غلوبال تايمز: الصين وروسيا معقلان لعالم متعدد الأقطاب يكسر الهيمنة الأميركية

غلوبال تايمز: الصين وروسيا معقلان لعالم متعدد الأقطاب يكسر الهيمنة الأميركية
Spread the love

كتب لو شيانغ، الباحث في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، مقالة في صحيفة “غلوبال تايمز” الصينية تناول فيها الأزمة الأوكرانية والتعاضد الصيني الروسي في وجه الهيمنة الأميركية.

وقال الكاتب: كما يقول الفيلسوف والمحلل السياسي الروسي ألكسندر دوفين، فإن العالم أحادي القطب، وأيديولوجيا العولمة، والهيمنة الغربية آخذة في الانهيار، والولايات المتحدة لا تريد أن تقف مكتوفة الأيدي. فواشنطن مستعدة لاتخاذ أي إجراء لمنع حدوث ذلك. وهكذا نشأت مشكلة أوكرانيا عندما أعلنت الولايات المتحدة “عن غزو روسي وشيك”.

وأضاف الكاتب أن الأزمة الأوكرانية الحالية ليست في الأساس مشكلة روسية أوكرانية، لكنها مشكلة أميركية – أوروبية. فالولايات المتحدة تهدف من خلال التحريض بشأن أزمة أوكرانيا إلى قتل عصفورين بحجر واحد وتضييق الخناق على روسيا وتحقيق الاستقرار في حلف شمال الأطلسي (الناتو). فنظراً لأن الأعضاء الأوروبيين في حلف الناتو في الوقت الحاضر ينفصلون بشكل متزايد عن الولايات المتحدة، تحتاج الولايات المتحدة إلى الاستفادة من أزمة أوكرانيا لخلق شرخ بين روسيا وأوروبا، وتعزيز حلف الناتو وتعزيز سيطرة الولايات المتحدة على هذه المنظمة. ونتيجة لذلك، سيتعين على الدول الأوروبية تعزيز حلف شمال الأطلسي وكذلك التحالف عبر الأطلسي.

وأشار الكاتب إلى أنه بالإضافة إلى أوكرانيا، هناك الكثير من الرافعات المالية الأخرى المتاحة للولايات المتحدة في أوروبا. إذ يمكن التحكم في البلدان الصغيرة مثل ليتوانيا واستخدامها بسهولة من قبل الولايات المتحدة. وتشعر الولايات المتحدة بقلق أكبر بشأن عدم امتثال دول كبيرة مثل ألمانيا وفرنسا، الأمر الذي قد يؤدي إلى خروج العلاقات الأوروبية الأميركية عن مسارها الحالي. فهذا هو السبب الذي يجعل الولايات المتحدة تحاول يائسة إفساد مشروع خط أنابيب الغاز “نورد ستريم2” ومنع ألمانيا وروسيا من تكوين نوع من الشراكة الاقتصادية.

وقال لو شيانغ إن ما فعلته الولايات المتحدة في أوروبا لاستهداف روسيا مشابه في طبيعته لعملياتها المناهضة للصين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. إن سعي الولايات المتحدة نحو العولمة منذ الحرب العالمية الثانية كان في الأساس رغبة في الحفاظ على عالم لها اليد العليا فيه. حالياً، تحاول الولايات المتحدة توسيع دائرة أصدقائها، مع استبعاد الصين وروسيا فقط. ويرجع ذلك، من وجهة نظر أميركا، إلى أن هاتين القوتين فقط لديهما القدرة على حماية سيادتيهما.

وأضاف: في النهاية، لا تريد الولايات المتحدة ظهور دولة مهيمنة أخرى خارج أميركا الشمالية. فالصين هي ثاني أكبر اقتصاد في العالم ولديها قدرات دفاعية عسكرية كافية، في حين أن روسيا قوة عسكرية هائلة مع أراضٍ شاسعة وموارد وفيرة. وفي الوقت نفسه، فإن الدرجة العالية من التماسك الاستراتيجي بين الصين وروسيا ستكون موضع حسد من جميع الدول المتحالفة تاريخياً. فالشراكة بين الصين وروسيا ليست تحالفاً. لكن الدولتين يقدمان دعماً قوياً لبعضهما البعض سياسياً واقتصادياً. ومن خلال التعاون السياسي والاقتصادي والأمني ​​العميق والمستقر، ستضمن الصين وروسيا وجود أكثر من قطب واحد في العالم، مما يلهم الدول الأخرى لبذل قصارى جهدها لتصبح ذات سيادة كاملة.

واعتبر الكاتب الصيني أنه نظراً لأن الولايات المتحدة تتفهم قوة الصين وروسيا مجتمعة، فقد كانت تحاول سرد قصة “توحّد الصين وروسيا الشريرتين لتشكيل تهديدات للعالم” وتروّج باستمرار “للتهديدات” المتأتية من التعاون الصيني الروسي. فقد اعتادت الولايات المتحدة على الاعتقاد بأن روسيا ستندمج مع أوروبا بالطريقة التي تفضّلها بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، لكن تبين أن الواقع قصة مختلفة. وقد جعل هذا الولايات المتحدة قلقة وزادت مخاوفها مع صعود الصين كحضارة مختلفة عن الغرب. نتيجة لذلك، جاءت حتمية شيطنة الصين وروسيا من قبل أميركا. لكن هذا لا معنى له لأن لا شيئاً يمكن أن يوقف تنمية الصين أو الصداقة بين الصين وروسيا.

وختم الباحث بالقول: “أصبحت العلاقات بين الصين وروسيا حجر الزاوية لنظام دولي متعدد الأقطاب. كانت حقبة القطب الواحد مجرد وهم عابر لعقد أو نحو ذلك بعد الحرب الباردة، لكن الولايات المتحدة لا تزال تسعى للحفاظ عليها. ومع ذلك، فإن الصين وروسيا موجودتان في العالم بصفتيهما حصنين لا تستطيع الولايات المتحدة اختراقهما، وهو ضمان أساسي لعالم متعدد الأقطاب.

نقله إلى العربية بتصرف: هيثم مزاحم

Optimized by Optimole