تقرير يثير أسئلة صعبة بشأن أهلية الجيش الإسرائيلي لخوض قتال

تقرير يثير أسئلة صعبة بشأن أهلية الجيش الإسرائيلي لخوض قتال
Spread the love

بقلم عاموس هرئيل – مراسل عسكري إسرائيلي —

•الجنرال (احتياط) يتسحاق بريك، بدأ أمس (الاثنين) جولة توديع مهمته كمندوب تلقي تصحيحات شكاوى الجنود بنشر التقرير السنوي العاشر والأخير لفترة توليه منصبه. وهو تقرير قاس، فتّاك في جزء منه، عن سلوك الجيش. إن ميل التنظيمات الكبيرة في ظروف كهذه، هو نحو رفض الانتقادات – إنكار جزء من الادعاءات واتهام المنتقدين من الخارج بعدم الفهم. وفي حالتنا هذه، يحسن وزير الدفاع ورئيس الأركان صنعاً إذا فعلا العكس، وانتبهوا جيداً لملاحظات المندوب المنتهية ولايته.

•لقد قدم بريك أمس التقرير للجنة الخارجية والأمن في الكنيست. وفي الظهيرة، عقد مؤتمراً صحفياً في وزارة الدفاع في تل أبيب. وفي كلتا المناسبتين، خصص جزءاً كبيـراً من أقوالـه الافتتـاحية للتجربة التي كان لهـا الأثـر الأكبــر في حياتـه وتوجيهه – تجربته في حرب يوم الغفران [1973]. كان قائد سرية دبابات في كتيبة من الجيش الاحتياطي. ومن أصل أكثر من 200 مقاتل بقي قادراً على الوقوف في نهاية الحرب سبعة فقط، بينهم ضابط واحد فقط، هو بريك. 84 من مقاتلي الكتيبة قُتلوا وأكثر من مئة جُرحوا. بريك نفسه جُرح مرتين، استبدل سبع دبابات خلال الحرب وأُنعم عليه في نهايتها بوسام الشجاعة.

•قال أمس، هذه هي زاوية النظر التي من خلالها ينظر للأمور، أيضاً بعد نحو 45 سنة: أن يضمن ألا تعود الدولة والشعب إلى ارتكاب الأخطاء التي قادت إلى مأساة حرب 1973. وهذه هي الزاوية التي يريد منتقدوه حجبها اليوم. إنهم يقدرون بطولته حينها، واستقلالية تفكيره الآن، ولكن في الوقت نفسه يلمحون إلى أن مواقفه باتت قديمة، وأنه متأثر أكثر من اللازم بتجربته في الحرب ويحاكم الواقع الواقع الحالي بأدوات غير ذات صلة. وعندما يجادل بريك في اللجنة بشأن عدد الدبابات الضرورية للجيش، ويشكو من أضرار تقصير مدة الخدمة العسكرية الإلزامية، ويقول أنه مذهول لأن الجنود الاحتياطيين لا يُطلب منهم تنظيف سلاحهم الشخصي في نهاية التدريبات، عندما يفعل ذلك من الممكن رؤيته خطأ كرجل ينتمي إلى الماضي.

•ولكن الانتقادات التي يوجهها المندوب لا تستند فقط إلى تجربته القتالية، وإنما إلى ما يفعله كل أسبوع طيلة السنوات العشر الأخيرة: سلسلة طويلة من الزيارات لكل وحدات الجيش ومحادثات مباشرة مع جنود، كان يمكن أن يكونوا أحفاده.

•ومنذ توليه مهام منصبه تبنّى مقاربة رحبة. ليس فقط معالجة تفصيلية لشكاوى شخصية، وإنما تقصّي مشاكل كبيرة وحلها (في الجيش المسؤولون أقل حماسة، ويعلقون قائلين أن تفحص الشكاوى – بخلاف الإجراءات التي يستوجبها توجيه النقد – لا يتيح التوصل إلى استنتاجات بشأن إطارات واسعة). ولكن بريك هو الشخص الذي حثّ الجيش قبل سنتين على إصلاح وحدات مخازن الطوارىء، وقاد الإجراءات لتحسين شروط خدمة من يقومون بالرصد ومقاتلي وحدات القبة الحديدية.

•وبريك محق أيضاً في جزء كبير من الانتقادات التي أسمعها اليوم. وربما الانتقاد الأشد من كل ما ذكره يُستنتج مما رفض قوله. فعندما سئل عن استعداد الجيش لسيناريو حرب في غزة، قال إنه يوجد هناك سيناريوهات أوسع، مثل تدهور يشمل الضفة الغربية، وأضاف “إسمح لي أن لا أجيب على سؤالك”. والانطباع الذي من الممكن أن ينجم عن ذلك هو أن ما يقلقه بالأساس يتصل بمستوى استعداد وتدريب وحدات الاحتياط في الجيش البري.

•وأيضاً الانتقادات التي أثارها كانت مهمة جداً. قال، في الجيش هناك مشكلة آخذة في التعاظم، هي مشكلة الانضباط الضعيف وعدم تنفيذ الأوامر. والجيش لا يحافظ على ثقافة المراقبة والمتابعة بعد تنفيذ المخططات والأوامر.

•وثمة انتقاد مركزي دائم يوجهه بريك يتصل بانعكاسات الخطة المتعددة السنوات “جدعون”. صرف الجيش من الخدمة أكثر من 5000 جندي نظامي، وعندما جنّد نحو 1000 جندي جديد، جرى تعزيز كوادر وحدات تكنولوجية عصرية، من منظومة السايبر إلى الطائرات بدون طيار إلى القبة الحديدية. ولكن بسبب ذلك حصل نقص في الكوادر المعنية بالتسليح والإمدادات.

•بريك قلق أيضاً من نوعية القوة البشرية في الجيش النظامي، في الموكل إليهم مساندة المقاتلين، ومؤخراً أيضاً من النوعية في الوحدات القتالية. قال إن الجيش يعاني من أزمة خطيرة فيما يتصل بمساندي المقاتلين، من الأطباء وحتى المسؤولين عن التسليح.

•إن الصورة التي يرسمها بريك كئيبة ومتشائمة. في الأيام القريبة المقبلة سيقدم الجيش أجوبة، قسم منها يناقض استنتاجاته. لا يمكن تجاهل التكيّفات الناجحة التي قام بها الجيش فيما يتعلق ببناء قوة وحداته وملاءمتها مع التحديات الجديدة، وأيضاً لا يمكن تجاهل الإنجازات العملانية للسنوات الأخيرة، في المواجهات في الشمال ومنع الانزلاق إلى انتفاض في المناطق المحتلة. ومع ذلك، انتقادات بريك تستوجب انتباهاً من قبل الجمهور، وتغطية واسعة في وسائط الإعلام، وبالأساس تفكيراً من قبل هيئة الأركان العامة في كيفية سد الثغرات وإصلاح العيوب التي أشار إليها تقرير مندوب تلقي الشكاوى.

المصدر: صحيفة هآرتس الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole