عن خلاف التيار الشيرازي مع النظام الإيراني

Spread the love

أفرجت السلطات الإيرانية يوم الأحد 19 الجاري عن رجل الدين حسين الشيرازي، نجل المرجع الديني صادق الشيرازي، بعد اعتقاله قبل أسبوعين وهي المرة الثانية التي يعتقل فيها خلال أقل من شهرين حيث اعتقل في السادس من فبراير – شباط الماضي وتم الإفراج عنه بعد أيام.
وجاء اعتقال حسين الشيرازي بسبب انتقاده “الظالمين وحكمهم الجائر في بلاد الإسلام”، في إشارة إلى نظام ولاية الفقيه في إيران، حيث وصف الشيرازي المرشد الأعلى علي خامنئي بـ”الفرعون” خلال كلمة له في كانون الأول/ ديسمبر 2017.
ونظم عشرات من أتباع التيار الشيرازي في العراق والكويت وبريطانيا وقفات تضامنية أمام السفارات والقنصليات الإيرانية احتجاجاً على اعتقال الشيرازي في مدينة قم الإيرانية. في المقابل طالب عدد من أئمة الجمعة في إيران، السلطات بالتصدي بشكل حازم لاتباع ما أسموه بـ”التشيع البريطاني”، في إشارة إلى أتباع التيار الشيرازي.
والتيار الشيرازي الذي أسسه المرجع الراحل محمد الحسيني الشيرازي ويقوده حالياً أخوه صادق الشيرازي، على خلاف سياسي وديني مع النظام الإيراني، بسبب معارضة التيار لطريقة حكم ولاية الفقيه، حيث طالب محمد الشيرازي بعد تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران عام 1979 بإنشاء مجلس شورى للفقهاء وعدم اقتصار الحكم على فقيه واحد باعتبار أن جميع الفقهاء المراجع هم نواب للإمام المهدي ولهم نفس الولاية أو الصلاحيات فلا يحق لفقيه بالتفرد بهذه الولاية.
والجدير بالذكر أن الشيرازيين كانوا من المؤيدين للثورة الإيرانية والمشاركين المتحمسين في نشاطاتها الثورية بعد تأسيس “الجمهورية الإسلامية” حيث تسلم بعض قادتها وكوادرها مناصب في النظام الجديد حيث أسسوا منظمة العمل الاسلامي في 13 أبريل – نيسان 1979 بإشراف مرجعهم محمد الشيرازي وتولى قيادتها السيد محمد تقي المدرسي وكان من قيادييها الشيخ محسن الحسيني والسيد هادي المدرسي والسيد كمال الحيدري، لكن محمد تقي المدرسي اختلف مع صادق الشيرازي ودعا إلى مرجعيته الخاصة، وكذلك انشق الحيدري عنهم ودعا إلى مرجعيته الخاصة.
وقد لعب الشيرازيون دوراً كبيراً في الجمهورية الإسلامية الإيرانية وخصوصاً في مكتب دعم حركات التحرر العالمي برئاسة مهدي الهاشمي شقيق صهر آية الله منتظري، هادي الهاشمي. وقد أسسوا عدداً من المنظمات الثورية في دول الخليج العربية، كالجبهة الإسلامية لتحرير البحرين، ومنظمة الثورة الإسلامية في الجزيرة العربية. لكن الخلافات بين قادة المنظمة الأخيرة حول استخدام العنف ضد السلطات السعودية أدى إلى خروج بعض قادتها منها وحل هذه المنظمة.
كما اتسعت الخلافات بين الشيرازيين والنظام الإيراني بقيادة الإمام الخميني ولاحقاً بقيادة المرشد علي خامنئي، وتم تهميش قادة وكوادر التيار في الدولة الإيرانية، فيما وسع التيار نشاطاته في بعض المدن الإيرانية وخصوصاً قم وأصفهان، وفي العراق وخصوصاً في مدينة كربلاء التي ينحدر منها قادة التيار، وبعض الدول الخليجية وبخاصة الكويت والبحرين.
يعتبر التيار الشيرازي شيعياً سلفياً ومتشدداً ضد السنّة وينتقد محاولات النظام الإيراني وبعض علماء الشيعة للتقارب مع أهل السنّة وتحريم ومنع سب الصحابة وأمهات المؤمنين، ويركزون في تعبئة جماهيرهم كثيراً على مجالس العزاء والخطب الدينية التي يتم فيها الشحن المذهبي والتذكير بفواجع أهل البيت، وبخاصة ما يتهم بها بعض الخلفاء. وقد أغلقت السلطات الإيرانية قبل سنوات بعض قنواتهم الفضائية المخصصة للتحريض المذهبي وسب الصحابة وأمهات المؤمنين، وبخاصة مكتب قناة فدك التي تبث خطب ياسر الحبيب، وهو صهر السيد مجتبى الشيرازي.
وتتهم السلطات الإيرانية ياسر الحبيب والتيار الشيرازي بالعمالة للاستخبارات البريطانية وبكونهم يؤدون دوراً في الفتنة بين السنة والشيعة لإضعاف صفوف المسلمين من خلال قنواتهم وخطبهم التي تسب الصحابة وأم المؤمنين عائشة.
في المقابل يهاجم الشيرازيون النظام الإيراني وولاية الفقيه والمرجعيات الدينية في النجف ويدعون إلى مرجعية صادق الشيرازي ويعتبرونه مرجعية فاعلة وحركية تمثل التشيع النقي إذ يرفضون الدعوات الإصلاحية التي تطالب بمراجعة التراث الشيعي وغربلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة منه، والتخلي عن الطقوس الشيعية التي تسيء للمذهب وبخاصة شعيرة التطبير (حز الرأس) في ذكرى عاشوراء.
وتأتي انتقادات حسين الشيرازي للنظام الإيراني وولاية الفقيه والمرشد خامنئي من قلب مدينة قم الدينية في توقيت حرج حيث خرجت إيران قبل شهرين من موجة احتجاجات شعبية على خلفية اجتماعية – اقتصادية، ما يجعل النظام أكثر تشدداً في قمع أي حركة اعتراضية خصوصاً داخل الأوساط الدينية، وبخاصة التيار الشيرازي الذي يملك أتباعاً كثراً في إيران وإمكانات مالية وإعلامية داخل إيران وخارجها.

Optimized by Optimole