هآرتس: أيباك ضد الحزب الديمقراطي

هآرتس: أيباك ضد الحزب الديمقراطي
Spread the love

ياعيل باتير – رئيسة منظمة جي ستريت إسرائيل/

قوة الشراكة الاستراتيجية بين إسرائيل والولايات المتحدة ناجمة عن تأييد الحزبين الكبيرين. هذا التأييد يسمح لإسرائيل بالاستفادة من مساعدة أمنية هي ضعف مما يحصل عليه سائر العالم معاً، وتبلغ تقريباً خمس كل الميزانية الأمنية الإسرائيلية. لذلك حرص أعضاء منظمة أيباك على مر السنين على عدم التماهي مع هذا الحزب أو ذاك. لكن مؤخراً يوجد انطباع بأن تلك الأيام التي نجحت فيها المنظمة في الإمساك بالحبل من طرفيه ربما توشك على الانتهاء.

لا شك في أن مهمة الإبحار بين الكراهية العميقة لترامب لدى أغلبية الجمهور اليهودي ، والحب الذي تشعر به حكومة إسرائيل الحالية له، هي الأكثر تحدياً. مع ذلك، عرفت أيباك في الماضي أن تنأى بنفسها عن رؤساء سابقين، وأيدت موقف حكومة إسرائيل خلافاً لمواقفهم (مثلاً في حالة الرئيس أوباما)، ولا يوجد سبب الآن يمنعها من وضع مسافة بينها وبين الرئيس الحالي. مسافة بقدر الممكن بينها وبين معادلة أن العداء لنتنياهو أو العداء لترامب معناه العداء لدولة إسرائيل. بدلاً من ذلك، هي تختار المشاركة في هذه الممارسات، تحت غطاء كاذب هو “الدفاع عن إسرائيل”، وهي بذلك تشوّه سمعة الحزب الديمقراطي، وتحوّل التأييد لإسرائيل إلى شأن حزب واحد لا غير.

الإشارة الأولى ظهرت في مؤتمر المنظمة في سنة 2016. التصفيق الحار الذي حظي به ظهور ترامب أظهر الفجوة بين ما يحدث في قاعة المؤتمر وما يجري وسط الجالية اليهودية في الولايات المتحدة. وفقاً لاستطلاع رأي يمثل اليهود الأميركيين نُشر هذا الأسبوع، فإن 75% من يهود الولايات المتحدة لا يؤيدون الرئيس ترامب، و58% من الذين شاركوا في الاستطلاع يعتبرون أن لديه نظرة معادية للسامية، بينما قال 75% إن لديه آراء عنصرية. وهم يرون أن هناك علاقة مباشرة بين صعود السامية الذي يشهدونه في الدولة وبين الجالس في البيت الأبيض.

في إعلانات نشرتها المنظمة قبل أسبوعين على وسائل التواصل الاجتماعي، اختارت مهاجمة ” الراديكاليين في الحزب الديمقراطي الذين يختارون دفع سياستهم المعادية للسامية والمعادية لإسرائيل إلى عقول الأميركيين”. ثلاث من أعضاء الكونغرس من الحزب الديمقراطي اللواتي ظهرن في الإعلانات، لديهن مواقف شديدة الانتقاد لإسرائيل، ويطرحن وجهة نظر تدعو إلى الربط بين العلاقات الثنائية مع إسرائيل وبين سياسة حكومة إسرائيل حيال الفلسطينيين. اثنتان منهن لم يُسمح لهما بالدخول إلى إسرائيل بسبب تأييدهما حركة المقاطعة الـBDS، لكن في الأساس تلبية لطلب ترامب، وبخلاف توصية وزارة الخارجية الإسرائيلية.

انتهاج ممارسات شعبوية تضع في سلة واحدة إرهابيين ومشرعين أميركيين، مهما كانوا انتقاديين، هو خطأ في أساسه، وله تأثير ارتدادي خطير. فهي لا يمكنها إخماد التغيير الذي يمر به الديمقراطيون، ولا استعدادهم لاتخاذ مواقف أكثر تقدمية، رداً على أجندة اليمين الشعبوي. وهي لا تتضمن رداً على ما تفهمه أغلبية الجالية اليهودية الأميركية- التحريض، بغض النظر عمن يوجّه إليه، يؤذي دائماً الأقلية.

العلاقات الجيدة بين إدارة ترامب وبين حكومة نتنياهو ليست علاقات بين دولتين بل بين حزبين وشخصيتين تريان في نجاح الآخر تحقيقاً لمصلحة شخصية. لكن أميركا ليست فقط ترامب وليست فقط الجهوريين. بينما يزداد التواصل بين الزعيمين ويتعزز، تنهار العلاقة بين الحكومة الإسرائيلية وممثليها والناطقين باسمها، وبين الجيل الجديد في الحزب الديمقراطي وأغلبية اليهود في الولايات المتحدة الذين لا يؤمنون بتأييد أعمى لكل سياسة إسرائيلية.

عندما سيُفتتح مؤتمر أيباك بهتافات مدوية، من الأفضل أن نتعامل بحذر مع التصفيق لترامب والمتكلمين من اليمين – الأميركي والإسرائيلي – وأن نتابع، في المقابل، نتائج التصويت في يوم “الثلاثاء العظيم”، اليوم الأكثر أهمية في الانتخابات التمهيدية الذي يصوت فيه سكان الولايات الكبرى، مثل كاليفورنيا وتكساس. هناك سيُحدد توجه الحزب الديمقراطي، وربما أيضاً الإدارة الأميركية المقبلة.

المصدر: صحيفة هآرتس الاسرائيلية _ عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole