واقع المرأة في ظل “داعش”

واقع المرأة في ظل “داعش”
Spread the love

بقلم: رانيا يونس — لا شك أن للمرأة دوراً كبيراً في تطور الحياة الاجتماعية حيث أنها تعتبر أساس بناء المجتمع مع كونها الأم المربية والتي من خلال مفاهيمها وتعاليمها وقيمها تُبنى ركائز المجتمعات. كما أنها أثبتت براعتها في مختلف مجالات الحياة حتى صارت تنافس الرجل بشكل لا يُستهان به.
وبالطبع لم تصل المرأة إلى هذه المرتبة بسهولة بل عانت الكثير من الصعوبات خاصة في المجتمعات غير المتقبلة لفكرة تطور المرأة وخروجها إلى ميدان العمل حيث كانوا مقتنعين أن على المرأة ملازمة بيتها والاهتمام بزوجها وعائلتها.
إذاً كيف تغيرت حياة المرأة خاصة في المجتمعات الاسلامية؟
كما أسلفنا، فإن دور المرأة في ما مضى كان محصوراً بتأمين متطلبات منزلها وأسرتها، وقد حرمت أغلبهن من حقهن في التعلم وبناء الذات وبقين أسيرات مفاهيم رجعية جعلت منها امرأة خانعة.
ومع تطور الزمن وتغير نظرة المجتمع إلى المرأة ودورها، بدأت المرأة بالتحرر تدريجياً من القيود التي فُرضت عليها. وأهم ما سعت لتحقيقه هو العمل على الحصول على حقها في التحصيل العلمي، وبالفعل فقد أثبتت ذاتها في هذا المجال وبرعت في مختلف مجالات العلم حتى بتنا نجدها في أرقى المراكز محصّلة أعلى درجات التفوق. كما أنها أثبتت حضورها في ميدان العمل في مختلف مجالاته التربوية والاجتماعية والاقتصادية والساسية….. حتى باتت جديرة باعتلاء المواقع القيادية الرئيسية.
وعلى الرغم من كل ما حققته، لم تتخلَ المرأة عن دورها الريادي في بناء المجتمع، بل سعت لتكوين أسرة متماسكة وتحملت مسؤولية دورها كأم ومن أجل تلبية حاجات أسرتها على أكمل وجه.
وبالنتيجة، فإن كل هذه العوامل أدت إلى تغيير تلك النظرة النمطية التي يصر البعض على تثبيتها في أذهان الناس والتي تفيد بأن المرأة “مخلوق من الدرجة الثانية وبنصف عقل” والتي تُقدم على أنها سلعة لتلبية رغبات الرجل وخدمة المنزل فقط.

إذاً، تمكنت المرأة من قطف ثمار تعبها وجهودها لبناء كينونتها على مدى سنين طويلة. ولكن، ما الذي حصل مع ظهور تنظيم “داعش”؟

نتيجة للظروف السياسية والإقليمية والحروب التي نشبت وخاصة في سوريا والعراق، وفرض تنظيم “داعش” سيطرته على العديد من المناطق في كلا البلدين، اعتبر هذا التنظيم أن من واجبه فرض القوانين والأنظمة الشرعية الإسلامية في هذه المناطق- طبعاً حسب نظرته وقناعاته.
وبما أن المرأة هي العنصر الأضعف، في نظره، فقد سعى إلى إعادة تطويقها وحرمانها من أبسط حقوقها تطبيقاً لشرع الله حسب ادعائه، وإعادة نمط الحياة التي كانت سائدة في عصر النبوة والخلفاء الراشدين. كما جعل منها وسيلة لنشر الفتنة الطائفية والمذهبية من خلال نشر أخبار تحريضية تطال كرامة وشرف المرأة المسلمة.
فما كان من هذا التنظيم الا أن فرض على المرأة ملازمة منزلها وخدمة عائلتها ومنعها من الخروج من دون إذن زوجها والا تعرضت للتأديب والعقاب الشديد القسوة. كما تم حرمانها من حقها في التعليم حيث اعتبر التنظيم أن الغرب قد دس سمومه بين النساء المسلمات اللواتي لهثن وراء علوم دنيوية زائفة وتركن التفقه بالعلوم الدينية التي فرض هذا التنظيم تدريسها للنساء وفقاً لمعتقده.
أما في ميدان العمل فقد حرّم التنظيم عمل المرأة أيضاً، ومنعها من مزاولة كافة أنواع المهن ما عدا مهنة الطب مع مراعاة الشروط الشرعية التي فرضها، والتعليم حسب الشريعة التي وضعها، إضافة إلى الجهاد المتعين لمحاربة الأعداء في حال أفتى علماؤهم بذلك.
من هنا، نجد كيف سعى “داعش” إلى إعادة المرأة إلى أيام الجاهلية أو التعامل مع المرأة كأداة للمتعة والجنس يبيعها ويشتريها ويهبها لمن يشاء.

Optimized by Optimole