الرد الروسي على العقوبات الغربية

الرد الروسي على العقوبات الغربية
Spread the love

شجون عربية – بقلم: مصطفي أحمد مقلد*|
مع بدء العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا بهدف نزع سلاح أوكرانيا ومنع انضمامها إلى حلف الناتو بجانب دعم الجمهوريتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا وذلك حسب ما أعلنته الجهات الروسية، وقف الرئيس الأميركي جو بايدن محاولاً منع ذلك بتشديد العقوبات على الاقتصاد الروسي وبوتين والأوليغارشية في مسعي لشل الاقتصاد الروسي، وبالتالي إرغام روسيا على التراجع وتقوية الموقف التفاوضي للوفد الأوكراني أمام نظيره الروسي بهدف وقف إطلاق النار وإقامة ممرات آمنة للمدنيين للخروج من المدن التي تعرضت للهجوم إلى جانب الوصول إلى توافق حول حلول نهائية لانهاء ذلك الصراع.
من الوضوح بمكان أن العقوبات الغربية التي فُرضت على مراحل والأخذة في تصاعد قد أثرت بشكل كبير علي الاقتصاد الروسي، فتراجع قيمة الروبل الروسي وانخفاض الاحتياطي النقدي لنصف قيمته وتأثر شركات الطيران بعد إغلاق المجال الجوي الأوروبي في وجهها، كل ذلك ساهم بشكل جعل روسيا تحاول الرد على العقوبات بشكل تحول لما يشبه حرباً إقتصادية، بدءاً من محاولة إبطال دولرة الاقتصاد الروسي وبناء مؤسسات وهياكل مالية بديلة تحميها من العقوبات وتهدد في الوقت ذاته وضع الدولار باعتباره عملة العالم. كذلك تحاول الصين التأثير في وضع الدولار من خلال تنويع إحتياطياتها من النقد الأجنبي وتشجيع مزيد من المعاملات باليوان ومحاولة إصلاح نظام العملات العالمي من خلال تغييرات في صندوق النقد الدولي، إثر تدهور العلاقات بين الصين والولايات المتحدة، ما يحفز بكين على الإنضمام إلى موسكو في بناء نظام مالي عالمي يستوعب الدول الخاضعة للعقوبات الأميركية، أو تلك الحليفة للولايات المتحدة لكنها تبحث عن فرصة لمزيد من الاستقلال عنها، كلها خطوات تعزز استراتيجية روسيا.
وهناك نظام “SPFS” المالي الروسي تعوّل عليه روسيا بعد إخراجها من نظام سويفت المالي وهو يعمل بكامل طاقته منذ 2017 ولديه 399 جهة مشاركة.
ومنذ عام 2018 يخفض المركزي الروسي حصة الدولار في احتياطيات النقد الأجنبي بشراء الذهب واليورو واليوان، وسحب كثير من احتياطياته من سندات الخزانة الأميركية، حيث إنخفضت من 96.1 مليار دولار الي 14.9 مليار دولار.
وفي عام 2021، أعلنت روسيا قرارها بإزالة الأصول الدولارية بالكامل من صندوق الثروة الوطنية الذي تبلغ قيمته 186 مليار دولار.
وفي خطوة جريئة كان بوتين قد صرّح بأن عقود الغاز الروسي المصدر للدول غير الصديقة ستكون بالروبل الروسي وهو ما يصعب تحقيقه عملياً، بل قد يكون المستهدف ليس تحقيقه وإنما الاستفادة من تأثيرات ذلك التصريح على سوق الطاقة وسعر الروبل أمام العملات الاجنبية.
ويتطلب تحقيق ذلك عملياً شراء أوروبا للعملة الروسية ما يزيد تدفق النقد الأجنبي علي روسيا وبالتالي يستعيد الروبل جزءاً من قيمته بعد العقوبات، وزيادة سعر الغاز في الأسواق الاوروبية على المواطن الأوروبي ما يمثل عبئاً سياسياً واقتصادياً تتحمله الدول الأوروبية التي فرضت العقوبات على روسيا.
لكن عقود الشراء المبرمة تقف عائقاً أمام تحقيق ذلك وهو ما أعلنته مجموعة السبع برفض التصريح ودعت إلى احترام مبدأ التعاقد.
*كاتب سياسي.

Optimized by Optimole