في يوم الطفل الفلسطيني.. شهادات لجنود الاحتلال

في يوم الطفل الفلسطيني.. شهادات لجنود الاحتلال
Spread the love

د. محمد عبدالرحمن عريف — اليوم الدولي لحماية الأطفال يحتفل به في الأول من حزيران/ يونيو منذ عام 1950م. وقد استحدث الاتحاد النسائي الديمقراطي الدولي الاحتفال بهذا اليوم في مؤتمره المنعقد بموسكو في (الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر 1949 م) . ولا تزال الدول الشيوعية السابقة تحتفل بالمناسبة في أول يونيو/حزيران. وفي 20 تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام تحتفل دول العالم بيوم الطفل العالمي، حسب توصية الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1954 م بأن تقيم جميع البلدان يومًا عالميًا للطفل يحتفل به بوصفه يومًا للتآخي والتفاهم على النطاق العالمي بين الأطفال وقد أعلنت الأمم المتحدة في هذا اليوم قانون حقوق الطفل. وأيضًا حدد الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر يومًا للطفل العالمي، وقد سبقه وتلاه عدد من الاتفاقات الدولية حول حقوق الطفل.
جاء يوم الطفل الفلسطيني ليوافق الخامس من نيسان/ أبريل من كل عام، حيث يحتفل أطفال فلسطين بيوم الطفل، ولا يزالون يعانون من أبسط حقوقهم بالتمتع بطفولتهم البريئة وحقهم في الحياة، جراء الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة بحقهم، بهذا التاريخ يجدد فيه أطفالنا بحثهم عن الحرية والعيش بكرامة كسائر أطفال العالم. التقرير الذي أعدته الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال في فلسطين.
الواقع أن اتفاقيات جنيف تُقر بأن الأراضي التي يتم غزوها في غمار الحرب ولم تتم تسوية النزاع القائم على ملكيتها من خلال معاهدات سلام لاحقة تعد أراضي “محتلة” وتخضغ لقوانين الحرب الدولية فيما يتعلق بالمقاتلين والمدنيين والقانون الدولي الإنساني. ويحمل ذلك إسرائيل مسؤولية خاصة تتعلق بمعاملتها لجميع الفلسطينيين الموجودين في الأراضي المحتلة. ففي عام 2010، أصدرت السلطة الوطنية الفلسطينية “تقريرًا حول تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل في الأراضي الفلسطينية المحتلة”؛ أي الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة، وأشار التقرير إلى الصعوبات الناجمة عن عدم اختصاص السلطة الفلسطينية بهذه المناطق و”نظام الإغلاق” الذي تفرضه إسرائيل فضلاً عن “جدار الضم والتوسع الإسرائيلي” والحواجز الكثيرة التي تقيمها إسرائيل داخل الأراضي المحتلة.
تبقى كل هذه العوامل تجعل من الصعب على الفلسطينيين إيقاف الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الأطفال الفلسطينيين، فاتفاقية حقوق الطفل، وهي معاهدة لحقوق الإنسان تنص على الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والثقافية للأطفال، تسري على كل من الإسرائيليين والفلسطينيين. وتعرف الاتفاقية “الطفل” بأنه كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب قانون الدولة التي يتبع لها.
لقد صَدّقت إسرائيل على اتفاقية حقوق الطفل في عام 1991. وعلى الرغم من أن فلسطين ليست لها صفة “الدولة”، إلا أن ياسر عرفات قد وقع على الاتفاقية في عام 1995 بوصفه ممثلاً عن منظمة التحرير الفلسطينية. ويتمثل التعريف المقبول دوليًا لـ”الأطفال” والموثق في اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل في أن الأطفال هم الأشخاص الذين لم يبلغوا الثامنة عشرة من العمر. وقد وقعت إسرائيل على هذه الاتفاقية وصدقت عليها منذ عام 1991 وتطبقها على الأطفال الإسرائيليين. ومع ذلك، ففي الأراضي المحتلة تعرف إسرائيل القُصر من الفلسطينيين بأنهم من هم دون السادسة عشرة من العمر فقط. كما أن بعض قادة الجماعات المسلحة الفلسطينية يصرحون بأنهم يعتبرون الأشخاص البالغين من العمر ستة عشر عامًا بالغين.
وفقًا لقانون الشباب الإسرائيلي، تقع المسؤولية الجنائية منذ عمر الثانية عشرة فما أكثر. وينص هذا القانون على أنه لا يجوز توقيف الأطفال دون هذا العمر، وكذلك يجب ألا يتم استجواب الأطفال الأكبر من هذا العمر إلا بحضور والديهم أو محاميهم. وأوضحت منظمة بتسيلم أن هذا القانون لا يُطبق رسميًا على الأطفال الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، حيث إنهم يخضعون للقانون العسكري الإسرائيلي، إلا أن المحكمة العسكرية أوصت بمراعاة أحكام هذا القانون. ووفقًا لـجديون ليفي، يتم تجاهل هذه الأحكام في الممارسات العملية على أرض الواقع. وذكر تقرير لمنظمة اليونيسف “أن سوء معاملة الأطفال الفلسطينيين في نظام الاعتقال العسكري الإسرائيلي يبدو منتشرًا ومنظمًا وممنهجًا” وأنه “لا يُحاكم الأطفال بشكل منهجي أمام محاكم عسكرية للقاصرين في أي بلد آخر”.
نعم معاملة جيش دفاع الاحتلال الإسرائيلي للأطفال الفلسطينيين تحظر فيه مدونة قواعد السلوك صراحةً استهداف المدنيين غير المقاتلين وتفرض استخدام القوة المتناسبة. وفي شباط/ فبراير عام 2013، عندما نشر جندي إسرائيلي صورة على موقع إنستجرام لعدسة بندقيته الموجهة لرأس صبي فلسطيني صغير، صرح جيش الدفاع الإسرائيلي أن الصورة “لا تتفق مع قيم أو أخلاقيات جيش الدفاع الإسرائيلي”. إلا أن فيليب إي فيرمان توصل من خلال دراسة أكاديمية إلى أن رد فعل الشرطة والجيش الإسرائيليين تجاه العنف الفلسطيني قوي للغاية لدرجة أنه “يقضي عمليًا على أي فرصة لتقديم تدريب فعال موجه لحماية الأطفال”.
سبق وجاء العنف ضد الأطفال أطفال بالقرب من أنقاض مبنى بغزة خلال الحرب على قطاع غزة في الفترة 2008 – 2009، فمنذ الانتفاضة الثانية تدعو منظمة اليونيسف (صندوق الأمم المتحدة للطفولة) ومنظمة العفو الدولية ومنظمة بتسيلم وبعض الأفراد مثل الكاتب البريطاني ديريك سامرفيلد إسرائيل لحماية الأطفال من العنف بما يتفق مع اتفاقيات جنيف، كما ربط الاتحاد الأوروبي بين تعليق المحادثات بشأن الاتفاقية التجارية بين إسرائيل وأوروبا وقضايا حقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق بالأطفال.
في عام 2012، أصدرت منظمة كسر الصمت، وهي منظمة أسسها جنود إسرائيليون سابقون وتهدف إلى كشف الانتهاكات المزعوم ارتكابها من قبل جيش الدفاع الإسرائيلي، كتيبًا يضم تقارير بشهادات مكتوبة قدمها أكثر من 30 جنديًا إسرائيليًا سابقًا. وتوثق هذه التقارير تعرض الأطفال الفلسطينيين للضرب والتخويف والإذلال والإساءة اللفظية والإصابات على يد الجنود الإسرائيليين. وفي هذا الصدد قال المتحدث باسم جيش الدفاع الإسرائيلي أن المنظمة قد امتنعت عن تزويد جيش الدفاع الإسرائيلي بالشهادات بحيث يمكن التحقق من صحتها، في حين علق داني لام رئيس المجلس التنفيذي ليهود أستراليا قائلاً إن هذا النوع من الشهادات “مجهولة الهوية… وتخلو من التفاصيل المهمة ولم يتم اختبارها بأي شكل من أشكال الاستجوابات الدقيقة”.
وعن اعتقال الأطفال، فقد نقلت صحيفة الغارديان البيان الصادر عن الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال (الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فرع فلسطين) والذي يفيد بأن الأطفال الفلسطينيين غالبًا ما يتعرضون للاعتقال ليلاً وتكبيل اليدين وتعصيب العينين وإساءة المعاملة ومنع وصول أفراد أسرهم أو الممثلين القانونيين إليهم. ويذكر التقرير الذي نشرته الغارديان أن الأطفال الفلسطينيين يتم احتجازهم في حبس انفرادي على مدى أيام أو حتى أسابيع، وأحيانًا يوقعون اعترافات ويذكرون في وقت لاحق أنهم وقعوها بالإكراه. وصرحت منظمة بتسيلم أن معاملة هؤلاء الأطفال تنتهك نصوص اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية جنيف الرابعة. ومن ناحيته، عارض أمير أوفيك الملحق الصحفي بالسفارة الإسرائيلية في لندن هذه التصريحات حيث كتب “إن القانون واضح في حالة القبض على قاصر متورط في نشاط إرهابي: غير مسموح بأي شكل من أشكال التعذيب أو الإهانة أو الحبس الانفرادي لاستنطاق اعتراف”. وأضاف أن بيان الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال” [يغفل] الطبيعة المروعة للفظائع التي يمكن أن يكون قد ألقي القبض على هؤلاء القُصر الذين لا تتجاوز أعمار بعضهم 12 عامًا بسببها”.
وفقًا لتقرير صندوق الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” الصادر في أزار/ مارس 2013، ألقت إسرائيل القبض على ما يقرب من 7000 طفل فلسطيني خلال العقد المنتهي في 2013، وهناك 18 طفلاً من بين 27 طفلاً الذين أُلقي القبض عليهم في الخليل في أزار/ مارس 2013 لم تتجاوز أعمارهم 12 عامًا. ويعتمد التقرير على 400 حالة موثقة منذ عام 2009. ويذكر التقرير أن الأطفال الفلسطينيين الذين يتم اعتقالهم من قبل الجيش الإسرائيلي يتعرضون لسوء معاملة “منتشر ومنظم وممنهج” الأمر الذي يعد انتهاكًا للقانون الدولي. وحسب تقديرات اليونيسف، ألقى جيش الدفاع الإسرائيلي وقوات الأمن الإسرائيلية في الضفة الغربية القبض على ما يقرب من 700 صبي تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عامًا، وفي العادة تكون الاعترافات الموقعة مكتوبة باللغة العبرية التي لا يجيد قراءتها سوى عدد قليل من الأطفال القُصر الفلسطينيين. واعتبارًا من كانون الأول/ يناير 2013، تحتجز السجون العسكرية الإسرائيلية 233 صبيًا لا تتجاوز أعمارهم 18 عامًا، و31 صبيًا لا تتجاوز أعمارهم 16 عامًا.
علاوة على ذلك، يتم تكبيل الأطفال أثناء المثول أمام المحكمة ويفرض عليهم تنفيذ الأحكام في إسرائيل. وصرحت اليونيسف بأن هذه النتائج “تجتمع لتسفر عن معاملة أو عقوبة قاسية أو لاإنسانية أو مهينة وفقًا لاتفاقية حقوق الطفل واتفاقية مناهضة التعذيب”. يتم اتهام حوالي 60 بالمائة من القُصر المقبوض عليهم برشق الجنود أو السيارات المارة بالحجارة، الأمر الذي يعتبره جيش الدفاع الإسرائيلي شكلاً من أشكال الإرهاب حيث يؤدي إلى وفاة وإصابة الإسرائيليين، بما فيهم الأطفال.
لقد ذكر تقرير اليونيسف أن إسرائيل قد أجرت بعض التغييرات الإيجابية على مدار السنوات الأخيرة مثل اتباع إجراءات لتقييد اليدين لا تسبب الألم أو الإصابة. وحث إسرائيل على الامتناع عن تعصيب أعين القُصر واحتجازهم في الحبس الانفرادي، وكذلك السماح لمحامي أو فرد من أفراد الأسرة بحضور الاستجوابات وتسجيل الاستجوابات لتوثيق أية ادعاءات كاذبة أو انتهاكات. ومن جانبها قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي كان يجري تغييرات بالفعل للتعاون مع الأمم المتحدة من بينها تقليل مدة الحجز قبل العرض على القاضي إلى 48 ساعة وإخطار الوالدين بالقبض على أطفالهم وإعلام الأطفال بحقهم في الاستعانة بمحامٍ. وردت اليونيسف بأن هذه التغييرات لم تكن محددة بالشكل الكافي. وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية يغال بالمور أن “إسرائيل ستدرس النتائج التي تم التوصل إليها وستعمل على تنفيذها من خلال التعاون المستمر مع اليونيسف التي نقدر عملها ونحترمه”.
سبق ونشرت وزارة الإعلام الفلسطينية بييانًا قالت فيه إنه قد اعتقلت قوات الاحتلال في الفترة ما بين عام 2000م، وحتى عام 2016م، أكثر من 12000 طفل، وما زال في سجون الاحتلال 480 طفلاً، فيما تعرض 95% منهم للتعذيب والاعتداء خلال حملات الاعتقال والتحقيق وانتزاع الاعترافات بالإكراه أثناء استجوابهم. وفي حين يعتقل الاحتلال الإسرائيلى سنويًا أكثر من 700 طفل من كافة المحافظات الفلسطينية، تحت ذريعة إلقاء الحجارة على قوات الاحتلال والمستوطنين، فيما يتعرض طلبة المدارس إلى انتهاكات على الحواجز العسكرية المقامة على مداخل المدن والقرى والمخيمات.
عن الدروع البشرية فقد أوردت منظمة العفو الدولية في تقريرها عن الحرب على قطاع غزة في عام 2008 أنها اكتشفت حالات عرض فيها جيش الدفاع الإسرائيلي حياة المدنيين للخطر، بما في ذلك الأطفال، من خلال استخدامهم كـدروع بشرية. وناقش التقرير أمثلة مثل “إجبارهم على البقاء داخل أو قرب المنازل التي أحكموا سيطرتهم عليها واستخدموها كمواقع عسكرية. وتم إجبار بعضهم على تنفيذ مهام خطرة مثل تفتيش الممتلكات أو الأشياء المشتبه في أن تكون مفخخة”. وأنكر الجيش الإسرائيلي هذه المزاعم قائلاً “لقد عمل جيش الدفاع الإسرائيلي بما يتفق مع قواعد الحرب وبذل أقصى ما في وسعه لتقليل الأذى الذي يلحق بالمدنيين غير المشاركين في القتال. كما أن استخدام جيش الدفاع الإسرائيلي للأسلحة يتوافق مع القانون الدولي”.
في عام 2010، أدين جنديان بجيش الدفاع الإسرائيلي بتهمتي استخدام “السلطة المفرطة” وارتكاب “سلوك شائن” لاستخدامهما طفلاً فلسطينيًا عمره 9 سنوات كدرع بشري لفتح طرود بريدية اشتبها في كونها مفخخة أثناء الحرب على قطاع غزة. وتم وضع كلا الجنديين تحت المراقبة لمدة ثلاثة أشهر وتم خفض رتبتهما. وعلق نائب المدعي العام العسكري الإسرائيلي لشؤون العمليات على ذلك قائلاً “لم يسع المدعى عليهما لإهانة الصبي أو إذلاله أو الانتقاص من قدره”.
وعن ممارسات المستوطنين فقد وردت تقارير تفيد بأن المستوطنين البالغين يضايقون ويهاجمون العائلات الفلسطينية وحتى الأطفال، ووفقًا لـلائتلاف الهادف إلى وقف استغلال الأطفال كجنود عادة ما يستخدم المستوطنون الإسرائيليون الأطفال لمضايقة المدنيين الفلسطينيين بشدة ويتضمن ذلك نهب وسلب المساجد والمتاجر، وتتهم السلطة الوطنية الفلسطينية الحكومة الإسرائيلية بالتغاضي عن الهجمات كما تتهم جيش الدفاع الإسرائيلي بحماية المستوطنين الذين يقع عليهم اللوم ويستحقون العقاب، وقد دعا المراقبون الأجانب الحكومة مرارًا وتكرارًا لاتخاذ المزيد من الإجراءات ضد هؤلاء المستوطنين. إساءة استخدام الجماعات العسكرية الفلسطينية للأطفال وفقًا لـ”التقرير العالمي حول استغلال الأطفال كجنود لعام 2004″ الصادر عن الائتلاف الهادف إلى إيقاف استغلال الأطفال كجنود “لا يوجد أي دليل على التجنيد النظامي للأطفال من قبل الجماعات الفلسطينية المسلحة”.
وفقًا لـهيومن رايتس ووتش، فإنه في عام 2004 كبرى الجماعات الفلسطينية المسلحة بما في ذلك كتائب شهداء الأقصى والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحركة الجهاد الإسلامي وحركة حماس “أنكرت بشكل علني استغلال الأطفال في العمليات العسكرية، وفي عام 2006، حذرت القوات الجوية الإسرائيلية محمد وائل بارود، وهو قيادي فلسطيني تتهمه إسرائيل بإطلاق صواريخ القسام على إسرائيل، لإخلاء منزله في بيت لاهيا في قطاع غزة قبل شن غارة جوية إسرائيلية عليه. ولكن بدلاً من إخلائه، تجمع المئات من الفلسطينيين من بينهم العديد من النساء والأطفال خارج منزل بارود. وأوقفت إسرائيل الغارة الجوية خوفًا من تعرض المدنيين للقتل أو الإصابة.
يبقى أن اتفاقية حقوق الطفل عام 1989 تعد ميثاقًا دوليًا تحدد بموجبه حقوق الأطفال المدنية والسياسية، الاقتصادية والثقافية، التي وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على إدراجها ضمن القانون الدولي في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1989، حيث دخلت حيّز التنفيذ في 2 أيلول/ سبتمبر 1990، بعد أن صدّقت عليها الدول الموقعة. وبحسب هذه الاتفاقية يعرّف الطفل بأنه كل شخص تحت عمر الثامنة عشرة لم يكن بلغ سن الرشد بموجب قانون الدولة، فيما تراقب تنفيذ الاتفاقية لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة، والمكونة من أعضاء من مختلف دول العالم. وتلزم الاتفاقية الدول بالسماح للوالدين بممارسة مسؤولياتهما الأبوية، كما أنها تعترف بحق الأطفال بالتعبير عن أرائهم، وحمايتهم من التنكيل والاستغلال، كذلك حماية خصوصياته وألا يتم التعرض لحياته.
لقد أقر المجلس التشريعي الفلسطيني بجلسته المنعقدة بتاريخ 19 آب/ أغسطس 2003، قانون الطفل المعدل، بهدف الارتقاء بمستوى الطفولة في فلسطين، وحماية حقوق الطفل في البقاء، وتنشئته على الاعتزاز بهويته الوطنية والقومية والدينية، كذلك إعداده لحياة حرة مسؤولة في مجتمع مدني متضامن قائم على التلازم بين الوعي بالحقوق والالتزام بالواجبات. ومن أهم بنود هذا القانون أن تكفل الدولة أولوية الحفاظ على حياة الأطفال، وجميع حقوقهم في حالات الطوارئ، كما على الدولة اتخاذ التدابير المناسبة لملاحقة ومساءلة مرتكبي الجرائم بحق الأطفال سواء من جرائم الحرب أو جرائم ضد الإنسانية، وضرورة توفير جمعيات خاصة بالطفل، وحقه بالانضمام إلى الجمعيات والنوادي.
الخامس من نيسان/ أبريل من كل عام يصادف احتفال فلسطين بيوم الطفل، وإسرائيل تضرب بعرض الحائط كافة المواثيق والأعراف الدولية، فمنذ اندلاع انتفاضة الأقصى، وقوات الاحتلال تستهدف الطفل بمختلف مراحله العمرية، مستخدمة أنواع الوسائل الهمجية كافة ضده. ولم يسلم أطفالنا من الاعتقال الجائر، حيث قامت قوات الاحتلال باعتقال المئات منهم، واحتجزتهم في ظروف قاسية وغير إنسانية، تفتقر إلى الحد الأدنى من المعايير الدولية لحقوق الأطفال والأسرى، حيث عزلت العديد منهم في زنازين انفرادية تفتقر إلى النظافة، والرعاية الصحية، وتعمدت إلى حرمانهم من زيارة الأهالي، بالإضافة إلى تعرضهم للضرب المبرح على يد السجانين، والعقوبات الجماعية، وحرمانهم من التعليم. وعلى الصعيد الاجتماعي، يتعرض بعض الأطفال للإهمال والعنف سواء من قبل مجتمعهم أو أسرهم، وحتى المدرسة، في إشارة تنذر بخطورة استغلالهم في العمل وتشغيلهم في ظروف صعبة، إضافة إلى عدم إعطائهم فرصة للتعبير عن آرائهم أو حتى مشاركتهم في الحياة العامة. فمتى يتوقف ذلك؟.

Optimized by Optimole