محلل إسرائيلي: الأنفاق – مرحلة أولى في الطريق إلى معالجة الخطر الكبير الحقيقي

محلل إسرائيلي: الأنفاق – مرحلة أولى في الطريق إلى معالجة الخطر الكبير الحقيقي
Spread the love

بقلم: رون بن يشاي – محلل عسكري إسرائيلي

في هذه المرحلة، تشير التقديرات في إسرائيل إلى أنه من غير المتوقع حدوث تصعيد حربي في الشمال. وذلك لأن الجيش الإسرائيلي يعمل حالياً للكشف عن نفق وربما عن أنفاق وتدميرها في منطقة المطلة. لكن أعماله تجري داخل أراضينا، وليس لدى حزب الله أو حكومة لبنان أي ذريعة للإدعاء أن إسرائيل تعمل داخل أراضيهم، أو تقوم بعملية هجومية ما.

السبب الثاني، لقد فوجىء حزب الله. إن حفر النفق الهجومي الممتد إلى داخل أراضي إسرائيل جرى بصمت، وعلى عمق دفع حزب الله إلى الاعتقاد أن إسرائيل لن تكتشف هذا الجهد تحت الأرض. سيحتاج الحزب إلى عدة أيام كي يقوم بتقدير الوضع، واتخاذ قرار بالتحرك أم لا.

السبب الثالث لعدم توقع نشوب حرب في هذه المرحلة، هو أن العثور على نفق هجومي داخل أراضي إسرائيل يحرج حكومة لبنان، وحزب الله، ورعاته الإيرانيين في الساحة الدولية. وليس من مصلحة حزب الله تصعيد الحادث، لأن ذلك سيؤدي إلى تحرك دولي بقيادة الولايات المتحدة وفرنسا لإدانة لبنان، وربما فرض عقوبات عليه.

السبب الرابع، وربما هو الأكثر أهمية من غيره: إذا حاول حزب الله عرقلة البحث عن الأنفاق بواسطة إطلاق صواريخ على أراضينا، فإن إسرائيل يمكن أن توسع العملية بحيث تشمل كل الأراضي اللبنانية، لضرب جهود إيران في إقامة مصانع يجري فيها تحسين ترسانة الصواريخ والقذائف لدى حزب الله الذي يتخوف هو والإيرانيون كثيراً من نشوء مثل هذا الوضع.

في هذا السياق، نذكر اللقاء الذي جرى يوم الثلاثاء بين رئيس الحكومة وزير الدفاع نتنياهو ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في بروكسيل في بلجيكا. الاجتماع الذي تقرر على عجل، شارك فيه رئيس الموساد يوسي كوهين، ورئيس مجلس الأمن القومي مئير بن شافات، وسكرتير نتنياهو العسكري. وجاء في البيان الختامي أن الاجتماع عالج كبح النشاطات الإيرانية في الشمال، بما في ذلك في لبنان والعراق. لكن من المنطقي التقدير بصورة أكيدة أن نتنياهو هو الذي طلب عقد الاجتماع ليحذّر أمام الولايات المتحدة من أن بدء أعمال البحث عن الأنفاق يمكن أن يتطور إلى حرب واسعة إذا حاول حزب الله الوقوف ضدها. كما كان الهدف من الاجتماع نفسه التلويح لجميع الأطراف التي تعمل إلى جانب إيران وبحماية إيران في الشمال، بأن إسرائيل لن تقبل بحفر أنفاق هجومية تمتد إلى أراضيها، وبتحسين دقة المخزون الضخم من الصواريخ والقذائف الذي يملكه حزب الله الذي يملك 120-150 ألف صاروخ وقذيفة معدّة للاستخدام في جميع أنحاء لبنان، بما فيها جنوب لبنان.

الضغط سيزداد

قبل بضع سنوات أعلن نصر الله أن حزبه ينوي “احتلال الجليل”. ونُشرت في مواقع قريبة من الحزب “خريطة عمليات” تصور كيف ينوي حزب الله التسلل إلى إسرائيل عبر عدد من محاور الطرق من الشمال وإلى الجنوب، واحتلال جزء كبير من الجليل الغربي والشرقي بين المطلة ورأس الناقورة. تعاملت إسرائيل مع هذه الخطط بجدية كبيرة، وتقرر نتيجة ذلك إقامة عائق على طول الحدود الشمالية، يجعل من الصعب على حزب الله التسلل والقيام بعملية برية.

قبل أيام ندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في تقرير قدمه إلى حكومة إسرائيل بإقامة العائق- الذي يشمل جداراً- في مقاطع معينة من الحدود اللبنانية. وادعى أن العائق يخلق توتراً على الحدود. وفي التقرير عينه ندد غوتيريش أيضاً بعدم احترام الحكومة اللبنانية التفاهمات واتفاقات وقف النار التي أنهت حرب لبنان الثانية في سنة 2006.

الآن، وبعد عثور إسرائيل على أنفاق هجومية تصل إلى أراضيها، وتأكيد وجودها، سيضطر غوتيريش إلى التطرق إلى الموضوع، وسيزداد الضغط الدولي على لبنان. ومن المعقول الافتراض أن الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا ودول أُخرى في الغرب، بينها الاتحاد الأوروبي، سيضغطون الآن على حزب الله وإيران ليس فقط كي يوقفوا حفر أنفاق تمتد إلى داخل أراضي إسرائيل – ما يُعتبر عملاً عدائياً واضحاً بحد ذاته – بل أيضاً وقف نشاطاتهم في المصانع لتطوير الصواريخ والقذائف وجعلها أكثر دقة.

بالنسبة إلى إسرائيل، لم تعد الأنفاق عملياً تشكل تهديداً منذ اللحظة التي جرى العثور عليها، لكن التهديد الكبير والحقيقي هو دقة وتطوير الصواريخ والقذائف التي إذا نشبت حرب ستلحق خسائر ودماراً كبيراً بإسرائيل – المنظومات الاعتراضية لا تكفي لمواجهة صواريخ كثيرة مزودة بأجهزة توجيه دقيقة، ويمكنها أن تصيب أهدافاً عسكرية حيوية وأهدافاً مدنية كثيرة. يتعين على إسرائيل أن تمنع حدوث ذلك بأي ثمن. قصة الأنفاق يمكن أن تساعد في المواجهة الدبلوماسية، وربما تسمح أيضاً بعملية عسكرية في مواجهة التهديد الأساسي.

لا يمكن عدم التطرق إلى ادعاءات المدنيين من سكان مستوطنات الحدود الشمالية أنهم سمعوا أصوات حفر أنفاق تحت منازلهم. هم الآن سيقولون كنا “على حق”، لكن الحقيقة هي أن الأنفاق حفرها حزب الله بطريقة تسمح لعناصره بالخروج من النفق بصورة نظامية، وبعد ذلك مهاجمة مستوطنات.

ما دفع حزب الله إلى حفر الأنفاق هو فعلياً العائق الذي بنته إسرائيل، وما تزال تواصل بناءه فوق أراضيها. فقد أدرك أن إسرائيل تتحرك لشن عملية عسكرية فوق الأراض، ولذا، مثل “حماس” بدأ بحفر أنفاق في صخر الجليل القاسي. لقد كان حدس السكان صحيحاً، لكنهم لم يسمعوا حفر الأنفاق كما ادعوا.

حفر حزب الله الأنفاق على الحدود الشمالية ليس عملية بسيطة بسبب طبيعة الأرض. فبينما تحفر “حماس” في الجنوب في أرض طينية ممزوجة بالرمل من السهل حفرها حتى بملعقة، في الشمال الأرض مكونة من الصخر الجيري، الحفر فيها صعب ويتطلب استخدام آلات ومعدات تصدر ضجة كبيرة ومن السهل ملاحظتها. لذلك حاول حزب الله حفر الأنفاق في مناطق الأودية حيث سماكة الأرض عادية ويمكن حفر الأنفاق فيها بسهولة أكبر.

على أي حال، يمكن الافتراض أن أساليب العمل والوسائل التي طُورت من أجل العثور على الأنفاق على الحدود مع غزة كانت ملائمة أيضاً في حالة الحدود الشمالية، وسمحت بالعثور على الأنفاق، وتحديد مساراتها – وتدميرها.

المصدر: موقع “Ynetالإسرائيلي، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

Optimized by Optimole