إسرائيل تقدّم كل المساعدة لمصر لهزيمة “داعش” في سيناء

إسرائيل تقدّم كل المساعدة لمصر لهزيمة “داعش” في سيناء
Spread the love

بقلم يوسي ميلمان – محلل عسكري إسرائيلي —

تسود في أروقة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، ولا سيما لدى أجهزة الاستخبارات، خيبة أمل من عدم تمكّن الجيش المصري حتى الآن من هزيمة تنظيم “داعش” في شبه جزيرة سيناء. وخيبة الأمل هذه ناجمة أساساً عن حقيقة أنه على الرغم من أن الجيش وأجهزة الاستخبارات في مصر يحظيان في السنوات الأخيرة بمساعدات كبيرة من طرف عناصر استخباراتية غربية، وكذلك من عناصر استخباراتية إسرائيلية بحسب ما تؤكد وسائل إعلام أجنبية، فإنهما ما يزالان غير قادرين على أداء المهمة المطلوبة.
في بداية السنة الحالية قال لي عدد من كبار المسؤولين في أجهزة الاستخبارات إن التقديرات السائدة لديهم تشير إلى أن مصر ستتمكن من القضاء على النشاط الإرهابي في سيناء حتى نهاية سنة 2018 الحالية. والآن يتضح أن هذا الأمر لن يتم. مع ذلك لا يجب التقليل من أهمية الإنجازات التي حققها نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي في كل ما يتعلق بمواجهة خلايا الإرهاب التابعة لـ”داعش” في شمال شبه الجزيرة، وتحديداً في المناطق الواقعة بين رفح والشيخ زويد والعريش. وتعززت هذه الإنجازات بعد أن قامت قوات الجنرال خليفة حفتر، قائد المناطق الشرقية من ليبيا، بتسليم هشام العشماوي، الذي يُعتبر أحد أخطر الإرهابيين الذي نشطوا في تلك المنطقة في السنوات الأخيرة، إلى المصريين. وكان العشماوي ضابطاً كبيراً في القوات الخاصة التابعة للجيش المصري إلى أن انشق عنها سنة 2012، وانضم إلى تنظيم “أنصار بيت المقدس” في سيناء. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، أقسم قادة “أنصار بيت المقدس” يمين الولاء لزعيم “داعش” أبو بكر البغدادي، وغيروا اسم تنظيمهم إلى “ولاية سيناء” التابع لتنظيم “الدولة الإسلامية”.
ويمكن القول إن العشماوي كان حتى اعتقاله بمثابة العقل المدبّر والمُخطط الأكثر جرأة للعمليات الإرهابية في سيناء، والتي جرى تنفيذها ضد القوات العسكرية والأمنية المصرية وضد السكان المدنيين. وكاد العشماوي أن ينجح في اغتيال وزير الدفاع المصري في أثناء قيام هذا الأخير بزيارة إلى سيناء. ولعل أكثر العمليات الإرهابية بشاعة التي ارتكبها هي عملية قتل 300 مصلٍّ مسلم في أثناء صلاة الجمعة في مسجد بير العبد في شمال سيناء في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017. وأدت هذه العملية إلى قيام الرئيس السيسي بإعلان حرب إبادة ضد تنظيم “ولاية سيناء”، يشارك فيها الجيش المصري وكل أجهزة المخابرات والاستخبارات. وبموافقة إسرائيل تم إدخال مزيد من قوات الجيش والاستخبارات إلى سيناء. كما تجندت أجهزة استخباراتية من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا لهذه الحرب. وتؤكد وسائل إعلام أجنبية كثيرة أن كل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تجندت هي أيضاً لهذه المهمة، وهي تشمل كلاً من شعبة الاستخبارات العسكرية [“أمان”]، وجهاز الأمن العام [“الشاباك”] الذي يشرف على عمل وحدة خاصة تعمل في سيناء، وجهاز الموساد، وسلاح الجو.
ووفقاً لما نشرته مجلة المعلومات الفرنسية “إنتليجنس أوف لاين” في تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي، فإنه “على مدار 3 سنوات، عملت كل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، بما في ذلك الموساد ووحدة 8200 التابعة لوحدة “أمان”، بصورة صعبة للغاية من أجل تقديم المساعدة إلى نظرائها المصريين. وزودت وحدة 8200 كثيراً من محتويات الاتصالات في سيناء. وطلب المصريون بصورة مكثفة من سلاح الجو الإسرائيلي، بما في ذلك عبر طائرات مسيّرة من دون طيار، بقصف أهداف تابعة للجهاديين في شمال سيناء”. وأضافت المجلة نفسها أنه على الرغم من المساعدة العسكرية والاستخبارتية الكبيرة التي تقدمها إسرائيل ما تزال مصر تواجه صعوبة كبيرة في القضاء على تنظيم “داعش” في سيناء.
على صعيد آخر كشفت المجلة الفرنسية نفسها أن “أجهزة الاستخبارات في إسرائيل أجرت اتصالات مباشرة مع الجنرال خليفة حفتر من أجل القيام بتبادل معلومات استخباراتية بين الجانبين”.
لا شك في أن لدى إسرائيل كثيراً من الأسباب الوجيهة التي تدفعها إلى تقديم العون الكبير إلى مصر من أجل القضاء على الإرهاب في سيناء.
أول هذه الأسباب أن مصر هي حليف استراتيجي ومحور مهم فيما يسميه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو “التحالف السني”. والمقصود التحالف الذي يحاول كبح نفوذ إيران في منطقة الشرق الأوسط ويضعفه. وأصبح واضحاً أنه في إطار هذا التحالف السني تجري اتصالات معظمها سري، لكن بعضها علني بين إسرائيل ودول عربية أُخرى، ما عدا مصر، بينها الأردن، والإمارات العربية المتحدة، والسعودية، والبحرين، والسودان، وغيرها. وبموجب ما تنشره وسائل إعلام أجنبية تقوم إسرائيل في إطار هذه الاتصالات ببيع هذه الدول أسلحة وخدمات تقنية عالية وسايبر تساعدها على تحسين قدراتها الاستخباراتية والتجسسية.
ثمة سبب آخر يقف وراء هذا التجنّد الإسرائيلي غير المسبوق لمساعدة مصر في كل ما يتعلق بالقضاء على الإرهاب في سيناء، هو الرغبة في الحفاظ على الهدوء في منطقة الحدود الطويلة مع سيناء، والتي كانت حتى قبل سنوات قليلة مخترقة إلى حد كبير، ولا سيما قبل إقامة الجدار الحدودي.
وبطبيعة الحال هناك سبب ثالث يتعلق بحركة “حماس” وقطاع غزة. فقد كانت العناصر الإرهابية في سيناء تقيم اتصالات وثيقة مع “حماس” والجهاد الإسلامي وحركات سلفية صغيرة في القطاع، و بتهريب وسائل قتالية إلى هذه الفصائل الفلسطينية في مقابل علاج جرحاها في مستشفيات غزة.

المصدر: صحيفة معاريف الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole