تواصل اجتماعي

تواصل اجتماعي
Spread the love

بقلم: رنا رئيف عمران | حاصرتنا الثورة التقنية بلا هوادة، اجتاحت يومياتنا وتفاصيل حياتنا بلا استئذان، فتحت لنا عوالم افتراضية لا نهاية لها، فتاهت جوارحنا بين الواقع وذلك العالم الرقمي، كثير من التداخل بتنا معه لا نفرق أحياناً الحدود الفاصلة بينهما.
ولعل أهم مساحة يؤمها الجميع هي مواقع التواصل الاجتماعي، حيث لكل منا منبره الخاص يبثه صوره وأحداث حياته، أحزانه وأفراحه، ذكرياته وأمنياته، والأهم من ذلك الإمكانية الهائلة للتفاعل بين المعارف أو الأصدقاء افتراضيين كانوا أم حقيقيين.
تختلف الثقافات كما تختلف درجات المعرفة والوعي، الأعمار والهوايات والاهتمامات، وبالرغم من كل إيجابيات هذا العالم الحداثي إلا أنه لا يتعدى حقيقة كونه افتراضياً، يمكن أن تميع فيه الحقائق أو تغيب، الأمر الذي يخلق فضاء تواصلياً سلبياً، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يأتي أوكله من تواصل إنساني يغني حياتنا بتحصيل ثقافي ومعرفي نرتقي معه ونحقق هدفاً جوهرياً جاءت به تقنيات الشبكة العنكبوتية لحياة بشرية أسمى.
لذلك حري بنا جميعاً أن نتعامل مع هذا الواقع على أنه حقيقي بشكل تام نفضي إليه بالحقيقة بكل صدق لنحصد أقصى فائدة مرجوة، فالافتراضية لا يمكن أن تعني بأي حال من الأحوال المغالطة أو الكذب، لا تعني أن تتحول لقاءاتنا الرقمية إلى ساحة للنفاق والتعامل المبتذل.
لا شيء على الإطلاق يبرر هذا الحال السيىء من التعاطي المبتذل، فكما في حياتنا الواقعية تتحقق مقولة (حبل الكذب قصير)، ومهما تمادى البعض في نفاقهم وريائهم ستتكشف الحقائق، الأمر الذي سيقوض مجمل تلك العلاقات التي من المفترض أن تكون على درجة رفيعة من الرقي كعلاقات إنسانية شفافة.
لا شيء يمكن أن يشبع وحشة الحياة مثل العلاقات الطيبة والنقية في عالم طافح بالبرود الاجتماعي واللامبالاة.
جميل أن تزين تلك العلاقات والوشائج عالمنا الاغترابي، نرتقي بها إلى فطرتنا الإنسانية السامية والتي لا يمكن أبداً أن نقارب السعادة الحقيقية بدونها متجردين من كل شوائب الدنيا وتبعات الزمن القاسي.
لا يمكن أن نتعامل مع مجمل عوالمنا الحقيقية أو الافتراضية بازدواجية حمقاء تنتقص من مكنونات الجمال في لحظاتنا، معاً لنرتقي بكل تلك العوالم إلى واقع يليق بأرواحنا وعطر الإنسانية في قلوبنا.

المصدر: صحيفة الوحدة السورية

Optimized by Optimole