بيبي ينتظر بايدن؟ صفقة الأف-35 تكشف العلاقات المعقدة مع ترامب

بيبي ينتظر بايدن؟ صفقة الأف-35 تكشف العلاقات المعقدة مع ترامب
Spread the love

بقلم: نوعا لنداو – محللة سياسية إسرائيلية –
قبل عامين تحديداً، بعد وقت قليل من مراسيم نقل السفارة الأميركية إلى القدس، عندما كان يبدو أن العلاقات بين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب في ذروتها، همس أحدهم في أحاديث مغلقة في اللوبي الموالي لإسرائيل أيباك أن إدارة ترامب ليست بالضرورة بشرى رائعة جداً لحكومة نتنياهو. “ترامب شخص لا يمكن توقُّع ردات فعله، هو لم يكبر داخل نادي السياسيين الأميركيين التقليدي، وهو ليس من أهل البيت في أيباك، ومَن يؤثر فيه أكثر في واشنطن هو لوبي الإنجيليين. يجب على نتنياهو أن يمدحه ويحذر منه في آن معاً، وهذا ليس بسيطاً.” صفقة طائرات أف-35 سواء تمت أو لم تتم، هي فقط النموذج الأخير للتعقيد الحقيقي في العلاقات.
طوال الولاية السابقة لترامب في البيت الأبيض، بذل نتنياهو قصارى جهده لرسم مشهد صداقة حارة، وثيقة ومتينة. لكن الواقع لم يكن دائماً بسيطاً. مرات عديدة فاجأ ترامب نتنياهو من وراء الكواليس بأقوال وطلبات غير متوقعة تتعارض مع سياسته المعلنة، وتطلبت جهوداً كبيرة لصوغها من جانب السفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان وسفير إسرائيل في الولايات المتحدة رون دريمر كي تبدو الصورة من دون شوائب.
في المؤتمر الصحافي الأول للرجلين في سنة 2017، كان واضحاً كيف تشبث نتنياهو، الفنان في إرسال الرسائل، بالسيناريو المُعد سلفاً، بينما ترامب، فنان الارتجال، أحرجه أمام عدسات الكاميرا. ففي نقل مباشر قال له ترامب: “الطرفان [الإسرائيلي والفلسطيني] سيضطران إلى التساهل، أنت تعرف ذلك، صحيح؟” وطلب “كبح وتيرة الاستيطان قليلاً”، وشرح أنه على الرغم من أنه لا يهمه فعلاً ما إذا كان هناك في النهاية دولة واحدة أو دولتان في منطقتنا – مع ذلك يبدو له أن حل الدولتين “سيكون أسهل”. هذا الكلام دفع نتنياهو إلى الضحك محرَجاً كأنه سمع نكتة.
منذ ذلك الحين، كان هناك العديد من أحداث علنية كهذه، وخصوصاً في الاجتماع في الأمم المتحدة حين واصل ترامب أمام الكاميرات الشرح أن حل الدولتين هو الحل المفضل بالنسبة إليه، كما اتضح في النهاية، وفي مقابلات قال فيها مثلاً “المستوطنات تعقّد كثيراً، ودائماً عقّدت مهمة صنع السلام.” وحتى الهدية التي تُعتبر أكبر هدية تلقاها نتنياهو وجرى تسويقها كخدمة شخصية – نقل السفارة- قال ترامب في الأسبوع الماضي إنه فعل ذلك من أجل الإنجيليين “المتحمسين لهذه الخطوة أكثر من اليهود.”
صفقة طائرات أف-35 ، سواء بيعت لاتحاد الإمارات أم لا، هي إطلالة على هذه الصعوبات التي جرى أغلبها من وراء الكواليس. في الواقع نتنياهو مقيد: هو لا يستطيع مهاجمة صديقه ترامب علناً بأي طريقة من الطرق. كل شيء يجب حلّه بهدوء.
من التفصيلات والأدلة المعروفة حتى الآن يبدو أن اتحاد الإمارات والولايات المتحدة ضغطا على إسرائيل منذ فترة طويلة للموافقة على الصفقة. هذا ما يظهر في كلام وزير خارجية الإمارات، وأيضاً في حقيقة أن نتنياهو سعى لنشر توثيق طويل ومفصل عن اعتراضاته. لماذا جرت كل هذه الاجتماعات من أجل الموضوع؟ لأنه كان هناك ضغط أميركي. يتضح الآن أنه سواء أعطى نتنياهو موافقته الصامتة أم لا- ترامب لم يعتمد بالضرورة عليه. “طبعاً لديهم المال ليدفعوا”، قال الرئيس بعينين براقتين “هم يريدون شراء أف-35 وسنرى ما سيجري. هذا قيد الدراسة.”
في ضوء هذا وغيره، يمكن أن نتخيل سيناريو ينتظر فيه نتنياهو بصمت وسراً مجيء جو بايدن. المرشح الرئاسي للحزب الديمقراطي ونائبته كاميلا هاريس مريحان أكثر لمناورات أيباك، وأولئك الذين لديهم سجل حافل في دعم إسرائيل. صحيح أنهم لن يقوموا بمبادرة ضخمة مثل سفارة جديدة، وصحيح أن لديهم جناحاً نقدياً جداً إزاء إسرائيل في الحزب، من بين أمور أُخرى بسبب وقوف نتنياهو إلى جانب ترامب الذي أنشأ معسكراً مضاداً، لكنهم مؤسساتيون أكثر ويمكن توقُّع ردات فعلهم، ومن السهل العمل معهم. وخصوصاً بالنسبة إلى من يعرف جيداً السياسة الأميركية مثل نتنياهو. هو سيصمد حتى الانتخابات الأميركية، وإذا انتُخب بايدن فإن ذلك لن يكون مخيفاً بالنسبة إليه كما يريد تصويره.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية – عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية