الصين تجنّد إيران لمواجهة مع الولايات المتحدة

الصين تجنّد إيران لمواجهة مع الولايات المتحدة
Spread the love

بقلم: عاموس هرئيل – محلل عسكري إسرائيلي |

من الصعب القول إن المعركة السرية التي تجري حول إيران هدأت شيئاً ما خلال الأسبوع الأخير. في مطلع هذا الشهر نسبت وسائل الإعلام الأجنبية حادثة واحدة، هي الانفجار في منشأة إنتاج أجهزة الطرد المركزي في نتانز في مطلع تموز/يوليو، بقدر من الموثوقية إلى إسرائيل. الناطقون الإسرائيليون، وبينهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ورئيس الحكومة المناوب وزير الدفاع بني غانتس، ووزير الاستخبارات إيلي كوهين، رفضوا الرد على المزاعم. لكن سلسلة الحوادث تزداد وتطول، ومع أنه ليس بينها خيط واحد جامع، إلاّ إنها تزيد الضغط الداخلي على النظام، وربما تدفعه إلى عملية رد.
الحادثة الخطرة الأخيرة وقعت أمس (الأربعاء) في مرفأ بوشهر، عندما نشب حريق ضخم في حوض لبناء السفن أدى إلى احتراق سبع سفن. سبقتها عشرات الحرائق والانفجارات التي أُحصيت في شتى أنحاء إيران منذ نيسان/أبريل، بينها محطة لتوليد الطاقة، ومصانع، ومنشآت لإنتاج الصواريخ. جزء من الحوادث يُنسب إلى أعمال تخريبية، وجزء آخر منها يُعزى إلى حوادث صيانة. خبير استراتيجي إيراني، قال أمس للنيويورك تايمز إن أعداء النظام يحاولون الآن استخدام كل الوسائل لديهم لخلق شعور بعدم الاستقرار والفوضى وانعدام الأمن. في الخلفية، هناك الموقف السياسي المعلن للإدارة الأميركية: زيادة الضغط الاقتصادي على إيران من أجل إجبارها على العودة إلى المفاوضات على الاتفاق النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في سنة 2018، بينما هذه المرة ستكون الشروط أكثر صرامة بكثير.
جزء من الرد الإيراني على الضغط الخارجي يأتي من اتجاه آخر. فقد نشرت “التايمز” هذا الأسبوع نص اتفاق تعاون اقتصادي وقّعته إيران مع الصين. في إطار الاتفاق، من المقرر أن تشتري الصين نفطاً إيرانياً بثمن مخفض لمدة 25 عاماً، وفي المقابل، تقيم مشاريع بنى تحتية في إيران، وتجري مناورات وتدريبات مشتركة للجيشين، وتطوّر وسائل قتالية وتتبادل معلومات استخباراتية مع طهران. الاتفاق بُحث لأول مرة خلال زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى إيران في سنة 2016، لكنه أُقر فقط في الشهر الماضي.
يُعتبر هذا موطئ قدم مهم لبيجين في المنطقة، واستمراراً لاستراتيجيا “حزام واحد وطريق واحد” التي يدفع بها الصينيون قدماً من خلال بناء موانىء، وقيادة مشاريع بنى تحتية ضخمة في شتى أنحاء العالم. لكن يبدو أن الأمر هنا أكثر من ذلك. الاتفاق يعكس تحدياً صينياً للولايات المتحدة، واستمراراً للمواجهة التي تزداد تصاعداً بين الدولتين العظميين في شرق آسيا. وقوف صيني واضح إلى جانب إيران سيعرقل الضغط الاقتصادي على طهران. وفي ظروف أكثر تطرفاً، يمكن أن يستخدم كوزن مضاد ضد احتكاك أميركي – إسرائيلي بالنظام بشأن المشروع النووي الإيراني. إذا افترضنا في سيناريو افتراضي حدوث تصعيد إضافي لهذه الخطوات، سيكون من الضروري أن نأخذ في الاعتبار رداً محتملاً لبيجين.
الخطوات المتعددة في المنطقة، العلنية وغير العلنية، تجري كلها في ظل تاريخين مهمين: الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر القادم، وموعد دخول جو بايدن إلى البيت الأبيض، إذا فاز، في شهر كانون الثاني/يناير 2021. الاستطلاعات الأسبوعية للرأي العام في الولايات المتحدة تتنبأ بهزيمة ترامب على خلفية المعالجة الفاشلة بشكل مريع لأزمة الكورونا وتفاقم الأزمة الاقتصادية. هذا يترك لنتنياهو 4 أشهر وربما 6 من أجل القيام بخطوات منسقة مع ترامب بشأن إيران، وإلى حد ما بشأن خطة الضم في الضفة الغربية التي نُسيت تماماً منذ بداية تموز/يوليو. في الوقت عينه، هو بحاجة إلى ترميم علاقته مع بايدن ومع الديمقراطيين التي تضررت بصورة كبيرة على خلفية حلفه الوثيق جداً مع ترامب.