معاريف: بايدن تبنى مبدئياً تطبيع العلاقات مع العالم العربي والدفع قدماً بتسوية مع الفلسطينيين أيضاً

معاريف: بايدن تبنى مبدئياً تطبيع العلاقات مع العالم العربي والدفع قدماً بتسوية مع الفلسطينيين أيضاً
Spread the love

شجون عربية / زلمان شوفال – سفير سابق

إن الدافع الأساسي للزيارة المرتقبة للرئيس جو بايدن إلى الشرق الأوسط هو ترميم العلاقات مع السعودية التي تراجعت إلى الصفر بعد مقتل جمال الخاشقجي، وخصوصاً منذ دخول بايدن إلى البيت الأبيض، وذلك كي يضمن تزويد السعودية الغرب بالنفط وخفض أسعاره بهدف لجم صعود التضخم.

ونظراً إلى أن العلاقات مع السعودية ومع حاكمها الفعلي محمد بن سلمان لا تزال باردة في نظر قسم كبير من أعضاء الكونغرس من الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء، اقترح الرئيس الأميركي جولته المخطط لها في الأساس كخطوة من أجل إسرائيل، وأعلن أنها ستتضمن “قمة كبيرة لها علاقة بالأمن القومي للإسرائيليين”. ورداً على الأسئلة أجاب بأن لديه “خطة تتعلق بموضوعات أكبر بكثير من أسعار الطاقة”.

وفي محطة انتقالية في إسرائيل سيلتقي بايدن رئيس الحكومة، ويجوز الافتراض أنه سيلتقي أيضاً صديقه بنيامين نتنياهو. وعلى الرغم من أننا لا نعرف ما هي خطة بايدن، فإنه يمكن التقدير أنها تتمحور حول خطوات هدفها توطيد العلاقات مع العالم الإسلامي ومع السعودية بصورة خاصة، وستركز على موضوعات أمنية معينة. وعلى الرغم من أن المصلحة الأساسية للولايات المتحدة حالياً هي في مجال الطاقة، فإن للسعودية والإمارات أهدافاً أكبر وأكثر تعقيداً.

تتوقع السعودية والإمارات أن تضع الولايات المتحدة حداً للتوجهات السلبية، في نظرهما، لسياستها في السنوات الأخيرة بشأن موضوعات، مثل النووي الإيراني، والحرب في اليمن، وإرهاب الحوثيين، الذين أزالت الولايات المتحدة تنظيمهم من قائمة التنظيمات الإرهابية. كما تتوقع الدولتان من الولايات المتحدة استئناف تزويدهما بصواريخ دقيقة مضادة للصواريخ. ومن أجل إرضاء الرأي العام الأميركي سيطرح بايدن على بن سلمان موضوع حقوق الإنسان في المملكة، لكن هذا لن يحتل مكاناً مركزياً في المحادثات.

على الصعيد الأمني، تأمل الرياض والإمارات أن تنشىء أميركا منظومة دفاع جوي إقليمي، وربما إطاراً دائماً للدفاع عن الشرق الأوسط. ولقد برزت في واشنطن تلميحات إيجابية، لكن من الواضح أن بايدن لا يمكنه أن يتعهد في هذه المرحلة بأي خطة تفصيلية من دون أن تتوضح التفاصيل، سواء من الناحية العملية أو من ناحية التداعيات السياسية والقانونية.

وحتى لو اتضح أن هذه التوقعات مبالغ فيها وسابقة لأوانها، فالتلميحات من واشنطن بأنها لن تتخلى عن الشرق الأوسط – وهي تقر بالمخاوف الأمنية لحلفائها – تعتبر تطوراً إيجابياً. بالإضافة إلى ذلك، فإن بايدن، ومن خلال قرار الزيارة بحد ذاته (التي بحسب علمنا كان دنيس روس مشاركاً في تنظيمها)، يعبر عن تحفظة على توجهات اليسار التقدمي – والذي من أبرز الناطقين باسمه، الصحافي والكاتب بيتر باينتر وبن رودس، اللذان كانا مستشارين سابقين للرئيس أوباما وعبرا عن معارضتهما لسلوك أميركا في الشرق الأوسط وتأييدها لحلفائها وبينهم إسرائيل.

وفي الموضوع الإيراني تريد السعودية والإمارات أن توضح الولايات المتحدة لطهران أن السباق إلى القنبلة يمكن أن يواجَه بخطة عسكرية أميركية، لكن ثمة شك في أنهما سيحصلان على رد إيجابي. وتشير الأجواء السائدة في الإدارة الأميركية إلى استعداد مبدئي لمساعدة دول المنطقة على الدفاع عن نفسها في مواجهة السياسة الإيرانية، لكن ليس بالضرورة بالحجم الذي تريده هذه الدول. ويدّعي المشككون أن التعهدات الأميركية لدول المنطقة هدفها تهدئة معارضة هذه الدول للاتفاق النووي، الذي لا تزال الولايات المتحدة مصرة على الدفع به قدماً.

وتتطابق أغلبية هذه الموضوعات مع المصالح السياسية والأمنية الإسرائيلية، ومن الواضح أيضاً للحاكم السعودي أن التقرب من إسرائيل لا يشكل مكوناً سياسياً مهماً بالنسبة إلى بايدن فحسب، بل إن لإسرائيل مساهمة مهمة في كل ما يتعلق بالاستعدادات الأمنية المخطط لها في المنطقة. عموماً، يطمح محمد بن سلمان إلى أن ترى الولايات المتحدة فيه الزعيم العصري الذي يدفع قدماً بمملكته نحو العصر الحديث.

ومن سخرية التاريخ أن “اتفاقات أبراهام” التي حققها ترامب ونتنياهو وتعامل معها بايدن وأنصاره، حينما كانوا في موقع المعارضة، بشيء من التحفظ، تحولت إلى الأساس السياسي الملموس لكل الخطوات التي يجري التخطيط لها. إذ يتبنى بايدن، مبدئياً وليس رسمياً، توجه نتنياهو وترامب بشأن تطبيع العلاقات مع العالم العربي، لكنه يريد أيضاً الدفع قدماً بتسوية مع الفلسطينيين من دون التخلي عن حل الدولتين. لا يمكن أن نتوقع من السعودية، التي هي قلب العالم الإسلامي السني، أن تنضم إلى “اتفاقات أبراهام”، لكن مشاركتها الواقعية مهمة بالقدر عينه. ومن الواضح أنه في الاتصالات التي جرت حتى الآن، وفي حديث بايدن مع بن سلمان، ستضاف موضوعات أُخرى تعبر عن رغبة الرئيس بايدن في “توطيد العلاقات بين إسرائيل والدول العربية”.

سيلتقي بايدن في جدة زعماء السعودية والإمارات وعُمان والكويت وقطر ومصر والأردن وربما أيضاً زعماء دول عربية أُخرى. ولم تشمل الدعوة إسرائيل ولا العراق الذي أعلن مؤخراً أنه سيحكم بالإعدام على كل من يقيم علاقات مع إسرائيل. وفي موازاة الاجتماع الذي ذكرناه ستُعقد قمة افتراضية بين الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات والهند.

Optimized by Optimole