الحنين إلى الزمن الجميل

الحنين إلى الزمن الجميل
Spread the love

بقلم: رشا عبد الحليم |

في واقع محبط بات الماضي ملاذا نلجأ إليه.

لطالما انشغلت بالصور القديمة المعلقة على حائط غرفتي < صورة أبي القديمة ،غلاف فيلم التايتانك ، صورة لااعبي المنتخب الإيطالي > باتت هذه الصور تثير نوعا من النوستالجيا “الحنين الى الماضي واسترجاع مشاعر عابرة ولحظات سعيدة وطرد جميع اللحظات السلبية ” الذي يجعلنا أكثر دفئا وأمانا ، لست وحدي من اختبر هذا الشعور فهناك دوما صور وذكريات مزروعة في مكان ما.

“أشيائنا الذهبية”

جميعنا محتفظ معه باحدى هذه الذكريات راديو قديم ، أشرطة الكاسيت، ورد مجفف في صندوق خشبي عتيق ، ألبومات صور ، براويز ، دفتر مذكرات مليء بعبارات دونها اصدقاء ربما لم يعد لهم وجود الآن .

قد تكون هذه الأشياء نوعا من الكراكيب والأنتيكا القديمة التي تبدو عديمة الفائدة بفوضويتها ولكنها بالنسبة لجيل التسعينيات وماقبله باتت رمزا لزمن ليته يعود يوما .

 

“السينما : الشاشة التي كانت تبوح بآمالنا و آلامنا أصبحت في حاضرنا الضبابي شوقا من نوع خاص “

في الأمس سألني صديقي عن الذهاب إلى السينما، لم يكن لدينا خيار سوى ‘ سينما سيتي ‘ فهي الوحيدة الملائمة في دمشق كونها تتمتع بتقنيات حديثة وعرض لأحدث الافلام العالمية إضافة إلى أنها لم تغلق أبوابها .

بعد أن عانت السينما السورية من غياب الصالات والطقس السينمائي في دمشق لسنوات عادت بي الذاكرة إلى حديث أبي الشيق عن سينما الفردوس والسفراء وسينما دنيا في السبعينيات ، حيث كان يرتدي ثيابه الجديدة ويمضي مع أصدقائه سهرة الخميس في مشاهدة فيلم ، فقد كان يعتبر ارتياد صالات السينما في ايام شبابه ثقافة راقية وسائدة ، أما الآن بعد سنوات الأزمة ولجوء معظم دور السينما الى اغلاق صالاتها او افتقارها للخدمات والصيانة ومع انتشار الإنترنت والمنصات العالمية لإنتاج الافلام كنتفلكس وغيرها باتت فكرة السينما تقليدية وغير مألوفة .

السينما

” الحنين الى الماضي بعيدا عن التكنولوجيا “

كنت أحلم بالعيش في زمن الرسائل الورقية المليئة بالدفء والعاطفة وانتظار وصولها بشغف وشوق والاحساس بكلماتها ومعانيها.

لا أحد يستطيع أن ينكر إيجابيات التكنولوجيا الحديثة على العالم وأن الحياة الآن أكثر راحة وسلاسة من الماضي ففي اي وقت نشاء نستطيع التواصل مع الاسرة والأصدقاء في اي مكان وكاننا نجلس بينهم ، الا انها بالوقت نفسه أحدثت الهشاشة في علاقاتنا الاجتماعية وجعلتنا حاضرين جسدا لا روح ، فتجمعات العائلة والأصدقاء التي كنا ننتظرها بفارغ الصبر بأجوائها الجميلة والأحاديث الشيقة نتفاجئ الآن بحالة الصمت والجفاء التي تسود المكان وكل فرد منهمك في هاتفه لا يدري مايجري حوله .

الراديو

انظر الى صورة الست ام كلثوم و يأخذني هذا إلى صوتها ‘ قول للزمان ارجع يازمان’ ، وبالرغم أن مساحات الأمان الخاصة بالذكريات والحنين مؤقتة ولكن تلك اللحظات الجميلة التي ننتمي إليها في ذاكرتنا كفيلة لتشعرنا بالرضا والسلام الداخلي المفتقد في عالمنا الحاضر.

 

*رشا عبد الحليم كاتبة فلسطينية مقيمة في دمشق.

الكاتبة رشا عبد الحليم

Optimized by Optimole