يديعوت أحرونوت: ثمانية دروس موقتة من عملية “درع وسهم”

يديعوت أحرونوت: ثمانية دروس موقتة من عملية “درع وسهم”
Spread the love

بقلم: غيورا أيلاند – رئيس سابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي –

هذا الصباح (الأحد)، بدا أن عملية “درع وسهم” وصلت إلى نهايتها مع التوصل إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل والجهاد الإسلامي، بوساطة مصرية. وسواء ظلّ وقف إطلاق النار سارياً أم لا، من الممكن الآن عرض الدروس التي تعلمناها، ليس فقط من هذه المواجهة، بل من المواجهات السابقة مع غزة، وأيضاً من مواجهات مشابهة مع حزب الله في التسعينيات.

أولاً؛ من المهم التفريق بين نوعين من العمليات: تلك التي هدفها محدود، وهو المحافظة على الوضع القائم، وبين تلك التي تهدف إلى تغيير الوضع من أساسه. بطبيعة الأمر، الإنجاز الذي يمكن أن يحققه النوع الأول من العمليات متواضع، لكن عملية – أو حرباً – هدفها تغيير الوضع من أساسه، ستكون محفوفة بالمخاطر والخسائر، ولها أثمان باهظة. يجب ألا يغرّنا التفكير في أنه من الممكن تغيير الوضع من أساسه، كما في النوع الثاني من العمليات، في وقت قصير وبثمن قليل، كما في النوع الأول من العمليات. ومن الواضح تماماً أن العملية الأخيرة مثل سابقاتها، هي من النوع الأول من العمليات.
ثانياً؛ إذا كان استمرار الوضع القائم – جولة عنف بمعدل سنوي – يبدو غير محتمل، فحينها، يمكن التفكير في استراتيجيا أُخرى، لكن مثل هذا النقاش يجب ألّا يجري خلال العملية، بل قبلها. وعندما نتفحص الاحتمالات الأُخرى، لا يكفي القول إن الوضع القائم غير محتمل، بل يجب اقتراح مسار كامل يمكن أن يخلق واقعاً أفضل بكثير.
ثالثاً؛ من المهم – قبل اتخاذ القرارات – تصوير الواقع بصورة صحيحة. والواقع هو أن غزة تحولت منذ وقت، بحكم الأمر الواقع، إلى دولة مستقلة، وحكومتها – حكومة “حماس” – تتنازعها مصلحتان: الأولى تأمين الحياة الطبيعية لسكان غزة، والثانية الحفاظ على مقاومتها لإسرائيل، وأن تصبح ممثلة للزعامة الفلسطينية في الضفة الغربية أيضاً. في مقدور إسرائيل دفع “حماس” إلى تفضيل المصلحة الأولى، وكلما وسّعنا سياسة “الجزرات الاقتصادية” في أيام الهدوء، بهذه الطريقة ننجح أكثر.
رابعاً؛ في أي مواجهة ضد تنظيم “إرهابي”، مثل الجهاد الإسلامي، ليس هناك أي أهمية لمسألة مَن كان آخر مَن أطلق النار. إذا نجحنا في ضرب أهداف نوعية للجانب الثاني، وهو ردّ بقصف مكثف من دون أن يوقع إصابات، هذا هو بالضبط الوقت الملائم لإنهاء الحادثة، ويبدو أننا مررنا بهذا الوضع مرتين خلال أيام القتال.
خامساً؛ من مصلحة إسرائيل إنهاء الحادثة بسرعة، بينما من مصلحة الطرف الثاني الاستمرار في المواجهة. بالنسبة إلينا، على الرغم من أننا لا نعترف كثيراً بذلك، هناك دائماً فائدة هامشية متناقصة من الهجمات الإضافية، بينما بالنسبة إلى العدو، فإن بقاء نصف سكان الدولة في الملاجىء هو بحد ذاته إنجاز يُظهر من خلاله قدرته على الصمود.
سادساً؛ يجب أن نكون أكثر حساسيةً حيال عدد المصابين من الأبرياء من نساء وأطفال في الجانب الثاني. هذا لا يعني أن العملية غير مبررة، لكن كنا ننتظر من الناطقين بلسان إسرائيل التعبير عن تعاطفهم مع المدنيين الأبرياء الذين قُتلوا في غزة.
سابعاً؛ يجب التوقف عن السلوك المعيب الذي يتكرر في كل عملية، والذي في إطاره، يعقد رئيس الحكومة ووزير الدفاع، وهذه المرة أيضاً رئيسا الأركان والشاباك – مؤتمرات صحافية يكيلون فيها المديح لأنفسهم، ويبعثون برسائل تهديدية. هذا أمر غير لائق، وغير مشرّف، وغير مقنع، ويتسبب بأذى لنا في العالم – ولو تعقّدت العملية، لبدَت هذه المؤتمرات الصحافية مثيرة للشفقة.
ثامناً؛ يُجري الجيش تحقيقاً بعد كل عملية، والأكيد أنه سيفعل ذلك أيضاً في نهاية العملية الحالية، لكنه لا يُجري قط تحقيقاً حقيقياً أيضاً مع المستوى السياسي. كل هذه النقاط الثماني السابقة تعلمناها جيداً في التسعينيات وفي العقد الأخير، لكن يبدو أن المستوى السياسي يتعلمها من جديد في كل مرة، وهذا أمر مؤسف.

المصدر: صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية – نقلاً عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية