“هيئة تحرير الشام” تصعّد من اعتقال خصومها “الجهاديين” في إدلب

“هيئة تحرير الشام” تصعّد من اعتقال خصومها “الجهاديين” في إدلب
Spread the love

“هيئة تحرير الشام” تعتقل عدداً من الشخصيات المنتمية لجماعات جهادية، مثل حراس الدين وشام الإسلام، في حملة اعتقالات متواصلة ضد منافسين وحلفاء سابقين.

بقلم: سلطان الكنج لموقع “المونيتور” – ترجمة: شجون عربية –

كثفت هيئة تحرير الشام، التي تسيطر على محافظة إدلب شمال غرب سوريا، أخيراً من حملة الاعتقالات ضد تنظيم “حراس الدين” التابع لتنظيم القاعدة.
وانتشرت أنباء في 2 شباط / فبراير عن اعتقال “هيئة تحرير الشام” لأبو البراء التونسي، القيادي البارز في “حراس الدين”، وقائدَين آخرين من الجنسية المغربية. وجاءت الاعتقالات خلال مداهمات الأجهزة الأمنية لهيئة “تحرير الشام” في بلدة كنصفرة في منطقة جبل الزاوية.
التونسي هو واحد من أبرز الشخصيات في “حراس الدين” ومقرّب من القاعدة. كان عضواً سابقاً في “جبهة النصرة”، لكنه انشق عنها بعد انفصال الأخيرة عن “القاعدة” عام 2016.
وكانت وسائل إخبارية مقرّبة من “حراس الدين” قد أعلنت، في أيلول / سبتمبر 2021، عن مقتل قياديَين بارزَين في التنظيم، وهما أبو البراء التونسي وأبو حمزة اليماني، في هجوم بطائرة مسيرة من قبل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة على سيارتهما قرب مدينة بنش شمال غربي محافظة إدلب. ومع ذلك، قد تشير التقارير الأخيرة عن اعتقال التونسي إلى استهداف زعيم آخر في هجوم 2021.
وفي وقت سابق يوم 29 كانون الثاني / يناير الماضي، داهمت “هيئة تحرير الشام” عدة مواقع ومنازل لعناصر “حراس الدين” في مدينة جسر الشغور ومحيطها في ريف إدلب الغربي. واعتقلت 11 من قادة “حراس الدين” بينهم عدد من المغاربة العاملين في جماعة “شام الإسلام” الجهادية.
وتزامنت الحملة الأمنية التي شنتها “هيئة تحرير الشام” ضد قيادات وأعضاء مرتبطين أو مقربين من “حراس الدين” مع إنزال جوي لطائرات هليكوبتر أميركية في 3 شباط / فبراير بالقرب من معبر دير بلوط في منطقة أطمة، بالقرب من الحدود مع تركيا، في عملية كوماندوس أدت إلى قتل أبو إبراهيم الهاشمي القريشي زعيم تنظيم “داعش”.
وقالت مصادر مقربة من جهاديين في إدلب تحدثت لـ”المونيتور”، إن “هيئة تحرير الشام” اعتقلت بعض قادة “شام الإسلام” واتهمتهم بمهاجمة الأرتال التركية والإضرار بمصالح المدنيين في إدلب بالتحريض ضد الوجود التركي.
كما اعتقلت الهيئة عدداً من الأعضاء البارزين في “أنصار الإسلام”، وهي جماعة جهادية كردية معظم قادتها أكراد عراقيون، قبل فترة وجيزة من إطلاق سراح عدد منهم، بينهم مغيرة الكردي وعبد المتين الكردي وأبو علي قلاموني.
أما أبو عبد الرحمن الكردي، المسؤول العسكري للتنظيم، فلا يزال محتجزًا لدى “هيئة تحرير الشام”.
وقالت مصادر من إدلب لـ”المونيتور” إن “هيئة تحرير الشام” تلاحق الشخصيات الجهادية خوفًا من تنامي قوتهم وتأثيرهم.
في 2 شباط / فبراير، أطلقت “هيئة تحرير الشام” سراح الجهادي الفرنسي عمر ديابي، المعروف أيضاً باسم عمر أومسين، المشتبه به في تجنيد عدد كبير من المواطنين الفرنسيين للانتقال إلى سوريا. وكانت هيئة تحرير الشام تعتقل ديابي منذ أكثر من عام ونصف.
وقالت مصادر لـ”المونيتور” إن إطلاق سراح ديابي جاء شريطة أن يبتعد عن الإعلام ويمتنع عن تهديد مصالح الغرب بأي شكل من الأشكال.
وقال الباحث في الجماعات الجهادية في اسطنبول، محمد السكري، لـ”المونيتور”: “نجحت هيئة تحرير الشام في إفشال مخططات ضدها من قبل “حراس الدين” منتصف عام 2020. كما أجبرت فصيل “جند الشام” على ترك مواقعه في ريف اللاذقية نهاية عام 2021. وفي بداية عام 2022 يبدو أنها تلاحق شخصيات «جهادية» مستقلة بعضها ينتمي إلى التيار السلفي. وترى هيئة تحرير الشام أن هؤلاء يمثلون خطراً لا يقل عن خطر نظرائهم في “حراس الدين” و”جند الشام”. ولهذا اعتقلت الهيئة أبو البراء التونسي ومجموعة من الشخصيات السلفية الأخرى”.
وأضاف السكري: “هيئة تحرير الشام تعتقل أيضاً بعض أعضائها وقادتها في ظل وجود معارضة داخل صفوفها ضد حملة الاعتقال التي تقودها الهيئة ضد الجماعات الجهادية الأخرى. وهي تخشى أن تؤدي موجة المعارضة هذه إلى تقويض هيكلها. لذلك فهي تسعى باستمرار لاحتواء الوضع في إدلب من أجل الحفاظ على سيطرتها على المشهد العسكري”.
وأشار السكري إلى أنه “يبدو أن خيارات التيار الجهادي في إدلب أصبحت محدودة في ظل التحالف بين التيارات الجهادية الكبرى، أي هيئة تحرير الشام والحزب الإسلامي التركستاني، مما يعني سيطرة كاملة على إدلب”.
وقال إن هيئة تحرير الشام تريد إقناع الأطراف الإقليمية بدورها كسلطة فعلية، مما يمنحها فرصة لتولي دور أمني في إدلب. وأضاف: “كلما ازدادت الثقة بنفسها والثقة بها، زاد استقطابها للقوى الخارجية للتعامل معها كلاعب معتدل قادر على تحقيق مصالح اللاعبين الدوليين”.
وأشار إلى أن هيئة تحرير الشام ستبقى مجرد سلطة بحكم الأمر الواقع من دون قبول شعبي، مؤكداً أن “إمكانية بقاء هيئة تحرير الشام يكتنفها الشك”.
وقال عباس شريفة، الباحث في شؤون الجماعات الجهادية المقيم في تركيا، لـ”المونيتور”، إن الحملة الأمنية التي تشنها هيئة تحرير الشام ضد حراس الدين وجماعات أخرى تهدف إلى إضعاف قدرتها على تعديل أوراقها وإعادة ترتيب صفوفها. واستهدفت الاعتقالات القيادات الميدانية في حراس الدين الذين يزعمون أنهم أصبحوا مستقلين ويعملون خارج مجال النشاط الجهادي. تخشى هيئة تحرير الشام أن تشكّل هذه الشخصيات سراً خلايا معادية لها”.
وأوضح أن هيئة تحرير الشام تخشى أن يكون للتيارات الجهادية قوة ونفوذ أكبر، خاصة وأن هذه الشخصيات الجهادية المستقلة لم تنضم إلى صفوفها بعد انسحابها من الجماعات التي انتمت إليها. وأشار إلى أن “هيئة تحرير الشام تخشى أيضاً أن ينضم بعض أعضائها إلى هذه الجماعات، مثل حراس الدين”.
وأشار شريفة إلى أن “هيئة تحرير الشام تسعى من خلال هذه الاعتقالات إلى إضعاف منافسيها الذين يتنافسون معها على الشرعية وحق السيطرة. إنها تحاول تصوير نفسها كشريك محلي في مكافحة الإرهاب من خلال إحباط أي عمليات عبر الحدود يمكن أن تستهدف بعض البلدان مثل تركيا”.
وختم بالقول: “في ضوء حملات الاعتقال هذه، يمكن للجماعات الجهادية أن تختار النشاط السري من خلال الخلايا الصغيرة والعمل اللامركزي والعمليات خلف خطوط العدو. ومع ذلك، قد تتغير هذه الإجراءات في أي لحظة إذا تمكنت هذه المجموعات من الظهور بقوة أكبر”.

المصدر: المونيتور