يديعوت أحرونوت: هدف التغيير التنظيمي في الجيش الإسرائيلي.. إتاحة القيام بعملية متعددة الأذرع في الحرب

يديعوت أحرونوت: هدف التغيير التنظيمي في الجيش الإسرائيلي.. إتاحة القيام بعملية متعددة الأذرع في الحرب
Spread the love

رون بن يشاي – محلل عسكري اسرائيلي/

التحديات التي يواجهها الجيش الإسرائيلي حالياً، وسيواجهها أيضاً في العامين المقبلين، هي التحديات التي يعرفها الجيش منذ بضع سنوات. أيضاً الساحة الشرق الأوسطية بكل مكوناتها يعرفها الجيش الإسرائيلي، ومن أجل التحضير لمواجهتها وُضعت الخطط المتعددة السنوات السابقة، وفي مقدمتها خطة “جدعون” التي تبلورت وُوضعت في قيد التنفيذ خلال ولاية رئيس الأركان السابق غابي أشكينازي وهيئة أركانه العامة.

بيْد أن رئيس الأركان الحالي اللواء أفيف كوخافي وهيئة أركانه العامة وصلا إلى خلاصة بأن هذه التحديات في شكلها الحالي تفرض على الجيش الإسرائيلي العمل على القيام بتغيير عميق-ليس فقط في وسائل منصات القتال، بل أيضاً في الطريقة التي يجري فيها تشغيل القوة العسكرية بكل أذرعتها.

يمكن اختصار ذلك بالقول إن كوخافي يحاول أن يجري تغييراً جذرياً في الجيش وأساليب قتاله، وفي الوقت عينه، المحافظة على جهوزية الجيش لخوض حرب بعد فترة إنذار قصير وحتى من دون إنذار بتاتاً. طبعاً من أجل تحقيق هذين الهدفين، يتعين على الجيش أن يمر بتغييرات في التنظيم وأيضاً في الثقافة التنظيمية.

الرسالة المركزية في التغيير التنظيمي هي أن الجيش سيزيد من التعاون في ساحة المعركة، وأيضاً في الإعداد للحرب بين الأذرع المتعددة. ليس أن هذا لم يكن موجوداً من قبل – التعاون بين سلاح الجو وبين كتيبة غولاني كان موجوداً في معركة بنت جبيل في حرب لبنان الثانية [حرب تموز/يوليو 2006] وقبلها. لكن التغيير الذي يريد كوخافي القيام به هو أن تنطلق الوحدات للقتال مسبقاً كقوة متعددة الأذرع، عناصرها تدربت على العمل معاً، وخططت معاً للمعركة، ويتحدثون وينسقون المعركة فيما بينهم، على أساس المعلومات الاستخباراتية التي يتشارك فيها الطيار الموجود في الطوافة الحربية مع قائد السرية الذي يتحرك على الأرض، ومع قائد سفينة الصواريخ أو مشغّل الصواريخ في السفينة، وأيضاً مع قائد بطاريات المدافع المتحركة – والجميع يقدم له المساعدة لإطلاق نيران دقيقة على الهدف.

من أجل تحقيق هذه الرؤية، يتعين على شخص ما أن يخطط لبناء القوة العسكرية على نحو يتيح للعتاد وأساليب العمل في الألوية المدرعة مثلاً العمل سوياً مع سلاح الجو، وتكون ملائمة للمساعدة في الاستخبارات والقصف الدقيق، بناء على معلومات استخباراتية يمكن أن تقدمها طائرات يقودها طيارون عن بُعد في سلاح الجو ومدفعية سلاح المدفعية.

كي يحدث هذا، سيكون هناك حاجة إلى منظومات اتصالات مشتركة وتدريبات مشتركة، ومدارس مشتركة للقيادة، ووسائل مشتركة للقيادة والتحكم وأمور كثيرة أُخرى. يجب التفكير طيلة الوقت، ليس فقط في وسائل القتال، بل أيضاً في كيفية إيصالها إلى استنفاد فعال على الأرض من خلال الدمج والتنسيق والعمل جميعاً معاً.

لهذه الغاية، تعريف شعبة بناء القوة المتعددة الأذرع، وهي التي ستتولى إقامة الصلة مع القسم في وزارة الدفاع الذي يتولى تطوير وسائل قتالية، ومع الصناعات الأمنية. عملياً، شعبة التخطيط التي ستغير اسمها إلى “شعبة بناء القوة”، ستكون هي المسؤولة عن تنفيذ الخطة المتعددة السنوات “تنوفا” [اندفاعة]، التي يقف في مركزها تعدد الأذرع.

يحاول هذا التغيير التنظيمي أن يملأ الفراغ الذي كان موجوداً حتى اليوم في أداء هيئة الأركان العامة للجيش التي لم تعمل بما فيه الكفاية في تنظيم المعالجة الصحيحة للبعد الاستراتيجي، وفي الأساس في “الدائرة الثالثة”، أي إيران.

وجهات النظر الاستراتيجية ضرورية اليوم، لأن الجيش الإسرائيلي بخلاف كل ما كان قائماً في العقد الحالي، مطلوب منه معالجة موضوعات استراتيجية وحتى إنشاء دبلوماسية عسكرية – علاوة على تلك التي يديرها رئيس الحكومة ووزارة الخارجية. التنسيق مع الإدارة الأميركية والبنتاغون في موضوعات الشرق الأوسط والسلاح، ومع الروس في سورية، ومع مصر في سيناء، ومع الأردن، ومع دول أُخرى، يتطلب انتباهاً، وموارد واهتماماً يومياً يفوق قدرات لواء الاتصالات الخارجية الموجود اليوم في شعبة التخطيط.

ومن المناسب أن يكون هناك لواء، عضو في هيئة الأركان العامة يفكر في ويعالج كل النواحي الاستراتيجية لعمليات الجيش الإسرائيلي في الدائرة الأولى، والثانية وطبعاً الثالثة. الاستعداد لمواجهة محتملة مع إيران يفرض على الجيش إنفاق ميزانيات ضخمة. جرى القيام بالكثير من التحضيرات، لكن معالجة كل المسألة الإيرانية – سعي إيران للحصول على سلاح نووي، وأيضاً محاولاتها التمركز في سورية وفتح جبهة إضافية ضد إسرائيل، وتآمر إيران خارج الشرق الأوسط- كل ذلك يعالَج من جانب شُعب متعددة في هيئة الأركان العامة، مثل شعبة الاستخبارات وشعبة العمليات. لكن حتى الآن ليس هناك شعبة واحدة تفكر في هذه الجبهة البعيدة ، مثل قيادة المنطقة الشمالية التي تفكر في سورية ولبنان.

هذا اللواء الاستراتيجي لن يشغل قوة مثل قائد المنطقة الشمالية الذي يشغّل قوات تضعها شعبة العمليات تحت تصرفه. إنه سيعمل كهيئة أركان، ويبحث عن فرص ومتعاونون دوليون استراتيجيون، ويعالج النواقص والخلل في الإعداد لمواجهة محتملة مع إيران.

هذان التغييران، بحسب تشديد الجيش، أي الحاجة إلى عملية متعددة الأذرع، والحاجة إلى انتباه كامل في هيئة الأركان على المستوى الاستراتيجي لمواجهة مع إيران (“الدائرة الثالثة”)، هما الخبران السّاران الأساسيان اللذان تحملهما التغييرات في بنية هيئة الأركان العامة المخطط لها في الصيف القادم.

يشدّد كوخافي طوال الوقت على أن اغتيال سليماني والاضطرابات السياسية في إيران والعراق ولبنان تفتح نافذة فرصة ضيقة، لكن كافية لتنفيذ التغييرات التي يحتاج إليها الجيش الإسرائيلي، والتي ستسمح له بالانتصار في الحرب المقبلة خلال وقت قصير، ومن دون دفع ثمن في الأرواح ودمار كبير في الجبهة الداخلية. لذا، يدفع رئيس الأركان قدماً بخطة “تنوفا” [اندفاعة]، ويبذل جهداً هائلاً لتحقيقها، وفي المقابل تسويقها بصورة مكثفة جداً.

المصدر: صحيفة يديعوت أحرونوت الاسرائيلية _ عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole