النقابات المهنية في عهد مبارك والتحولات بعد ثورة يناير

النقابات المهنية في عهد مبارك والتحولات بعد ثورة يناير
Spread the love

خاص مركز بيروت لدراسات الشرق الأوسط — بقلم: هبة كمال عبد الحميد* —

عندما عبرت البشرية من مرحلة الإقطاع والحرف اليدوية إلى المرحلة الرأسمالية التجارية والصناعية تغير شكل ممارسة الصناعة من الحرف التي كانت تتولى التدريب وتضع شروط ممارسة الحرفة وتقديم الدعم الاجتماعي والإعانة لأعضائها ويتولي شئونها شيخ الحرفة مثل النحاسين والحدادين والنجارين….الخ. بذلك انتهى عصر الإنتاج الحرفي واليدوي والمنزلي الذي كانت الأسرة كلها تعمل فيه وتملك وسائل الإنتاج إلي عصر المصانع والانفصال التام بين العامل ووسائل الإنتاج وتحوله من مالك لأدوات الإنتاج ومنتج ومسوق إلي أجير لا يملك ما يبيعه سوى قوة عمله.
بعد الثورة الصناعية وبدء الصناعة بمعناها الحديث القائم على التخصص وتقسيم العمل أصبح العامل يبيع قوة عمله لتقديم قيمة مضافة تعود على صاحب العمل ، وكان أصحاب الأعمال حريصين على تحقيق أقصى استنزاف لطاقة العمال ومنحهم أقل أجور ليستطيعوا بيع منتجاتهم بأسعار تنافس في السوق. وعندما نشأ الصراع بين العمال وأصحاب العمل ظهرت الحاجة لتنظيم اجتماعي يتناسب وتطور العصر فبدء العمال في تكوين جمعيات وروابط تتبني الدفاع عن مصالحهم أمام أصحاب العمل. ثم ظهرت النقابة العمالية في انجلترا التي كانت أول من يدخل مرحلة الرأسمالية ثم تبعتها باقي الدول الأوروبية والعالم وكانت نقابات حرفية مثل نقابة عمال الطباعة ونقابة عمال الغزل اليدوي.
ولدت النقابة كشكل للتنظيم الدائم والمستمر للطبقة العاملة، وهي كيان ديمقراطي يؤسسه العمال ويسيرونه للدفاع عن أنفسهم، وتحسين ظروف معيشتهم وظروف عملهم بالمفاوضات. وعرفت الإضرابات كوسيلة من وسائل التفاوض من أجل أجور أعلى وشروط عمل أفضل. فالنقابات منظمات طوعية ديمقراطية يكونها العمال وينضمون إليها لتحقيق مصالحهم الجماعية، وضروري للقيام بأغراضها وتحقيق أهدافها أن تكون مستقلة عن أصحاب الأعمال والحكومات والأحزاب والحركات السياسية كلها، وألا تخضع إلا لإرادة أعضائها من خلال جمعياتها العمومية التي لها وحدها تحديد أهداف وقوانين ولوائح النقابات وسياستها وطريقة عملها واختيار قيادتها ومحاسبتهم.
• النقابات المهنية في مصر وأشهرها:-
لم تظهر هذه النقابات دفعة واحدة ولكن بدأ ظهورها بشكل تدريجي بدءاً من نقابة واحدة وهي نقابة المحامين أول نقابية تم تأسيسها فهي من أقدم النقابات المهنية في مصر على العكس من نقابة العلاج الطبيعى فهي آخر نقابة تم انشاءها وبالتالي وصل عددها في عام 1994 إلى 24 نقابة وهي كالآتي:
نقابة المحامين، نقابة الصحفيين، نقابة المهندسين، نقابة الأطباء البشريين، نقابة أطباء الأسنان، نقابة الصيادلة، نقابة الأطباء البيطريين، نقابة الزراعيين، نقابة المعلمين، نقابة السينمائيين، نقابة المهن التمثيلية، نقابة المهن الموسيقية، نقابة التجاريين، نقابة العلميين، نقابة الاجتماعيين، نقابة المهن الفنية التطبيقية، نقابة مصممي الفنون التطبيقية، نقابة الفنانين التشكيليين، نقابة التمريض، نقابة المرشدين السياحيين، نقابة محفظي القرآن الكريم، نقابة الرياضيين، نقابة مستخلصي الجمارك، نقابة العلاج الطبيعي.

• إشكالية العلاقة بين النقابات والسلطة
استمدت النقابات المهنية لفئات النخبة قوتها في مصر من عدة عوامل، فقد منحها القانون صلاحيات واسعة تحتكر من خلالها وحدها تسيير شؤون المهنة، فالتقييد أو الشطب من سجلات النقابة الذي ينبني علىه منح أو سحب بطاقة النقابة هو بمثابة الترخيص من عدمه لحاملها بمزاولة المهنة. كما تتولى النقابة وحدها تسيير الملفات التأديبية والعقوبات في حق منتسبي المهنة، ويجعل القانون المصري النقابات المهنية جهازاً إدارياً ينوب عن الدولة في دفع وتنفيذ الكثير من الالتزامات المالية والاجتماعية، تجاه المهنيين، ومنها منح التقاعد والعلاج، التي تختلف من نقابة إلى أخرى حسب إمكاناتها المالية، ويمكنها أن تؤول نحو الزيادة أو النقصان، ولسداد كل هذه النفقات تقدم الدولة مساعدات مالية للنقابات سنوياً، كما يمكنها أن تعتمد على موارد مالية ذاتية نص علىها القانون، تستعملها أيضاً في إقامة مشاريع سكنية لصالح منتسبيها‭.‬‬‬‬
فنقابة الصحافيين مثلاً، التي تحصي نحو 6 آلاف منخرط، يقول نقيبها ممدوح الولي في لقاء معه إنها تأخذ ما نسبته 1% من إعلانات الصحف، وتملك وتؤجر 500 كشك لبيع الصحف عبر عموم البلاد، وتملك وتؤجر عدة قاعات ومسرح النقابة، فضلاً عن رسوم خاصة من بيع الصحف واشتراكات الصحافيين أنفسهم، ويقر النقيب أن هذا لا يكفي لتغطية كل نفقاتها التي تزيد سنويا عن 8 مليون جنيه (130 مليون دج)، أما نقابة المحامين، وهي أضخم نقابة وأكثرها حضوراً، فقد بلغ مجموع إيراداتها خلال ثلاث سنوات، حسب المرشح السابق لانتخابات نقيب المحامين، منتصر الزيات،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬150‭ ‬مليون‭ ‬جنيه‭ ‬‮(‬2‭,‬6‭ ‬مليار‭ ‬ج‮)‬‭.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
واكتسبت النقابات المهنية منذ سنوات سمعة أدبية واعتبارية كبيرة من خلال مواقفها من مختلف القضايا في مصر وفي محيطها الإقليمي، فقد وقفت النقابات بقوة ضد سياسة التطبيع الثقافي والاقتصادي مع إسرائيل وضد الحصار المصري على غزة ونظمت مسيرات لفتح معبر رفح. كما احتضنت النشطاء والحركات المناضلة ضد التوريث وضد سياسات الحزب الوطني، وضد ممارسات الأجهزة الأمنية القمعية. ونظمت مسيرات واعتصامات ونشرت مطبوعات ومذكرات ترافع لأجل حرية التعبير والصحافة واستقلال القضاء، واستطاعت أن تبلغ تلك الأصوات إلى المجتمع الدولي ممثلا في هيئات‭ ‬إقليمية‭ ‬ودولية‭ ‬وحكومية‭ ‬مختلفة‭.‬‮ ‬وما‭ ‬من‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬تراكم‭ ‬تلك‭ ‬النضالات‭ ‬كان‭ ‬عنصراً ‬أساسياً‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬الوعي‭ ‬الجماعي‭ ‬الذي‭ ‬فجّر‭ ‬الثورة‭ ‬وأسقط‭ ‬النظام‭.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
وقد دخلت هذه النقابات في صراع وتصادمات مع النظام وخاصة خلال حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك لما قامت به من دور سياسي نشط مثل: نقابة الأطباء، نقابة المهندسين ونقابة المحامين، وذلك منذ منتصف الثمانينيات وحتى أواخر التسعينيات من القرن العشرين. ولم يقتصر هذا الدور على المطالبة بالإصلاح السياسي في مصر من خلال تعديل الدستور، وإلغاء العمل بقانون الطوارئ وتحقيق نزاهة الانتخابات وضمان احترام حقوق الإنسان واستقلال القضاء واطلاق حرية تشكيل الأحزاب والتنظيمات السياسية. كما قامت بدور هام في محاربة التطبيع مع إسرائيل ومساندة القضايا العربية والإسلامية.
وقد شهدت فترة التسعينات توتر بين الدولة وبعض النقابات المهنية أثّر سلباً على نشاط هذه النقابات، وخاصة أن هذه الخلافات قد اقترنت بدرجة عالية من تسيييس العمل النقابي، الأمر الذي دفع بالنظام إلى وضع بعض النقابات تحت الحراسة.
ولم يكن فرض الحراسة حكماً فقط بقدر ما كان إنذاراً للعديد من النقابات المهنية، فقد استخدمه النظام كما يقولون في المثل الشعبى الشائع(قرصة ودن)، أي فركة أذن، كما حدث تجاه احتجاجات أعضاء نقابة المعلمين. فقد أكد وكيل نقابة المعلمين محمد محمود، على استمرار وقف تنفيذ حكم فرض الحراسة على النقابة، الذي صدر اليوم الثلاثاء الثالث من يونيو – حزيران من عام 2014 ، إلى حين النظر في الاستشكال بوقف التنفيذ والمقرر نظره في 17 يونيو – حزيران الماضي(2015)، مؤكداً قيام النقابة بالتوجه لمحكمة النقض لنقض تنفيذ الحكم في المرحلة الثالثة للتقاضي، وهي المحكمة المختصة وفقاً لقانون النقابة بنظر هذا النوع من القضايا.
وكانت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، قد رفضت استئناف النقابة العامة للمهن التعلىمية على حكم فرض الحراسة علىها والصادر في 31 مارس الماضي وأيدت حكم الدرجة الأولى بفرض الحراسة على النقابة .
وشدد محمود ، في تصريحات صحفية ، على أن الحكم مخالف للدستور والقانون وأن المعلمون لن يتركوا نقابتهم وسيدافعون عنها حتى أخر نفس؛ حتى إذا تم رفض الاستشكال فسيدير المعلمون النقابة من النقابات الفرعية وعددها 53 نقابة فرعية أو من المدارس إذا لزم الأمر وعددها 49 مدرسة، مؤكداً ان المجلس لن يهدر إرادة المعلمين ولن يترك النقابة حتى صدور حكم قضائي نهائيا بات واجب النفاذ – حسب قوله.
وأكد وكيل النقابة أن الحكم إنذار خطير للنقابات المهنية في مصر وعودة الى نظام مبارك المستبد الذى فرض الحراسة على نقابة المهندسين لمدة تجاوزت 17 عام .
وأضاف أننا الان أمام قضايا حراسة على 3 نقابات مهنية وليست واحدة تم الحكم في 2 منها بفرض الحراسة وهي المعلمين والصيادلة؛ والبيطريين في الطريق يوم 16 يونيو وتتوالى النقابات من بعدها حتى لا يعلو صوت للدفاع عن حقوق المهنيين في مصر مشدداً على ان ما يحدث إهدار للحريات النقابية ولمكتسبات ثورة 25 يناير التي اعادت إحياء النقابات بعد تجميد استمر لمدة 20 عاما في عهد مبارك.
وعلى صعيد الاستبداد السياسي والعداء للحريات والحكم بالطوارئ وتزوير الإرادة الشعبية فقد تفوق نظام مبارك على نفسه من حيث وجود تعددية سياسية شكلية ومجتمع مدني ضعيف ومحاصر وتحويل مصر إلى معتقل كبير تحكمه حالة الطوارئ. وقد وجهت صحيفة واشنطن بوست انتقادات شديدة للرئيس المصري ، وقالت في افتتاحيتها تحت عنوان “رجلنا في مصر” ، إن مبارك يشكل اكبر عقبة أمام مبادرة واشنطن للديمقراطية المعروفة باسم الشرق الأوسط الكبير.
وفي تحرك هام يوحي بتأييد المطالب الشعبية لانتخابات نزيهة في مصر، هدد مئات من القضاة المصريين بمقاطعة الإشراف على الانتخابات الرئاسية المقبلة إذا لم يوكل إليهم حق الإشراف الكامل على العملية الانتخابية. إثر الاجتماع الذي عقد في الإسكندرية، يوم الجمعة 15/4/2005، وضم حوالي 1,200 قاض من مختلف المحافظات المصرية، صدر بيان طالب فيه المجتمعون أن يقوم القضاة بإشراف كامل على العملية الانتخابية من أولها إلى آخرها، بدءا من قبول طلبات الترشيح ، وتنظيم جداول المرشحين المتنافسين، مع ضمان المساواة والعدل بين الجميع، إلى فرز الأصوات وعدها وإعلان النتائج.
وهدد القضاة بإعاقة الانتخابات الرئاسية إذا لم تفصل السلطات بين الجهاز التنفيذي والقضائي، ودعوا إلى تعديل القوانين بشكل تتنازل فيه الداخلية عن سلطاتها في الإشراف على العملية الانتخابية. كما طالبوا بتأمين استقلال حقيقي للسلطة القضائية بحيث تتمكن من حماية الحريات وحقوق الإنسان.
وقال القاضي حسام الغرياني، وهو أحد وجوه هذه الحركة الاحتجاجية البارزين، إن ما يريده القضاة هو “جهاز قضائي مستقل فعلا يمكن لهم من خلاله حماية الحريات وحقوق الإنسان”.

واستكمالاً لصور الحصار والقمع:
كان النظام يرى فيها خطرا كبيرا على استمراره وعلى سياساته، وقد بدأت أزمة النقابات المهنية في مصر، بعد اجتماعها المشترك عام 1990 في نقابة الأطباء، وهو الاجتماع الذي طالب فيه ممثلو النقابات بتخلي رئيس الجمهورية عن رئاسة الحزب الوطني، وإلغاء قانون الطوارئ، والقيود على حرية الصحافة وإطلاق حرية الأحزاب، والمطالبة بإجراء انتخابات نزيهة. فبدأت عجلة القمع والحصار تدور حولها، وأكبر من تضرر منها نقابات المحامين والأطباء والمهندسين، فمن بين كل النقابات المهنية‭ ‬كانت‭ ‬النقابات‭ ‬الأشد‭ ‬تأثرا‭ ‬بالأحداث‭ ‬العامة‭ ‬والأكثر‭ ‬تفاعلا‭ ‬معها،‭ ‬كما‭ ‬لعبت‭ ‬دور‭ ‬المعارضة‭ ‬عالية‭ ‬الصوت‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬العامة‭ ‬واستمرت‭ ‬في‭ ‬مواقفها‭ ‬الاحتجاجية‭.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
فأصدرت الحكومة القانون الشهير برقم 100عام 1993 وتحت عنوان “قانون ضمانات ديموقراطية النقابات المهنية” وتحت شعار “القضاء على ديكتاتورية الأقلية” تم تمرير القانون الذي استحال معه إجراء الانتخابات في معظم النقابات المهنية التي أصبحت تدار بواسطة لجان قضائية مؤقتة وتحولت إلى لجان دائمة مما مكن النظام من فرض وصايته على النقابات عن طريق السيطرة على اللجان القضائية التي تعمل طبقا لأوامره. وسلب القانون المذكور الجمعيات العمومية (المؤتمرات) للنقابات حقها الطبيعي في تنظيم وإدارة شئونها، وجعل عملية الانتخابات شبه مستحيلة خاصة في النقابات كبيرة العدد وذلك بأن جعل النصاب المطلوب 50 % ممن لهم حق الانتخاب ثم الثلث في الإعادة، وهو شرط غير مطلوب لا في انتخاب أعضاء البرلمان المصري ولانتخاب رئيس الجمهورية نفسه، بل أن مبارك نفسه كان يفوز في انتخابات لم تتعدى نسبة المشاركة فيها 10 بالمائة،‮ ‬واشترط‭ ‬القانون‭ ‬أن‭ ‬تجري‭ ‬انتخابات‭ ‬النقابات‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬أيام‭ ‬العطل‭ ‬الرسمية،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الشروط‭ ‬التعجيزية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬الغرض‭ ‬منها‭ ‬هو‭ ‬شل‭ ‬عمل‭ ‬النقابات‭.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
ولم يكتف النظام بذلك، فتم فرض الحراسة على نقابة الأطباء ثم نقابتي المهندسين والمحاميين، بتعيين مسيرين من خارج النقابة يتولون الإشراف المالي والإداري والمهني على شؤونها، وحركت الدولة العناصر الموالية لها في النقابات المهنية لرفع دعاوى حراسة على الحسابات المصرفية‭ ‬وممتلكات‭ ‬النقابات‭ ‬لشل‭ ‬قدرة‭ ‬للنقابات‭ ‬على‭ ‬التحرك،‭ ‬وأفرز‭ ‬ذلك‭ ‬حالة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‮ ‬الجمود‭ ‬والشلل‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬النقابات‭ ‬المهنية‭.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
وإذا نظرنا إلى بنية وهيكل النقابة المهنية نجد أن:
• النقابة المهنية تخلط عدة فئات لايمكن أن تكون لها مصلحة مشتركة فالعضوية تجمع العامل بأجر وصاحب العمل والمهني الحر. كيف يمكن أن تلتقي مصالح مهندس استشاري مثل صبور مع مصالح صاحب مصنع ومصالح مهندس في نفس المصنع لأنهم يحملون نفس المؤهل الدراسي؟!!!هل مصالح المهندس احمد بهجت أو المهندس نجيب ساويرس تتفق ومصالح المهندسين العاملين في شركاته؟!
• كما أن أنظمة الرعاية الصحية والمعاشات التي تقدمها النقابات المهنية هي محاولة لتعويض عجز الدولة وتوجهها لخصخصة التامين الاجتماعي والخدمات الصحية. والمفترض أن تزول الحاجة لهذه الأنظمة لو تم تحسين جودة نظام التأمين الصحي وقيمة المعاشات المنصرفة خاصة في ظل تواضع قيمة المعاشات التكميلية التي تمنحها النقابات المهنية.
مما يدفع بذلك لحدوث خلل هيكلى للنقابات و إذا حاولنا تأمل مظاهر الخلل الهيكلي نجد أن :
1.عدم وجود بنيان نقابي فالعضو في شعبة مثل مهندسي الميكانيكا في نقابة المهندسين أو شعبة التنظيم والإدارة في نقابة التجاريين هو عضو في النقابة العامة كما هو الحال في نقابة الأطباء ونقابة التشكيليين وغيرها.يمثل جميع المحافظات وموظفي الحكومة مع القطاع العام مع القطاع الخاص والاستثماري فهل يؤدي ذلك لفاعلىة نقابية؟!
2.خلط المصالح بما يشل الفاعلىة النقابية فالمهني الأجير وصاحب العمل والاستشاري كلهم أعضاء في نقابة واحدة.هل ننتظر فاعلىة من هذه النقابة؟ إن نقابة المعلمين تضم المعلمين وأصحاب المدارس ونقابة الأطباء تضم أطباء الوحدات الريفية وأساتذة الجامعات وأصحاب المستشفيات الاستثمارية.هل هذا منطقي؟! هل يؤدي لنشاط نقابي حقيقي ؟!
بل أن الصراعات المهنية الضيقة تمزق فرص وحدة العمل من أجل المطالب العامة المشتركة ولنتأمل الخلاف بين الأطباء وأخصائي العلاج الطبيعي.أو الخلاف بين المعلمين والإداريين بالتربية والتعلىم.والخلاف بين أخصائيات التمريض والممرضات والزائرات الصحيات لنعرف أن النقابات القائمة تعكس حالة من الفردية وغياب الرؤية للقضايا المشتركة وتنمية النعرات المهنية للمعلمين على الإداريين ، ولأخصائيات التمريض على الممرضات بما يضعف من فرص العمل المشترك.
3. التمثيل الجغرافي على مستوي المحافظات وبالتالي محافظة القاهرة التي تضم أكثر من 12 مليون مواطن تعد نقابة فرعية واحدة مثلها مثل مرسي مطروح أو الأقصر أو شمال سيناء . هل هذا منطقي؟!!
4. تنظيم المهنة والتراخيص المهنية والتدريب والتنمية المهنية أمور تخص الجمعيات العلمية التي يجب أن تمثل بها النقابة للدفاع عن حقوق أعضائها.بينما دور النقابة الأصيل هو الدفاع عن مصالح أعضائها وحقوقهم في أجور أعلى وشروط عمل أفضل، ومشاركة أكثر فاعلىة في إدارة الشئون العامة.
5. الخلط بين الحزبي والنقابي.فالحزب الوطني ومن قبله الاتحاد الاشتراكي ظل مسيطراً لسنوات طويلة على النقابات المهنية ولا توجد مشكلة. وعندما فعلت جماعة الأخوان المسلمين نفس الشئ واستبعدت الآخرين.جمدت الحكومة النقابات بالقانون 100.هنا تبرز مشكلة ضيق الساحة السياسية وتقييد التعددية الحزبية مما يخلق الخلط بين دور النقابة ودور الحزب السياسي. المطلوب هو استقلال النقابات عن الأحزاب السياسية وألا تتحول لتابع لها مثل اتحاد العمال الآن وبعض النقابات المهنية أو تبعيتها لجماعة الأخوان المسلمين.النقابات يجب أن تظل مستقلة عن الأحزاب والجميع يمارسون نشاطهم على أساس انتمائهم الفئوي وليس على أساس انتمائهم السياسي.الانتماء السياسي مكانه الحزب السياسي سواء الشيوعيين أو الأخوان المسلمين أو أي قوي سياسية ولكن بعيداً عن النقابة.
6. النقابات لها دور مهم في العمل السياسي باعتبارها تعبر عن مصالح أعضائها ويمكن لها ممارسة كافة أشكال العمل السياسي ومناقشة كافة القضايا العامة وتشارك في صنع السياسة العامة كجزء من المجتمع المدني.فالنقابة تتأثر بالسياسات القائمة وبالتشريعات القائمة والتشريعات التي تعد ويجب أن تكون لها رؤية نابعة من مصالح أعضائها.عندما يرفض الصيادلة نظام تسعير الدواء الجديد هم لا يمارسون السياسية بقدر ما يمارسون دورهم المطلوب كنقابة. وعندما يرفضون قرار تحديد مساحة الصيدليات فهم يرفضون السياسات التي تتوجه لتمركز رأس المال على حساب المشروع الصغير وذلك هو صميم دورهم.كما أنها تتأثر بالأحداث العربية والعالمية ويكون لها رأي فيها.
عندما ترسل نقابة الأطباء وفد لإغاثة غزة فهذا جزء من دورها وليس دور سياسي للنقابة.لذلك علىنا أن نفرق بين عدم خضوع النقابة لتنظيم سياسي وبين اشتغالها بالسياسة .والأساس هو أن تكون معبر حقيقي عن أرادة غالبية الجمعية العمومية وأعضائها وليس عن رغبة وإرادة تيار أو مجموعة محددة.
7. غياب الرؤية العامة للقضايا المشتركة حيث أن قضية الأجور والأسعار وهي القضية الرئيسية على جدول أعمال الحركة العمالية طوال الوقت وان كانت قد أخذت وتيرة أسرع منذ نهاية عام 2006 وحتى الآن.ولكن رغم اتفاق الكثير من اللجان العمالة بين صفوف العمال على قضية الحد الأدنى للأجور.ظلت التحركات المصنعية تطالب بزيادة بدل الوجبة أو بدل طبيعة عمل أو مواصلات ولم يتم تنظيم إضراب مشترك حول هذا المطلب ولو على مستوي قطاع صناعي أو مدينة واحدة.
أما على مستوي النقابات المهنية فالقضية اخطر لأن جوهرها هو التمييز المهني الضيق وليس النضال العمالي بمعني التضامن العمالي الواسع.حركات المعلمين تطالب بكادر خاص للمعلمين ولا تهتم بتطبيقه على الإداريين باستثناء بعض المجموعات الواعية مثل اتحاد معلمي الجيزة الذي أصدر بيان تضامن مع حركة الإداريين أو جماعة أطباء بلا حقوق التي أصدرت بيان للتضامن مع ممرضات شبين الكوم.
بينما الغالبية عكس ذلك حيث يطالب الأطباء بكادر خاص دون النظر لمرتبات التمريض والعاملين ودون ربط ذلك بحقوق المرضي. ويطالب العلميين بكادر خاص وتغيب الرؤية العامة. وتستغل الدولة مناخ التفتت هذا لبث الفرقة ومداعبة كل فئة بمفردها بوعود ببعض التحسينات بينما تظل قضية الحد الأدنى للأجور والذي اتفق على أنه لايقل عن 1200 جنيه مجرد سطور ضمن بيانات العديد من اللجان والمنظمات النقابية لا تجد من يحولها لخطة عمل في الواقع وشعار للحركة العامة على المستوي القومي.
وضع النقابات المهنية بعد ثورة يناير وما ننظر إليه فى المستقبل من مآلات وتحولات:
الآن عادت الحركة إلى مقار النقابات المهنية، وعرفت انتخابات تجديد هياكلها تنافسا كبيرا ما بين مختلف التيارات السياسية والكتل النقابية، وكما كان علىه الوضع في فترة الحزب الواحد، عمل الإخوان على دخولها بشكل منظم، وحققوا انتصارات حاسمة في بعض النقابات حيث سيطروا على منصب النقيب وأغلبية أعضاء المجلس النقابي، كما هو الحال في نقابة المهندسين، حيث كان دور الرجل الثاني في الجماعة، رجل الأعمال خيرت الشاطر، وهو مهندس، حاسما في دعم مرشحي الإخوان. وفازت قائمة “أطباء من أجل مصر”، التي ينتمي معظم أعضائها إلى جماعة الإخوان‭ ‬المسلمين،‭ ‬بمنصب‭ ‬النقيب‭ ‬الذي‭ ‬عاد‭ ‬لمرشحها‭ ‬مرشحها‭ ‬خيري‭ ‬عبد‭ ‬الدايم،‭ ‬خلفا‭ ‬لحمدي‭ ‬السيد،‭ ‬النقيب‭ ‬السابق‭ ‬والقيادي‭ ‬السابق‭ ‬بالحزب‭ ‬الوطني‭ ‬‮(‬المنحل‮)‬‭.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
وفي انتخابات نقابة المحامين جاءت النتائج بتشكيلة هجينة، فقد خسر المرشح المدعوم من الإخوان المسلمين منصب النقيب لصالح منافسهم نقيب المحامين الأسبق المحسوب على التيار الناصري سامح عاشور، إلا أن الإخوان سيطروا على نحو الثلثين من مقاعد مجلس النقابة وأمكنهم ذلك من السيطرة على المكتب التنفيذي، ولن يجد النقيب بدا من إدارة علاقة توافقية مع الإخوان في تسيير شؤون النقابة وتحنب حالة الانسداد، ثم جاءت انتخابات نقابة الصحافيين، ليفوز بمنصب النقيب إعلامي مستقل لقي الدعم من تيارات عدديدة من بينها الإخوان، وهو ممدوح الولي الذي‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬تنظيمية‭ ‬له‭ ‬مع‭ ‬الإخوان،‭ ‬لكن‭ ‬مرشحا‭ ‬واحدا‭ ‬فقط‭ ‬معروف‭ ‬بانتمائه‭ ‬للجماعة‭ ‬فاز‭ ‬بعضوية‭ ‬مجلس‭ ‬النقابة،‭ ‬وخسر‭ ‬الآخرون‭.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
والواقع أن كثيرا ممن يوصفون في انتخابات نقباء المهن بأنهم مرشحو الإخوان أو مدعومرن منهم، لا تربطهم أي علاقة تنظيمية بهم، بل منهم من ينتمي إلى تيارات سياسية أخرى معروفة، ويستعمل الإخوان آلتهم الانتخابية القوية في نسج تلك التحالفات، للاستفادة منها داخل وخارج‭ ‬النقابة‭ ‬نفسها‭.‬‬‬‬‬‬‬
وبالرغم من أن النتائج بشكل عام لا تتيح للإخوان الهيمنة على النقابات، كما كان الشأن بالنسبة لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسي للجماعة، في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، إلا أن نقاشا كبيرا بدأ يتعمق عن جدوى استمرار الجماعة في التمسك بدخول انتخابات النقابات بشكل ممنهج ودعم مرشحين على حساب آخرين، بما أن تحولات ما بعد الثورة منحتها الشرعية السياسية التي حرمت منها منذ عقود، فربما كان اختراقها للنقابات في الماضي مبررا، حيث أن حرمان الإخوان من تأسيس حزب سياسي جعلهم يحولون النقابات التي سيطروا علىها إلى الساحة الأساسية لممارسة العمل السياسي، فمنذ مطلع الثمانينات بدأت عناصر الإخوان في الظهور والحركة والتعبئة الواسعة داخل النقابات المهنية، ساعدهم في ذلك تفكك مجمل خصومهم وكونهم القوى الأكثر تنظيما وانتشارا وقدرة، لكن اليوم في ظل انفتاح العمل السياسي والإعلامي، يرى الكثيرون‭ ‬أن‭ ‬مساعي‭ ‬الإخوان‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬طرف‭ ‬سياسي‭ ‬آخر‭ ‬للهيمنة‭ ‬على‭ ‬عمل‭ ‬النقابات‭ ‬سيضعفها‭ ‬ويقيد‭ ‬حركتها‭ ‬وينقل‭ ‬إلى‭ ‬داخلها‭ ‬صراعات‭ ‬وخلافات‭ ‬سياسية‭ ‬تستنزف‭ ‬طاقتها.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
فى الحقيقة لا توجد لدينا نقابات مهنية ولا نقابات عمالية في ظل التشريعات الحالية التي تعزل المهنيين عن العمال.والحل يكمن في انتزاع الحرية النقابية وحق إنشاء النقابات دون قيود أو شروط من أي جهة إدارية وبحيث تستمد شرعيتها من الجمعية العمومية لأعضائها وذلك وفق المواثيق الدولية التي وقعت علىها مصر والتي تلزمها بتطبيقها ووفقاً لقرارات منظمة العمل الدولية.
وسائل الإصلاح النقابى وخطواته:
الخطوة الأولي على طريق بناء النقابات المستقلة هو إعادة إحياء فكرة النقابة ودورها في أذهان وعقول أجيال لا تعرف ما هي النقابة. وإحياء الخبرات التاريخية وإصدار الكتيبات والنشرات عن أهمية النقابة ودورها في تحسين أجورنا وشروط عملنا وتحديد دورنا في المجتمع. ومناقشة ذلك ضمن التجمعات المختلفة لزملائنا.
الخطوة الثانية هي بناء منظمات نقابية أو لجان أو روابط أو جمعيات لكل موقع عمل.أطباء مستشفي المطرية يكون لهم نقابة أطباء مستشفي المطرية وأطباء مستشفي باب الشعرية يكونون لجنة نقابية وأطباء مستشفي أبو الريش وهكذا.ونفس الشئ ينطبق على التمريض وعلى التجاريين والزراعيين والتطبيقيين.
كل موقع عمل يعمل به 20 عامل من نفس المهنة يمكنهم تأسيس لجنة نقابية والمواقع التي يعمل بها أقل من 20 يتجمع أكثر من منشأة لاستكمال العدد وتكوين لجنة نقابية.
الخطوة الثالثة هو اجتماع الجمعية العمومية لنقابة المنشاة ووضع النظام الأساسي وانتخاب مجلس الإدارة.وجوهر العمل النقابي هو أن الجمعية العمومية يكون لها مواعيد انعقاد ثابتة في مكان خارج موقع العمل وبعيداً عن تدخلات الإدارة . ويختار أطباء كل قسم مندوب نقابي يمثلهم ومن حقه حضور اجتماع نقابة المستشفي. نفس الشئ يمكن أن يطبق على التجاريين في شركة من كل التخصصات يشكلون جمعية عمومية ويكون لكل إدارة عامة أو لكل إدارة مندوب نقابي المشتريات والحسابات والموارد البشرية وهكذا.
الخطوة الرابعة تضع الجمعية العمومية للنقابة برنامج عمل يبدأ مجلس الإدارة في تنفيذه والمفاوضات على تحقيقه كممثل لجموع الأعضاء.
الخطوة الخامسة التنسيق في العمل مع النقابات الأخرى حول مطالب مشتركة مثل تضامن لجان نقابات أطباء التأمين الصحي مع أطباء وزارة الصحة وتضامن التجاريين بالمستشفيات مع التمريض والأطباء في مطالبهم وهكذا تطور حركة التضامن وتتسع.كما أنها يمكن أن تشمل أكثر من مهنة لأن الكثير من المطالب موحدة وتجمع عدة فئات.
بذلك يمكن أن تخرج النقابات المهنية من عزلتها لتتفاعل بشكل أفضل وتحقق أهدافها التي نشأت من اجلها. يجب ألا نعلق الأزمة على شماعة القانون 100 لأن غياب الحرية النقابية أقدم من ذلك بكثير. إن الحريات النقابية لن تأتي لنا على طبق من ذهب.ولن تمنحها لنا دولة أساسها الاستبداد والعداء للحريات العامة وتزوير إرادة الناخبين.إن الحرية تنتزع ولا تمنح.الأزمة تكمن في أن جموع المهنيين بعيدة عن فكرة النقابة وتري فيها بطاقة صحية ورحلة عمرة فقط ولا تعرف لها دور آخر. لذلك فإن استعادة الفكرة النقابية وبناء النقابات المستقلة في كل المواقع والتنسيق بين المواقع المختلفة يمكن أن يخلق حركة نقابية حقيقية.
بعدها يمكن أن تتجمع النقابات جغرافيا وقطاعياً في نقابات عامة تتبني مطالب قطاعات اكبر وأوسع وتصعد من أساليب مواجهتها مستندة إلي قوتها وتلاحم أعضائها وإيمانهم بالطريق النقابي لتحسين وتطوير أوضاعهم ورفع أصواتهم وتمثيلهم على مختلف المستويات.
إننا لسنا بحاجة لتحرير النقابات المهنية أو النقابات العمالية ولكننا بحاجة لانتزاع الحريات النقابية التي تحقق مصالح الجميع وتزول فيها الفروق المصطنعة بين العمال والمهنيين. لتتوحد جهود كل الأجراء في مواجهة رأس المال وبالمفاوضة الجماعية والدفاع عن حقوقنا المشروعة يمكن أن يكون غداً أفضل من اليوم.

*باحثة مصرية

قائمة المراجع
 الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء.
 الموقع الرسمي لنقابة الصحفيين.
 جريدة الشروق الإخبارية.
 موقع النقابة العامة للمهن التعلىمية ونقابة المعلمين.
 الموقع الرسمي لوزارة العدل.
 الموقع الرسمي لنقابة المحامين.
 جريدة العربي الناصري

Optimized by Optimole