«التنظيم السري لجماعة فتح الله غولن» بالعربية

«التنظيم السري لجماعة فتح الله غولن» بالعربية
Spread the love

Tanzim

“شجون عربية” — كانت دار ابن حزم – بيروت، سباقة في ترجمة كتاب «التنظيم السرّي لجماعة فتح الله غولن» الذي احدث ضجة كبيرة في تركيا وبلغ مبيعه باللغة التركية مليون نسخة وقد ازداد الإقبال على قراءته بعد الانقلاب التركي الفاشل. وعنوان الكتاب حملته الترجمة العربية التي انجزها محمد زاهد جول لمذكرات حنفي أوجي، مدير الأمن السابق في تركيا، وكانت صدرت في اسطنبول عن دار «أنغورا» عام 2010، بعنوان «السيمونيون الذين يعيشون في القرن الذهبي في إسطنبول: دولة أمس وجماعة اليوم» وقد أعيد طبعها عشرات المرات. واعتمد محمد زاهد غول في ترجمته الطبعة الحادية والعشرين.
وفي مقدمة طويلة وضعها للكتاب يقول المترجم: «تأتي أهمية هذه المذكرات من هوية المؤلف المهنية أولاً (مدير الأمن الأسبق)، والظروف السياسية التي مرّت بها تركيا ثانياً، وصدقية رؤيته المستقبلية والتحذيرية من خطورة جماعة الخدمة وتنظميها السري داخل مؤسسات الدولة التركية، وبالأخص في الأجهزة الأمنية منذ عقود ونهايتها بالانقلاب الدموي بتاريخ 15 تموز(يوليو) 2016، في ظلّ محاولات أو مؤامرات داخلية وخارجية تستهدف الدولة التركية المكونة من حزب العدالة والتنمية وبرامجه النهضوية ورؤيته الحضارية حالياً، والرابط بين الأمرين أن الكاتب حنفي أوجي هو مدير أمن عام سابق عايش الأحداث التي يكتب عنها ولا يتخيلها من ذهنه ولا يفترضها من تفكيره. والأهمية الأكبر في الكتاب أن المؤلف بدأ حياته شرطياً بسيطاً وانتهى من خدمته، وقد أصبح مفكراً سياسياً ورجل دولة وفيلسوفاً، وهذه العقلية العلمية والسياسية والفلسفية من أهم دواعي ترجمة الكتاب، وبالأخص أن تحذيراته قد صدقت في الانقلاب الأخير».
يستمدّ الكتاب اسمه «السيمونيون الذين يعيشون في القرن الذهبي في إسطنبول: دولة أمس وجماعة اليوم» من أحد فصول الكتاب «سيمون»، والمقصود به شخص كان قاضياً في الثورة الكردية، في معسكر البقاع الحزب العمال الكرستاني. كان سيمون يبدو بأنه مدافع قوي عن الحقوق ولكن حين عرضت عليه قضية امرأة يعلم يقيناً أنها مظلومة، لم يقم للدفاع عنها، لأنّ التنظيم الذي يخضع له يريد منه أن يحاكمها ويحكم عليها بالإعدام، وقد فعل ذلك طاعةً للحزب. ولولا أنّ رئيس الحزب أوجلان أصدر عفوه عنها لأعدمت. والأصعب أنّ تلك المرأة المظلومة هي أخته، فمن كان سيضحي بأخته المظلومة من أجل أوامر الحزب، كيف يؤتمن على غيرها من الناس؟ من هنا انطلق المؤلف في فكرة «السيمونية» رافضاً إيّاها، مصرّاً على ضرورة نبذها من المجتمع. لذلك يقول المؤلف: «لقد قطعت عهداً على نفسي: أنا لن أصبح سيمونياً، سأواجه كل من يقوم بالخطأ ولو كان من أعزّ أصحابي وأقاربي. إن السيمونيين في الأصل موجودون في كل تنظيم وفي كل مكان. السيمون موجود في مكان لا أهمية للإنسان فيه، وفي كلّ مكان تسري فيه ثقافة الطاعة من أجل مصلحة الجماعة».
ينقسم الكتاب الضخم (350 صفحة من القطع الكبير) إلى قسمين: «الدولة» و «الجماعة». وفيهما يحكي أوجي قصة، هي ليست إلاّ قصة تركيا نفسها مع الإنقلاب الفاشل، ولكن بصورة مصغرة. فالكاتب خاض تجربة شخصية تشابه تجربة الدولة التركية مع التنظيم السرّي لفتح الله غولن، ومع غولن شخصياً، قدّم له المساعدات وهو في مراكز قيادية أمنية واستخباراتية، وهو يحسن الظنّ به وبجماعته، ولكنهم غدروا به لأنّه لم ينفّذ لهم كلّ أوامرهم.
ومع أنّ الترجمة أنجزت قبل انقلاب اسطنبول الفاشل في تموز 2016، غير أنّ الكتاب يأتي في هذا الوقت لينطق بالحقائق التي تكشف حقيقة التنظيم لفتح الله غولن، الذي انقلب على الدولة التي قدّمت له المساعدات وهي تحسن الظنّ به، ولكنه قابلها بالغدر والخيانة والارتباط مع أعداء تركيا. فالكتاب قصة واقعية لمعاناة مواطن تركي، لو استُمع لنصائحة وتحذيراته عام 2010 لكان مجرّد وقوع الإنقلاب الدموي أمراً بعيداً.

المصدر: صحيفة الحياة