تقرير : التسريبات الاستخباراتية الأمريكية تُلقي الضوء على مراقبة مستمرة للحلفاء

تقرير : التسريبات الاستخباراتية الأمريكية تُلقي الضوء على مراقبة مستمرة للحلفاء
Spread the love

شؤون آسيوية

إن ما أوردته تقارير عن تسريبات لوثائق سرية للغاية انتشرت على الإنترنت مؤخرا قد ألقى الضوء على أنشطة التجسس الواسعة التي تقوم بها واشنطن على حلفائها وخصومها على حد سواء.

لقد أصبح الكشف عن مثل هذه الأنشطة شائعا بشكل متزايد في السنوات الأخيرة، وأثارت التسريبات الأخيرة للوثائق مخاوف دول معنية صديقة للولايات المتحدة، فيما يجري حلفاء آخرون أيضا تقييمات للأضرار لتحديد ما إذا كانت مصادرهم وأساليبهم الخاصة قد تعرضت للخطر.

في وقت سابق من هذا الشهر، تصدرت العناوين الرئيسية تقارير عن مجموعات مما يقال إنها وثائق استخباراتية أمريكية تم تحميلها على مواقع التواصل الاجتماعي مثل تويتر وتليجرام.

ووفقا لمسؤولين أمريكيين، فإن العديد من هذه الوثائق أصلية ويعتقد أنه تم إنشاؤها بين منتصف فبراير وأوائل مارس. وهي تحتوي على بيانات سرية للغاية تتعلق بدول صديقة للولايات المتحدة بما فيها أوكرانيا وكوريا الجنوبية وإسرائيل.

وكشفت إحدى المذكرات المسربة أن الولايات المتحدة تتجسس على أحد حلفائها الآسيويين الرئيسيين، كوريا الجنوبية، من خلال استخبارات الإشارات، التي تنطوي على التنصت الإلكتروني واعتراض الاتصالات، وتضمنت المحتويات مناقشات بين مسؤولين كوريين جنوبيين حول ما إذا كان ينبغي تزويد أوكرانيا بالأسلحة تحت الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة.

وبالمثل، يبدو أن إسرائيل، أهم حليف للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، قد استُهدفت أيضا في إطار شبكة المراقبة التي صنعتها واشنطن.

فقد ذكرت صحيفة ((واشنطن بوست)) أنه وسط تحقيق أمريكي في التسريبات، كشفت وثيقة “سرية للغاية” عن تمرد مزعوم من قبل جهاز الاستخبارات الإسرائيلي ضد الإصلاح القضائي الذي اقترحه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وذكرت الوثيقة أنه وفقا لاستخبارات الإشارات، فقد حث كبار قادة جهاز المخابرات الإسرائيلي “الموساد” في فبراير المسؤولين والمواطنين على الاحتجاج على الإصلاحات، حسبما أفاد التقرير.

ونقلت صحيفة ((واشنطن بوست)) عن ناتان ساكس الباحث الإسرائيلي في مؤسسة بروكينغز قوله “إذا كان ذلك صحيحا، فسيكون بمثابة تغيير كبير في الإجراءات التي تقوم بها قيادة الموساد ويضع إسرائيل في موقف غير مسبوق”.

إن ملحمة التسريب الأخيرة ما هي إلا لمحة عن المراقبة العشوائية التي تقوم بها واشنطن منذ أمد بعيد للعالم. فالتقارير الإعلامية تشير إلى أن وكالات الاستخبارات الأمريكية، بتمويل سنوي قدره 90 مليار دولار أمريكي، لديها صلاحيات واسعة للتنصت على الاتصالات الإلكترونية وتشغيل الجواسيس وممارسة المراقبة باستخدام الأقمار الصناعية.

في الواقع، إن مراقبة الولايات المتحدة العشوائية للعالم موثقة بشكل جيد، وهو ما يكسبها سمعة سيئة كإمبراطورية مراقبة لا تعطي اعتبارا للخصوصية أو القانون الدولي.

في مايو 2021، ذكرت هيئة الإذاعة الوطنية الدنماركية أن جهاز استخبارات الدفاع الدنماركي قد منح وكالة الأمن القومي إمكانية الوصول المفتوح إلى الإنترنت للتجسس على كبار الساسة في البلدان المجاورة، بمن فيهم المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل.

وذكر التقرير إن وكالة الأمن القومي حصلت عن قصد على بيانات وبالتالي تمكنت من التجسس على رؤساء دول مستهدفة، فضلا عن قادة دول اسكندنافية مجاورة، وساسة كبار ومسؤولين رفيعي المستوى في ألمانيا والسويد والنرويج وفرنسا، الأمر الذي تسبب في صدمة وغضب عالميين.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مايو 2021 إن هذا “غير مقبول بين الحلفاء، ناهيك عن كونه بين الحلفاء والشركاء الأوروبيين”، وقالت ميركل إنها “لا تستطيع إلا أن توافق” على ما قاله ماكرون.

في أوائل عام 2013، كشف المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي إدوارد سنودن أن واشنطن كانت تتجسس على البريد الإلكتروني واتصالات بالهاتف المحمول لما يصل إلى 35 من قادة العالم. ووصفت وسائل الإعلام الغربية الوثائق المسربة مؤخرا بأنها “أسوأ تسريب استخباراتي” منذ ذلك الحين.

وتضغط أحزاب المعارضة والمشرعون في كوريا الجنوبية على الحكومة للمطالبة باعتذار من واشنطن بشأن ما تردد عن التنصت على المكالمات الهاتفية، الذي يقولون أنه ينتهك سيادة كوريا الجنوبية ويضر بالثقة الثنائية. كما يطالبون بحقائق شديدة الوضوح، ووعد بمنع تكرار ذلك من جانب الولايات المتحدة.

وأثار التسريب أزمة ثقة أخرى بين الولايات المتحدة وحلفائها، وهو أمر يعقد العلاقات بينهما.

ووسط تصاعد المعارضة والضغوط الداخلية، صرح مكتب الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك-يول في بيان له يوم الثلاثاء بأن الشكوك التي أثيرت حول مراقبة مكتبه في سول “خاطئة تماما”.

وجاء الكشف عما تردد عن التنصت على المكالمات الهاتفية قبل أسابيع قليلة من القمة المقبلة بين يون والرئيس الأمريكي جو بايدن، المقرر عقدها في 26 أبريل. وقد ذكرت صحيفة ((كوريا تايمز)) أن هناك مخاوف من أن يلقي التسريب بظلاله على اجتماعهما.

المصدر: شينخوا