الخارجية الأميركية بزيارة خاطفة إلى العراق، من أجلها وفي اللحظة الأخيرة ألغى لقاء له مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.
الخطوات الأميركية ضد إيران لا تقتصر على المجال النووي: في الشهر الماضي زار بومبيو لبنان وحذّر حكومة بيروت من عملية إسرائيلية محتملة إذا واصل حزب الله بناء مصانع سلاح تحت الأرض بمساعدة إيرانية، في إطار” مشروع تحويل الصواريخ التي يملكها حزب الله إلى صواريخ دقيقة.
في العراق يريد الأميركيون التأكد من أن الحكومة الجديدة التي تربطها علاقات وثيقة بإيران، لن تلغي دعوة القوات الأميركية إلى البقاء على أراضيها. وما يقلق الولايات المتحدة أيضاً ازدياد نشاط الميليشيات الشيعية الموالية لإيران في غرب العراق- حيث نشرت إيران صواريخ بعيدة المدى يمكن أن تشكل خطراً في المستقبل على إسرائيل.
تبلّغ الإدارة الأميركية إسرائيل مسبقاً بمعظم الخطوات المتعلقة بإيران، ومستوى التنسيق بين القدس وواشنطن ما يزال عالياً. كما يحرص العاملون مع ترامب على المحافظة على قدر من التنسيق مع السعودية ومع الإمارات العربية المتحدة. في إسرائيل يقدّرون أن الإيرانيين يشعرون بالضغط لكنهم، على ما يبدو، يفضلون الانتظار قبل اتخاذ قرار الانسحاب من الاتفاق النووي، على أمل بفوز الديمقراطيين في سنة 2020 في الانتخابات – ويضطر ترامب إلى مغادرة البيت الأبيض بعد ولاية واحدة. قوة الضغط الناتجة من العقوبات أدّت إلى مناورة إيرانية جديدة. هذه الخطوات بالإضافة إلى التخوف الإيراني والسعودي من وقوع عمليات إرهابية إيرانية ضد صناعة النفط رفعت درجة التوترات الإقليمية بصورة شغلت إسرائيل. لكن حتى الآن لا يمكن اعتبار هذه الخطوات بمثابة دق ناقوس تحذير قبيل الحرب.

المصدر: صحيفة هآرتس الإسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole