دور الشباب العربي في المشاركة السياسية

دور الشباب العربي في المشاركة السياسية
Spread the love

شجون عربية – بقلم: قاسم أبو عرة* |
الشباب هم عماد التقدم ومستقبل الدول، والسبيل إلى نهضة المجتمعات، والعنصر الأهم فيها، فسيدنا يحيى عليه السلام أخذ الرسالة وهو شاب، وزيد بن حارثة رضي الله عنه قاد أعظم الجيوش وهو شاب، ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قال “نصرت بالشباب”، فكل هذه الأمور دلالة عن الدور الكبير والفعال للشباب في الدولة.
إن الشباب العربي يشكل ما نسبته ثلث عدد السكان في العالم العربي وهذا يعني أن العالم العربي عالم شبابي، ولكن هنالك العديد من المشكلات التي تواجه الشباب العربي في عالمهم ومنها الفقر والبطالة وتلك أهمها، حيث أن العالم العربي ما زال لحد يومنا هذا عاجز عن حل هذه المشكلات، ولا يمكن الحديث عن الديمقراطية إلا بمشاركة الشباب العربي في إدارة شؤون بلادهم.
أولًا: سمات المشاركة السياسية وأنواعها
في حين أن المشاركة السياسية تعني أن يقوم أفراد الدولة بالانخراط والمشاركة بشكل طوعي وإرادي في آرائهم السياسية في إدارة الدولة، حيث أصبحت المشاركة السياسية أهم وسيلة للتعبير عن المواطنة والشفافية والحداثة حيث أنها تتركز على اختيار النخب السياسية ومقاضاتهم في أعمالهم المخلة بنظام الدولة لجعل دولهم من أفضل الدول، كما أن المشاركة السياسية ترتبط بنظام الدولة السياسي بحيث أن يكون النظام عادل ونزيه وشفافًا وقانونيًا. وهنالك العديد من السمات التي تتميز بها المشاركة السياسية ومنها: سلوك طوعي بإمتياز ونشاط إرادي مبني على الاقتناع الشخصي، وسلوك مكتسب عن طريق التفاعل مع الأفراد من جهة والاحتكاك بالمجتمع من جهة أخرى، وسلوك إيجابي واقعي مرتبط بالممارسة السياسية، وعملية اجتماعية وجماهيرية عامة وشاملة.
كما أن هنالك العديد من أنواع المشاركة السياسية ومنها:
المشاركة المؤسساتية أو الرسمية: يقوم بها الموظفين السياسيين من خلال وظيفتهم داخل السلطة الحاكمة (الوزراء، كتاب الدولة، الولاة).
المشاركة المنظمة: تكون بواسطة مؤسسات المجتمع السياسي التي تكون حلقة وصل بين المواطن والسلطة العليا (الأحزاب السياسية، النقابات العمالية).
المشاركة المستقلة الفردية: هي تلك المشاركة القائمة على الإرادة الحرة المنفردة حيث ينخرط المواطن في أمور الدولة.
ثانيًا: الدولة والمجتمع
أن النظام السياسي مهما كان له علاقة جيدة ووطيدة مع المجتمع، فهو يستوعب طلبات المجتمع وحاجياته بشكل جيد (المدخلات)، ثم يستجيب إلى المخرجات على شكل قرارات سياسية أو قوانين تخدم المجتمع بأكمله.

كما أن وظيفة الحكومة الاسياسية هي اتخاذ القرارات (المخرجات)، وقد تكون هذه القرارات مرضية للناس فيصبح هناك رضا شعبي على هذه القرارت، أو قد تكون هذه القرارات غير مرضية للناس فيصبح هناك استياء من حالة هذه القرارات وقد يؤدي هذا الاستياء إلى حدوث السخط والغضب من قبل أفراد المجتمع.
أن حالة السخط التي قد يقوم بها أفراد المجتمع قد تؤدي إلى العدوان والعنف فتحدث الثورات والتي قد تؤدي إلى حدوث عمليات القتل بين صفوف الجيش أو الشعب، فيجب عدم حدوث مثل هذا النوع من السخط والغضب، فعندما تصبح الأمور متأزمة ويصبح هنالك حالة من عدم الرضا على هذه القرارت فيجب أن تقوم الحكومة مباشرة بتعديل القرارات أو احتواء الوضع والتهدئة من روعة الشعب وغضبهم.
أن النظام السياسي لا يحافظ على توازنه أو استقراره إلا بالمشاركة السياسية العاجلة والهادفة والتي يؤديها جميع أفراد الشعب ومن بينهم الشباب، لأنه عندما تصبح هنالك مشاركة من الجميع، وتصدر المخرجات مثلا القرارات، ويصبح هذا القرار سيء على الشعب فعواقب هذا الامر يتحمله الجميع، ولا تحدث هنالك أية حروب أو صراعات داخل الدولة.
ثالثًا: أهداف الشباب من المشاركة السياسية
إن أساس المشاركة السياسية وجود تنمية سياسية هادفة وعادلة وشاملة تسهم في بناء الدولة وتطويرها ولا تقتصر على المستوى السياسي فقط وإنما على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، وتتحقق المشاركة السياسية عن طريق الأحزاب السياسية، المجتمع المدني، النقابات العمالية والمهنية، جماعات المصالح، والنخب بجميع أنواعها سواء كانت سياسية أو إدارية أو اقتصادية أو ثقافية.
كما أن الغرض من المشاركة السياسية هو الوصول إلى السلطة وخدمة المجتمع وتقدم الدولة وتطويرها والتأثير على قرارات الدولة لتكون لصالح الفئة المشاركة، حيث أن المشاركة السياسية تكون فعالة إذ كانت تستهدف أعمال الحكومة بانتقادها وتقييمها بشكل مفيد ومستمر وفعال كما أن الغرض من المشاركة السياسية هو اختيار النخب القيادية الكفؤة ورسم سياسات الدولة ومساعدتها على وضع خططها لتحقيق التنمية بكافة أشكالها .
1. وفي هذا الصدد لابد من تناول موضوع شباب الأرياف ومدى اهتمامهم بالشأن السياسي الداخلي والخارجي:
يتم قياس أن الدولة تتمتع بنظام ديمقراطي أو لا من خلال نسبة تمتع المواطنين بارائهم السياسية ونسبة مشاركتهم في قرارات الدولة ومدى تمتعهم بالحريات والاستقلالية ومدى ثقافتهم ومن هنا تعتبر المشاركة السياسية أساس الديمقراطية.
كما أن لكل نظام سياسي بيئة تؤثر فيه ويؤثر بها فالنظام والحكومة هم مرآتا البيئة وأداة لتفيد البيئة وتطورها، كما أن المشاركة السياسة تختلف من حيث النوع والجندر (الرجال والنساء) وحسب الفئات العمرية أيضًا.
أن شباب الأرياف والبوادي في المجتمع العربي أقل اهتمامًا بالشؤونِ السياسية سواء كانت الداخلية أو الخارجية مقارنة بشباب المدن؛ وهذا يرجع إلى عدة عوامل منها: هجرة الشباب العربي من الريف إلى المدن بحثًا عن الوظيفة ولقمة العيش، وانعزال أهل البوادي في الكهوف والخيام والجبال وابتعادهم عن الحياة السياسية، وبعد شباب الأرياف والبوادي عن مراكز الحضر مما يمنعهم من الإستفادة من الأمور السياسية، وضعف أداء الأحزاب السياسية والنقابات العمالية والتي يكون لها دور فعال في تفعيل المجتمع القروي العربي، وانتشار الأمية والجهل والفقر والتخلف في البوادي وغياب الوعي السياسي في تلك المناطق.
أن شباب الأرياف ليسوا منخرطين بالشأن السياسي الداخلي أو الخارجي في الدولة، حيث أنهم مهتمون فقط بأعمالهم الشخصية والعائلية، فالمغتربون مثلًا عندما يرجعون من الخارج إلى ريفهم وبلدهم يهتمون بعائلاتهم وأعمالهم ولا يعطون لأمور الدولة أي اهتمام، كما أن هناك سبب آخر يجعل أهل الريف غير مهتمون بالوضع السياسي وهو غياب الدور الذي يقوم به النقابات والأحزاب والمؤسسات الرسمية في تلك الارياف فيتم تهميشهم بشكل كبير ولا يعطون لهم أي اهتمام.
أما شباب الحواضر ومدى إهتمامهم بالشأن السياسي الداخلي والخارجي:
يعتبر شباب الحواضر أكثر نشاطًا ومشاركة ووعيًا خلال القرن الماضي وذلك بعد صعود أحزاب اليسار حيث أن السلطات الحاكمة كانت تمنع الأحزاب المعارضة من أداء دورها السياسي حيث حصلت عدة انقلابات عسكرية في المجتمع العربي بعضها نجح والآخر فشل، مثل ما حدث في العراق ومصر والجزائر، الأمر الذي أثر على الوضع السياسي في تلك الدول، بالإضافة إلى ذلك فإن الثورات العربية التي حدثت في الوطن العربي منذ سنة 2011 أثرت على الوضع السياسي والمشاركة السياسية .
أن شباب الحواضر والمدن لم يقتصر دورهم بالشأن العام الداخلي بل ركزوا على قضايا التنمية الداخلية والخارجية مثل القضية الفلسطينية والحروب الأهلية في اليمن وليبيا وسوريا والعراق والإهتمام بقضايا المسلمين في الشرق الأوسط والعالم أجمع.
أن مشاركة شباب الحواضر ستبقى مشاركة فعالة سواء كانت إيجابية أو محايدة أو معارضة، بالإضافة إلى أن شباب المدن المهمشة مثل تونس والجزائر أصبحت لهم كلمتهم في إشعال فتيل الحراك الاجتماعي من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية.
كما أن المؤسسات الرسمية والنقابات العمالية والمهنية والأحزاب السياسية في المدن يعملون بشكل كبير من خلال الوعي السياسي للشباب وتثقيفهم سياسيًا واقتصاديًا وتدربيهم على إدارة الدولة، كما أن هنالك سبب رئيسي ويعتبر محوري في تلك العملية وهو أن مركز المؤسسات والنقابات والأحزاب موجود في المدن.
استخلاصًا، لما سبق نعيش اليوم في عالم متغير تسوده الحروب والصراعات السياسية، فمنذ سنة 2011 ولحد يومنا هذا يعيش العالم العربي في موجة كبيرة من الحروب سميت بالربيع العربي بدأت من تونس وانتقلت إلى معظم الدول العربية، وكان هناك دور رئيسي وعامل أساسي في الحروب وهو الذي طالب بالتغيير في تلك الدول وهذا العامل هو الشباب، فهم الذين خرجوا بمسيرات كبيرة، مطالبة حدوث التغيير في تلك الدول نحو الأفضل.
فيجب أن يأخذ الشباب العربي دوره ومركزه في الدولة لكي تقوم هذه الدولة على ثوابت وقواعد قوية ومتينة للنهوض بالدولة وتطويرها، فلا يعقل أن يتم تهميش دور الشباب في أي عمل في الدولة سواء كان سياسيًا أو اجتماعيًا أو اقتصاديًا، كما أن المشاركة السياسية في عالمنا العربي بالنسبة للشباب ضعيفة جدًا والنسبة تختلف ما بين القرى أو المدن، فيجب أن يتم تفعيل كل المؤسسات الرسمية في جميع القرى والمدن لتنشيط الوعي السياسي لدى الشباب من أجل المشاركة في إدارة الدولة لنهوضها وتقدمها.

* باحث في دراسات الشرق الأوسط، الجامعة العربية الأميركية، فلسطين.

Optimized by Optimole