مؤشر الديقراطية 2018: ولادة شرخ جديد في إسرائيل

مؤشر الديقراطية 2018: ولادة شرخ جديد في إسرائيل
Spread the love

بقلم شوكي فريدمان – مدير مركز قومية، دين ودولة في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية —

إذا كنا نتحدث حتى الآن عن توتر بين العرب واليهود، وبين المتدينين والعلمانيين، وبين يمين سياسي ويسار سياسي، فإن نتائج مؤشر الديمقراطية الذي أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية لسنة 2018 يكشف عن ولادة شرخ مهم جديد: الشرخ الديمقراطي. في دولة إسرائيل 2018 يوجد شرخ مركزي يزداد حدة هو مسألة تعريف الدولة: ما هي الديمقراطية.
لم يحدث هذا فجأة. النظرة العميقة إلى النزاعات الأخيرة في الكنسيت وفي الساحة العامة شكلت مؤشرات واضحة على ذلك: الصراع حول قانون القومية وإزالة المكون الديمقراطي الذي يميز الدولة منه؛ والصراع حول مكانة المحكمة العليا والرقابة القانونية التي تمارسها على قوانين الكنيست؛ والصراع على مكانة من يخدم الجمهور في مواجهة السياسيين؛ والصراع بشأن مكانة حقوق الإنسان التي تتجاوز المكونات الأكثر حيوية في الديمقراطية – كل هذه هي صراعات حول الديمقراطية نفسها.
تشير نتائج مؤشر الديمقراطية التي نشرت اليوم [يمكن مراجعة تفاصيله في نشرة عدد اليوم] إلى عمق الشرخ الديمقراطي في إسرائيل. ويظهر في كل أجزاء المؤشر أن كتلتي اليسار والوسط من جهة، وكتلتي اليمين والمتدينين من جهة أخرى، لديهما نظرة مختلفة تجاه الديمقراطية، وتجاه دولة إسرائيل. تعتقد أغلبية كبيرة من ناخبي اليمين (65%) أن وضع الديمقراطية في إسرائيل جيد أو جيد جداً، بينما أقلية من ناخبي الوسط واليسار (20%) تعتقد أن هذا هو وضع الديمقراطية في إسرائيل؛ وأغلبية ناخبي اليسار (75%) ونصف ناخبي الوسط (48%) يعتقدون أن الديمقراطية في إسرائيل في خطر كبير، مقابل أقلية يمينية (23%) تعتقد كذلك.
في نفس الخط، كلما كان الذين أجابوا على الاستطلاع يعتبرون أنفسهم متدينين، كلما كانوا واثقين من أن الديمقراطية في إسرائيل ليست في حالة سيئة. وفي الوقت الذي تعتقد أغلبية العلمانيين (57%) أن الديمقراطية في خطر، فإن أقلية فقط من المتدينين التقليديين تعتقد كذلك؛ أغلبية ناخبي اليمين (حوالي 60%) يعتقدون بأنه يجب منع محكمة العدل العليا من استخدام صلاحيتها لإبطال قوانين في الكنيست، مقابل أقلية (حوالي 30%) من ناخبي الوسط واليسار؛ ورداً على سؤال هل من المحتمل أن تكون وسائل الإعلام تصور الوضع سيئاً إلى هذا الحد؟ أغلبية ناخبي اليمين (70%) تعتقد أن وسائل الاعلام تصور الوضع أسوأ مما هو عليه فعلاً، بينما فقط نصف ناخبي الوسط وأقلية (28%) من ناخبي اليسار يعتقدون كذلك.
تجلى الشرخ الديمقراطي أيضاً في عدم الاتفاق على قيمة ديمقراطية أساسية، مثل الحق في الانتخاب ومساواة الشريك في اتخاذ القرارات. تعتقد أغلبية اليهود الذين يعرّفون أنفسهم كتقليديين أو متدينين (أي نصف الأغلبية السكانية اليهودية) أنه يجب عدم إعطاء حق التصويت لمن يرفض الإعلان أن إسرائيل هي دولة قومية للشعب اليهودي. وأقلية فقط من العلمانيين توافق على ذلك. تعتقد أغلبية اليمين وأيضاً أغلبية ناخبي الوسط أن القرارات المصيرية السياسية المهمة يجب أن تتخذها فقط أغلبية يهودية. وأقلية من ناخبي اليسار يعتقدون كذلك. تجلى الشرخ بين اليمين والمتدينين، وبين اليسار والوسط، بوضوح أيضاً في مسألة العلاقة بين الطابع اليهودي للدولة والطابع الديمقراطي. بصورة عامة في الوقت الذي يريد اليمين والمتدينون أن تصبح إسرائيل دولة أكثر يهودية مما هي عليه الآن، يريد الوسط واليساريون دولة أكثر ديمقراطية.
على الرغم من هذا كله تجدر الإشارة إلى أن الإسرائيليين يحترمون دولتهم وفخورون بأنهم يشكلون جزءاً منها. وتعتقد أغلبية اليهود أن وضع إسرائيل جيد أو جيد جداً، وأغلبية مطلقة من اليهود (88%)، وحتى أغلبية العرب فخورون لكونهم إسرائيليين.
ليست جميع هذه المعطيات جديدة، لكن التوجه الذي تعبر عنه واضح. في إسرائيل تزداد الهوة بين اليسار – الوسط وبين اليمين بشأن مسألة تحدد بصورة أساسية الدولة: ما هي الديمقراطية. بينما يتطلع اليمين والمتدينون إلى ديمقراطية أقل مما هي عليه اليوم، وهم مستعدون للتنازل عن قيم أساسية وتغيير التوازن بين سلطات الحكم، يطالب اليسار بالمحافظة، بل تزخيم، الديمقراطية أكثر مما هي عليه حالياً، وتحويل إسرائيل إلى ديمقراطية أكثر ليبرالية.
من الواضح أن الشرخ الديمقراطي سيتحول إلى محدد أساسي للخلافات السياسية في إسرائيل في السنوات المقبلة.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole