“نيويورك تايمز”: البغدادي كان يدفع مبالغ كبيرة لـ”حراس الدين” لقاء حمايته

“نيويورك تايمز”: البغدادي كان يدفع مبالغ كبيرة لـ”حراس الدين” لقاء حمايته
Spread the love

تظهر ثمانية إيصالات مؤرخة من أوائل عام 2017 إلى منتصف عام 2018 مدفوعات “داعش” لأعضاء “حراس الدين” لقاء خدمات أمنية وإعلامية ورواتب ونفقات لوجستية.

ترجمة: د. هيثم مزاحم – نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريراً حول العلاقة السرية بين تنظيمي “داعش” و”حراس الدين” وكيف تمكن “داعش” من اختراق خصمه اللدود وكيف كان يدفع له مبالغ كبيرة كرواتب ونفقات لقاء خدمات إعلامية وأمنية ولوجيستية. والآتي ترجمة نص التقرير:

تمكن زعيم “داعش” أبو بكر البغدادي من الاختباء في جزء غير مرجح من سوريا، يعتبر قاعدة جماعة منافسة، لأنه كان يدفع أموال الحماية لأعضائه، وفقاً لإيصالات مدفوعات وجدها الأميركيون.

وقد أوضحت الإيصالات، التي تتبع نموذجاً لحسابات “داعش” الدقيقة، أن المجموعة دفعت ما لا يقل عن 67000 دولار لأعضاء من تنظيم “حراس الدين”، وهو فرع غير رسمي لتنظيم القاعدة وعدو لتنظيم “داعش”.

قال اثنان من المسؤولين الأميركيين يوم الأربعاء إن المجموعة المتنافسة أبقت سر البغدادي، لكنه في النهاية تعرض لخيانة أحد المقربين، مما أدى إلى مقتله في غارة للقوات الأميركية الخاصة في نهاية الأسبوع الماضي.

وظهرت تفاصيل جديدة أخرى حول الغارة يوم الأربعاء، بما في ذلك أن القوات الأميركية استعادت عدداً من أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف المحمولة من مجمع البغدادي، وأنه وفقاً للبنتاغون، قُتل ستة أشخاص آخرين في المجمع، إلى جانب البغدادي والطفلين اللذين اصطحبهما معه عندما فجّر سترة ناسفة.

أمضى البغدادي شهوره الأخيرة في فيلا معزولة في باريشا، وهي قرية في جزء من محافظة إدلب تهيمن عليها الجماعات “الجهادية” المتناحرة وعلى بعد مئات الأميال من أراضي “داعش” السابقة على طول الحدود بين سوريا والعراق.

كان ينبغي أن يكون مكاناً غير مضياف لزعيم تنظيم “داعش”، أقل بكثير من ملجئه الأخير لأنه أصبح أحد أكثر الرجال مطاردة في العالم. فقد قتل أعضاء من “حراس الدين” على أيدي أفراد داعش.

وأصدر البنتاغون يوم الأربعاء لقطات جديدة تُظهر الهجوم الذي شنته القوات الخاصة الأميركية على المجمع الذي كان يختبئ فيه زعيم “داعش” أبو بكر البغدادي.

ويبدو أن دفتر الإيصالات، الذي عثر عليه في سوريا بواسطة جهات اتصال، أسعد المحمد، وهو عميل استخبارات أميركي متقاعد، يشبه العشرات من الدفاتر الأخرى التي تركها بيروقراطيو تنظيم “داعش” في المكاتب التي شغلوها كإدارة كانوا يديرونها ذات يوم في إطار دولة “الخلافة”.

يحتوي الدفتر على ثمانية إيصالات مؤرخة من أوائل عام 2017 إلى منتصف عام 2018 تُظهر مدفوعات “داعش” لأعضاء “حراس الدين” لقاء خدمات أمنية وإعلامية ورواتب ونفقات لوجستية. وقد صدرت الإيصالات تحت شعار وزارة الأمن في “الدولة الإسلامية” (داعش)، وقّع عليها رجال تم تحديدهم كمسؤولين عن “حراس الدين”.

أحد الإيصالات الصادرة في صيف عام 2018 يقول إن المبلغ المطلوب هو 7000 دولار “لدفع تكاليف إعداد الأخوة القادمين من محافظة الخير”، وهو الاسم الذي أطلقه “داعش” على المنطقة المحيطة بدير الزور في شرق سوريا. كانت المنطقة واحدة من آخر أجزاء سوريا التي احتلها مقاتلو المجموعة قبل خسارتهم لها في وقت سابق من هذا العام.

أشار الإيصال إلى أن “حراس الدين” كان يساعد في نقل مقاتلي “داعش” إلى خارج المنطقة حيث تعرضوا لضغوط من ميليشيا بقيادة كردية تدعمها الولايات المتحدة.

وقال المحمد، وهو الآن زميل باحث أقدم في برنامج جامعة جورج واشنطن للتطرف، إن الإيصال أظهر أيضاً أنه في وقت كانت فيه المجموعتان تعتبران عدوين، “يبدو أن داعش يحاول اختراق “حراس الدين”.

قال أيمن جواد التميمي، وهو باحث سوري مستقل، إن السجلات لا تشير إلى وجود تحالف على المستوى التنظيمي بين المجموعتين.

واستشهد ببيان علني صادر عن “حراس الدين” في شباط / فبراير الماضي دعا أعضاءه إلى تجنب الاتصال بأعضاء “داعش”، وإعلان “داعش” في رسالته الإخبارية الأسبوعية في نيسان / أبريل 2018 يقول إن أعضاء حراس الدين يجب إقصاؤهم. لكن إذا كانت المستندات أصلية، فإنها توضح وجود قناة خلفية تم فيها تحويل الأموال بين فرع الأمن في “داعش” والأعضاء رفيعي المستوى في “حراس الدين”.

وقد وافق المحمد على مراجعة الإيصالات الثمانية وخلص إلى أنها لا تبدو مزورة، بناءً على المصطلحات التي يستخدمونها وعلامات الإيصال، والتي تطابق سجلات “داعش” الأخرى.

وفي حين أن الإعلان عن مقتل البغدادي يوم الأحد قد فاجأ الكثيرين، كانت هناك مؤشرات حتى شباط / فبراير الماضي على أن “داعش” لم يخترق فقط منافسه في محافظة إدلب، بالقرب من الحدود التركية، ولكنه بدأ في استخدامه كملجأ.

في أوائل شباط / فبراير الماضي، عندما تم تقليص خلافة “داعش” إلى قطعة أرض بحجم حديقة “سنترال بارك” (في نيويورك)، أوقفت “قوات سوريا الديمقراطية” المدعومة من الولايات المتحدة تقدمها مؤقتاً وفتحت خطاً للاتصال مع “داعش”. في المفاوضات التي تلت ذلك، طالب قادة “داعش” بالمرور الآمن لمقاتليهم الباقين إلى إدلب، وذلك وفقاً للقادة الذين أطلعوا على الأمر، مشيرين إلى أنهم ربما يكونوا قد حصلوا على موطئ قدم هناك بالفعل.

وقال المسؤولان الأميركيان، اللذان تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتيهما لمناقشة المعلومات السرية، إن البغدادي وصل إلى المجمع في إدلب بحلول تموز / يوليو الماضي.

لمدة ثلاثة أشهر ونصف الشهر حتى غارة نهاية الأسبوع الماضي، حافظت الاستخبارات الأميركية على المراقبة في المنطقة، واعتبرت في البداية أنه من الخطر للغاية بالنسبة للقوات الخاصة أن تدخل بسبب وجود جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة ولأن روسيا والحكومة السورية تسيطران على المجال الجوي.

بعد أن أعلن الرئيس ترامب الانسحاب المفاجئ للقوات الأميركية من شمال سوريا قبل أسبوعين، جرى الاندفاع إلى تنفيذ لأن البنتاغون كان يخشى أن تفقد الولايات المتحدة رؤية البغدادي.

على الرغم من أن “داعش” كانت تدفع لأعضاء الخلية المرتبطة بالقاعدة للحماية، إلا أن البغدادي تعرض للخيانة من قبل أحد الأشخاص القلائل الذين يثق بهم، على حد قول المسؤولين الأميركيين.

لم يتم الكشف عن هوية المخبر بسبب المخاوف على سلامته. لكن شخصاً مطلعاً على مجريات الأحداث وصفه بأنه “صديق مقرب للغاية من البغدادي وكان يثق به”.

تم تجنيد المخبر من قبل ذراع الاستخبارات التابع للميليشيا التي يقودها الكرد، “قوات سوريا الديمقراطية”، والتي كانت لها اتصالات واسعة في المنطقة. كان المخبر أيضاً هو الذي سرق زوجاً من ملابس البغدادي وحصل على عينة دم لفحص الحمض النووي للتأكد من أن الهدف قيد المراقبة كان البغدادي، بحسب قول قائد الميليشيا مظلوم عبدي، لصحيفة “نيويورك تايمز”.

قال العديد من أعضاء “داعش” الذين رأوا البغدادي في السنوات الخمس الماضية إنه أصبح مصاباً برهاب إزاء احتمال أن تكون دائرته الداخلية قد اخترقت إلى درجة أنه أوكل أمنه إلى حفنة من المساعدين المقربين وأفراد عائلته الكبيرة.

كان البغدادب واحداً من خمسة أبناء وبنات لزوجين سنّيين من قرية الجلام في وسط العراق.

جاء مقتل البغدادي بعد يوم تقريباً من مقتل أبو حسن المهاجر، الناطق الرسمي باسم “داعش” والشخصية العامة الوحيدة المعروفة الأخرى داخل التنظيم، الذي قتل في غارة جوية بالقرب من بلدة جربلس السورية.

يعتقد المسؤولون الأميركيون، فضلاً عن المحللين الذين يتتبعون المجموعة عن كثب، أن أحد زملاء البغدادي المعروف باسم حجي عبد الله (العفاري) قد يتم تعيينه كزعيم للجماعة. وقد أعلنت وزارة الخارجية الأميركية مؤخراً عن مكافأة قدرها خمسة ملايين دولار مقابل معلومات تؤدي إلى القبض عليه، ووصفته بأنه أحد أكبر المنظّرين في التنظيم، الذين لعبوا دوراً مباشراً في تنظيم وتبرير اغتصاب واستعباد “داعش” للنساء من الأقلية اليزيدية في العراق.

لم يعترف “داعش” بعد بمقتل البغدادي ولم يعلن عن خليفة له. ويوم أمس الأربعاء، أطلق الذراع الإعلامي للتنظيم، الفرقان، الذي ينشر عادة رسائل من قادة “داعش”، تنبيهاً يقول إن إعلاناً سيصدر “قريباً”.

مع ازدياد عدد قادة داعش الذين قتلوا في السنوات الأخيرة، وصف المحللون وجود فجوة سوداء فيما يتعلق بفهم قيادتها للبغدادي. وقال المسؤولون الأميركيون إن أحد أهدافهم المباشرة هو البدء في تحليل البيانات الموجودة في حوالى 5 إلى 6 هواتف، و2 إلى 4 أجهزة كمبيوتر محمولة وحفنة من محركات التخزين الالكترونية الموجودة في المجمع الذي قتل فيه البغدادي.

وقال المسؤول الحالي إن البيانات كانت أقل بكثير من تلك التي تم الحصول عليها في أبوت آباد، باكستان، خلال الغارة التي أسفرت عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. ومع ذلك، يمكن أن تكون هذه البيانات النافذة الأكثر أهمية لفهم عمل “الخليفة” الغامض والمنظمة التي تركها وراءه.

في مؤتمر صحافي يوم الأربعاء، قال البنتاغون إن ستة أشخاص، بينهم أربع نساء من تنظيم “داعش”، قتلوا في الغارة على فيلا البغدادي.

وقال الجنرال كينيث ماكنزي، قائد القيادة المركزية للولايات المتحدة، إن الستة لم يستسلموا عندما أمروا بالقيام بذلك باللغة العربية، وإن فريق الغارة خشى أن يكونوا يرتدون سترات معدة للتفجير الانتحاري.

أطلق عدد غير محدد من المقاتلين الآخرين خارج المجمع، قال عنهم الجنرال ماكنزي إنه لا يعتقد أنهم أعضاء في تنظيم “داعش”، النار على المروحيات الأميركية. وقال إن هؤلاء المقاتلين قتلوا في غارات جوية أميركية.

وقال إن البغدادي أخذ معه طفلين – وليس ثلاثة كما قال المسؤولون أصلاً – في نفق مسدود حطمته القوات الأميركية، وقُتل كلا الطفلين عندما فجر البغدادي سترته الانتحارية.

لم يصدر البنتاغون بعد اسم الكلب العسكري الذي طارد البغدادي في النفق، لكن الجنرال ماكنزي قال إن الكلب أصيب بصعقات كابلات كهربائية. ومنذ ذلك الحين عولج الكلب وعاد إلى الخدمة.

عن الميادين نت

Optimized by Optimole