طوفان الأقصى .. صفعة القرن

طوفان الأقصى .. صفعة القرن
Spread the love

/ يقلم رشيد غفران
شهد قطاع غزة نهاية الأسبوع الماضي إنتفاضة غير مسبوقة، حيث تمكنت المقاومة الفلسطينية بقيادة كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس ومعها باقي الفصائل من قلب معادلة الصراع والمواجهة مع إسرائيل، حيث شنت هجوم مفاجئ ومباغت، على القوات الإسرائيلية يوم السبت الماضي، كلف الإحتلال الإسرائيلي خسائر مادية وبشرية مهمة، حيث تمكن عناصر المقاومة من التسلل داخل المناطق المحتلة والتي تسيطر عليها قوات الإحتلال، وقتل المئات من الجنود وأسرهم، وبث الرعب في أوساط المستوطنين الإسرائييلين، هذا الهجوم المباغت لحركة حماس على إسرائيل، شكل صفعة تاريخية على وجه إسرائيل، حيث أطاح بالصورة التقليدية التي ترسمها دائما إسرائيل عن نفسها، وتروجها بإعتبارها قوة إستخباراتية لا مثيل لها في المنطقة، وإعتبار جيشها جيشا لا يجابه ولا يقهر، فبالرغم من الإمكانيات الهائلة التي تتوفر عليها إسرائيل، إلا أن هذا الإختراق الذي أقدمت عليه المقاومة الفلسطينية، بقيادة حماس وجناحها العسكري كتائب عز الدين القسام، هز من صورة الإستخبارات الأشهر والجيش (الأقوى) في الشرق الأوسط، وفضح عجزها عن رصد الهجوم وصده، وأطاح بأسطورة الأمن الإسرائيلية، التي ما فتئت تتباهى بها سلطة الإحتلال، وتروج لها أمام شعبها المغتصب.
هذا الهجوم الذي نفدته المقاومة الفلسطينية، لم يقتصر فقط على فضح مدى هشاشة نظام الإستخبارات الإسرائيلية، بل برهن على أن المقاومة في غزة، قادرة على ان تكون ندا للإحتلال الإسرائيلي، وتذيقه مرارة الهزيمة، وتذله أمام الملأ، وتهين سمعته وصورته أمام العالم، بالرغم من الحصار الذي تعرضت له غزة، من طرف الإحتلال، وخذلان الإشقاء والأصدقاء لها، ولشعبها ومقاومتها، وقد حدث فعلا ذلك، حدث أن برهنت المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس، أنها الوحيدة القادرة نيابة عن الخانعين والخاضعين لسلطة الإحتلال، على أن تجابه الإحتلال وتقف في وجه جيشه، وتواجه بطشه وقمعه بشجاعة وبسالة، وتمرغ أنفه ووجهه في وحل الهزيمة و الفضيحة والعار.
ولعل إختراق جدار حديدي من طرف عناصر المقاومة الفلسطينية، كلف بناؤه أكثر من ثلاث سنوات، وملايين من الدولارات، يحتوي أسلحة يتحكم فيها عن بعد بسهولة تامة، وتنفيذ هجمات داخل العمق الإسرائيلي، أكبر تجلي للفضيحة والهزيمة والعار التي لحقت بالإحتلال الإسرائيلي، ناهيك عن تمكن المقاومة الفلسطينية من التوغل داخل المستوطنات الإسرائيلية، وتمكنها من قتل وسحل عدد كبير من الجنود، وأسر عدد كبير منهم وإقتيادهم، بطريقة أقل ما يمكن أن يقال عنها، أنها مهينة لصورة إسرائيل ومذلة لجيشها، الذي يقال عنه جيش لا يقهر ، كما نجحت المقاومة في إجبار المستوطنين على الفرار، وبث الرعب بين أوساط الإسرائيليين منهم من هرول نحو مطار بن غوريون، ليفر خارج إسرائيل، ومنهم من إتخذ الملاجئ مفرا ومستقرا له، ليصبوا جام غضبهم على قياداتهم السياسية والعسكرية، ويحملوها مسؤولية الفشل في حمايتهم من المقاومة ومن صواريخ الفلسطينيين المنطلقة من غزة المحاصرة والمطوقة من كل جانب.
لم يكن الإسرائيليون وحدهم من تلقى الصفعة المدوية والتاريخية، جراء هذا الهجوم المباغت لعناصر المقاومة الفلسطينية، بل معهم عدة عواصم غربية منها وعربية حتى، ممن إرتضت التودد لإسرائيل والإرتماء في أحضانها، تحث يافطة التطبيع، ويبدو أنها تتشارك الهاجس ذاته، مع إسرائيل وتتقاسم معها آثار الصدمة والذهول، وهي التي لم تجرأ على إدانة وحشية إسرائيل وغطرستها، وسفكها لدماء أطفال غزة وفلسطين، وإنتهاك أبسط حقوقهم، بل لمحت في بيانات الخزي والعار، التي أصدرتها أعقاب الأحداث التي تجري في غزة وتخومها، إلى تحميل الفلسطينيين مسؤولية ما يحدث لهم، وذنبهم الوحيد الدفاع عن أرضهم ومقاومة المحتل الصهيوني، هذا حال العرب، أما الغرب ومن هول الصفعة ووقعها الشديد، فقد وقف وقفة رجل واحد مع المحتل، وأيد صراحة وعلانية قتل أهل غزة وتدميرها، ترجم ذلك، بإرسال دعم مادي للكيان الصهيوني، وترتيب زيارات رسمية من مسؤولين بارزين لتلك البلدان لإسرائيل، لإظهار هذا الدعم كما فعلت أمريكا، بل مدت الصهاينة بالأسلحة وحاملات الطائرات، وكل ما ستحتاجه لتدمير غزة وتهجير أهاليها، وقتلهم، وسحقهم، وتشريدهم. يضاف إلى ذلك شيطنة ومعاقبة وتهديد ، كل من سولت له نفسه، دعم ومساندة المقاومة والتعاطف معها، وقد تعرض النشطاء الداعمين للقضية الفلسطينية للترهيب، وتضييق غير مسبوق، خاصة في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، التي جرمت كل أشكال التعاطف مع غزة وأهلها، في تعارض صارخ لحقوق الإنسان واحترام حرية التعبير، التي تزعم تلك الدول دائما، أنها من مبادئها وقيمها ، لكن يبدو أن تلك المبادئ والقيم تختفي كل ما تعلق الأمر بقتل الفلسطيني وسحله وتشريده وتهجيره.
إن الحقيقة التي يجب أن يدركها و يتقبلها الإسرائيليون والأمريكيون ، وحلفائهم الأوروبيين، وكذلك زعماء العرب الذين يتوددون لإسرائيل، ويهرولون نحو التطبيع معها، أن السلام في فلسطين لن يتحقق مادام الإحتلال قائم، مادام الطغيان والظلم يمارس على الفلسطينيين، ما دام الكيان المحتل مستمر في القتل والتنكيل بحق الفلسطينيين، ستظل بنادق أهل غزة، وصواريخ القسام والجهاد الإسلامي وكل فصائل المقاومة، موجهة لدك حصون العدو المحتل، وبث الرعب والخوف في نفس شعبه المغتصب. ولن يعم السلام حتى يخرج المحتل وينتهي الإستيطان، ويسترد الفلسطيني أرضه وبيته المغتصب، لن يعم السلام حتى يكون للفلسطيني دولته الخاصة به، تحترم فيها كرامته، ويحظى فيها بكامل حقوقه.

Optimized by Optimole