شينخوا: كيف تؤثر أزمة سقف الديون الأمريكية على الاقتصاد العالمي

شينخوا: كيف تؤثر أزمة سقف الديون الأمريكية على الاقتصاد العالمي
Spread the love

شؤون آسيوية- بقلم: سونغ قوه يو
أرسلت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين رسالة إلى الكونغرس تفيد بأن ديون الحكومة الفيدرالية وصل سقفها إلى 31.4 تريليون دولار أمريكي. ورغم ذلك، فإنه بعد مضي 10 أيام، لم يُمرر الكونغرس الأمريكي مشروع قانون لرفع سقف الديون، تاركا الحكومة بلا أموال.

ومقارنة بمخاطر سقف الديون السابقة، تجلب هذه الأزمة المزيد من التشاؤم من العالم الخارجي. وإلى حد كبير، فإن مخاطر سقف الديون الأمريكية تتجذر في السياسات الداخلية للحزبين، ونموذج التنمية الاقتصادية الأمريكية المدفوع بالديون، وكذلك إساءة استخدام مكانة الدولار كعملة عالمية.

بالنظر إلى الخدع السياسية للحزبين الجمهوري والديمقراطي، فمن المرجح أن تتأخر مفاوضات سقف الديون في الولايات المتحدة حتى “اللحظة الأخيرة”.

وعند الوصول إلى حد الدين، سيكون في مجلس النواب الذي يقوده الجمهوريون، وليس الديمقراطيين. وفي الوقت نفسه، يصر الحزب الجمهوري على أن توسيع الديون لا ينبغي أن يصبح “بطاقة ائتمان غير محدودة” للنفقات المختلفة لإدارة جو بايدن، مقترحًا ربط زيادة الديون بخفض الإنفاق.

وفي عام 2021 ، سارت مفاوضات سقف الديون بشكل أكثر سلاسة، مع سيطرة الديمقراطيين على الكونغرس. وتشير التجارب السابقة إلى أن مثل هذه المفاوضات في الولايات المتحدة تستغرق وقتًا أطول في الكونغرس المنقسم.

وبدافع من العوامل السياسية المحلية، يلتزم الحزبان بالانخراط في مفاوضات سقف الديون لمواصلة مصالحهما المنظورة. وسيستخدم الجمهوريون، على وجه الخصوص، أزمة سقف الديون لفرض تنازلات على الديمقراطيين.

وفي الوقت نفسه، اُنتخب كيفن مكارثي، الرئيس الجديد لمجلس النواب الأمريكي، بعد مأزق تاريخي. وبالتالي، فإنه في حاجة إلى إظهار رغبة قوية في حماية مصالح الجمهوريين واستخدام الحدة مع الديمقراطيين. لذلك، قد تكون المفاوضات أكثر تعقيدًا ؛ في ظل هذه الظروف، قد تصل الولايات المتحدة مرة أخرى إلى “حافة الديون”.

ومن جهة أخرى، تستمر العوامل السياسية المحلية في الولايات المتحدة في تأخير مفاوضات سقف الديون، مما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى إغلاق الحكومة الفيدرالية الأمريكية. والجدير بالذكر أنه لا يمكن أن تتحمل الولايات المتحدة أو العالم نتيجة ذلك.

أولا، لم يعد الوضع الاقتصادي الحالي في الولايات المتحدة يتحمل أي من الألعاب السياسية المحلية طويلة الأجل بشأن حد الديون. ومنذ بداية هذا العام، تعمقت المخاوف المتعلقة بالركود الاقتصادي في الولايات المتحدة، حيث يعكس الأداء الأخير لسوق الأسهم الأمريكية والقرار الذي اتخذته شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى، المتعلق بتسريح عدد كبير من الموظفين التوقعات المتشائمة للنمو الاقتصادي الأمريكي هذا العام.

حتى إذا تمكن الاقتصاد الأمريكي من تجنب الركود، فإن النمو سيكون هزيلًا. ومن جانبه، يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد الأمريكي بنسبة 1 بالمائة هذا العام، فيما يتوقع تقرير الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه لعام 2023 الصادر عن الأمم المتحدة أن يبلغ معدله 0.4 بالمائة.

ثانيا، يعتمد النمو الاقتصادي الأمريكي إلى حد كبير على توسع الديون الضخمة. لقد اقترضت الحكومة الفيدرالية الأمريكية مبالغ كبيرة من أجل التعامل مع جائحة كوفيد-19 وتحفيز النمو الاقتصادي، حيث بلغت الديون الوطنية الأمريكية 23 تريليون دولار في بداية 2020، بينما شهدت ارتفاعا كبيرا لتصل إلى 31 تريليون دولار اليوم. وبالمقارنة، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد من 21 تريليون إلى 26 تريليون دولار. باختصار، فإن توسع الديون الفيدرالية يزيد عن نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات الثلاث الماضية بتريليوني دولار.

فإذا تأخرت مفاوضات الحد من الديون أو كانت على حساب التقشف في الإنفاق الحكومي الفيدرالي، فسيواجه الاقتصاد الأمريكي ضغوطا هائلة، تهز ثقة السوق وتؤدي إلى تقلبات عنيفة في الأسواق المالية.

ثالثًا، يمثل سقف الديون الأمريكية مشكلة للولايات المتحدة والاقتصاد العالمي. ففي عام 2023 ، ستتفاقم نقاط ضعف الاقتصاد العالمي. وبالتالي، فإن هناك حاجة إلى بيئة تنموية أكثر استقرارًا.

لنفترض أن الولايات المتحدة فشلت في التوصل إلى اتفاق بشأن سقف ديونها على المدى القصير. وفي هذه الحالة، من الممكن يسبب تقلبات متزايدة في الأسواق المالية الدولية، كما أنه سيؤثر بالتأكيد على استقرار الاقتصاد العالمي. وبالتالي، ستتضرر الدول الأخرى من عواقب الاضطراب السياسي المستمر في الولايات المتحدة.

وخضع الاقتصاد العالمي لاختبار التضخم الأمريكي العام الماضي. أما اليوم، يواجه الاقتصاد العالمي خطر أزمة سقف الديون الأمريكية.

طالما استمرت الألعيب السياسية بين الحزبين في الولايات المتحدة ، ستتكرر مشكلة سقف الديون. وطالما تعتمد الولايات المتحدة على الديون لتعزيز التنمية الاقتصادية، فإن سقف ديونها سيقيد النمو الاقتصادي بشكل دائم. وطالما ظلت مكانة الدولار الأمريكي كعملة عالمية دون تغيير، فإن سقف الديون الأمريكية سيواصل تأثيره على الاقتصاد العالمي، ما يؤدي إلى رياح معاكسة كبيرة.
المصدر: شينخوا

Optimized by Optimole