الأردن في عين عاصفة “صفقة القرن”

الأردن في عين عاصفة “صفقة القرن”
Spread the love

بقلم: نصار إبراهيم* —
المطلوب: تصفية الأردن لكي يتم تشريع تصفية قضية فلسطين.
المتابع بتأني ودقة لما يجري من ترتيبات معلنة ومضمرة لتهيئة الظروف والشروط اللازمة لفرض ضفقة القرن التي مركزها فلسطين وشعاعها العالم العربي والشرق الأوسط… سيلاحظ أن هناك استهدافاً عميقاً وحقيقياً للأردن الشقيق.
لقد أصبح اللعب فوق الطاولة تماماً.. والضربات تحت الحزام وأكثر، وذلك من خلال “اعتماد سياسة القضم المتدرّج والابتلاع لقمة لقمة، فكانت مواقف أميركا من مسألة القدس وإعلانها عاصمة للكيان الصهيوني ثم مسألة إسقاط صفة المحتلّ عن كلّ أرض تحتلها «إسرائيل» الآن، ثم اعتبار الجولان جزءاً من «إسرائيل»، ثم التضييق على وكالة غوث اللاجئين لتصفيتها وإسقاط مصطلح لاجئ فلسطيني من التداول لإسقاط حق العودة، ووصل قطار التنفيذ الآن الى بناء النظام الدولي لتمويل الصفقة، ولأجل هذا كانت الدعوة الى ما سمّي بـ«ورشة البحرين»، من أجل «الازدهار والسلام» أيّ ازدهار «إسرائيل» وسلامها.
يضاف لذلك ما أعلنه نتنياهو بأن لا دولة فلسطينية غربي نهر الأردن، وهو ما أكد عليه السفير الأميركي في إسرائيل قبل أيام بأن من حقها ضم أراضي من الضفة الفلسطينية .
أما أدوات التنفيذ فهي بعض دول الخليج بأموالها واندفاعها الفاضح مع كيان الاحتلال، عبر تنظيم وعقد المؤتمرات لتمرير وفرض الصفقة.
في هذا السياق المحدد يواجه الأردن ضغوطاً ضارية مثل التجويع وتقنين المساعدات الاقتصادية… وذلك بهدف دفعه للقبول بالصفقة من خلال قبوله بفتح باب التوطين لملايين الفلسطينيين اللاجئين، وأن يقوم بمراجعة نظامه السياسي ليصبح الأردن بمثابة الوطن البديل وفقا لمشروع إرييل شارون منذ عقود.
وصول التخطيط والتنفيذ لهذا الحد يعني وضع الأردن أمام تهديد وجودي ومصيري مباشر يطال مباشرة النظام الملكي الهاشمي والدولة الأردنية.
هذا يعني أن كل محاولات الأردن المناورة والتكيف والتملص والاستجابة لبعض الأدوار المطلوبة في المنطقة بما في ذلك توقيع اتفاقيات وادي عربة لم تجد نفعاً في تحصين الأردن وحماية وجوده. فالمطلوب من الأردن وفق صفقة القرن الأميركية – الإسرائيلية – الخليجية تغيير جذري يهدد كينونته في العمق… أي أن تتم تصفيته لكي يتم تشريع تصفية القضية الفلسطينية.
لكل هذا يعمل الحلف الأميركي – الإسرائيلي – الخليجي على تجاوز الأردن وتهميش دوره وحضوره ومحاصرته اقتصادياً وصولاً إلى العبث بأمنه واستقراره.. وكل ذلك لكي يعلن ومن دون أية شروط قبوله بإملاءات صفقة القرن وتبعاتها.
خلاصة القول: لكي يواجه الأردن هذا التهديد الوجودي ويتجاوزه مطالب وعلى أعلى المستويات بإعادة النظر في الكثير من المواقف والسياسيات الخارجية والداخلية وأن يكون أقلّ تبعية لدول الخليج التي دعمت الصفقة على حساب الكيان الأردني ومصالحه… وهذا يشمل إعادة النظر في كل علاقاته مع كيان الاحتلال السياسية والاقتصادية بما في ذلك إعادة النظر في اتفاقية وادي عربة، وهذه أوراق لا يستهان بها مطلقا..
كما أنه مطالب أيضاً بأن يعيد النظر في خياراته الإقليمية لكي يتمكن من الصمود ومواجهة الضغوطات وتوفير شبكة أمان سياسي، اقتصادي، واجتماعي، وهذا يشمل الموقف مما يجري في سوريا والموقف مما يجري مع إيران…
ويبقى الأهم وهو ضرورة وواجب التحرك بقوة وعمق لتنسيق المواقف مع الجانب الفلسطيني لتحشيد القوى وتنظيم خطوط المواجهة السياسية دفاعا وهجوما.
في النهاية كلمة للجميع شرقي النهر وغربه: الخطر داهم ومحدق وجدي… وبالتالي فإن المرحلة ليست مرحلة اللوم والعتاب وقلنا لكم.. مطلوب حماية الأردن.. كشرط لحماية قضية فلسطين… نقطة.

*كاتب فلسطيني.

Optimized by Optimole