عباس ينتظر نتائج الانتخابات في إسرائيل

عباس ينتظر نتائج الانتخابات في إسرائيل
Spread the love

يوني بن مناحيم – محلل سياسي اسرائيلي/


مع مرور الوقت، يتضح أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تراجع عن القرارات التي اتخذها بعد نشر الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطته للسلام التي تضمنت وقف العلاقة الأمنية مع إسرائيل والولايات المتحدة، وتخلّي السلطة عن التزاماتها بحسب اتفاق أوسلو.
يسمح محمود عباس بواسطة أجهزته الأمنية باستمرار الاحتجاج العفوي ضد خطة “صفقة القرن”، لكنه لا يسمح بخروج هذا الاحتجاج عن السيطرة. في نهاية الأسبوع الماضي، فرقت قوات الأمن الفلسطينية تظاهرة في جنين نظمها حزب “التحرير” ضد “صفقة القرن”.
يقول مصدر في حركة “فتح” إن عباس تراجع حالياً عن قراراته، وهو يكتفي بخطوات احتجاجية سياسية إلى أن تتضح صورة الوضع السياسي. وبحسب كلامه، محمود عباس ينتظر نتائج الانتخابات في إسرائيل على أمل بأن يجد “شريكاً إسرائيلياً” في عملية السلام. وينتظر كي يرى هل الحكومة الجديدة التي ستؤلَّف في إسرائيل، ستتعامل بجدية مع موضوع الضم، وستضم فعلياً شمال البحر الميت وغور الأردن والمستوطنات إلى إسرائيل.
على الرغم من غضب عباس في البداية على الولايات المتحدة وإسرائيل في أعقاب نشر خطة “صفقة القرن”، فإنه تراجع عدة خطوات إلى الوراء، وقد عبّرعن ذلك في الخطاب الذي ألقاه في 11 شباط/فبراير أمام مجلس الأمن في الأمم المتحدة. “نحن لسنا إرهابيين، نحن نحارب العنف والإرهاب في كل العالم، ولدينا تعاون أمني مع الولايات المتحدة” ادّعى عباس، وتجنب مهاجمة الرئيس ترامب.
في هذه الأثناء، يستمر التعاون الأمني بين السلطة وإسرائيل كالعادة، وأيضاً الاتفاق الاقتصادي بينهما، المسمى “اتفاق باريس”. كما تراجع عباس عن نيته القيام بزيارة إلى قطاع غزة والاجتماع بزعيم “حماس” إسماعيل هنية من أجل تنسيق خطوات مشتركة ضد “صفقة القرن” الأميركية. وعلى الرغم من الاتفاق الهاتفي بينهما، فقد أرسل مندوبين كبيرين من “فتح” إلى قطاع غزة – روحي فتوح وإسماعيل جبر اللذين التقيا ممثلين لـ”حماس”، وباشرا بوضع سلسلة شروط للّقاء، وتقول أطراف في “حماس” إن ما يجري هو “تضييع للوقت”، وإن محمود عباس تراجع عن الاتفاق مع إسماعيل هنية.
هناك عدة أسباب أدت إلى تراجع عباس عن قراراته أو تأجيلها:
تحذير رؤساء الأجهزة الأمنية من أن استمرار التظاهرات في الضفة الغربية يمكن أن يؤدي إلى انتفاضة ثالثة ستقوض استقرار السلطة الفلسطينية، وستستغل حركة “حماس” ذلك لتحاول إسقاط السلطة.
غياب الحوافز لدى سكان الضفة للخروج إلى التظاهر في الشوارع أو الدخول في مواجهات مع جنود الجيش الإسرائيلي بسبب الوضع الاقتصادي الجيد، وبسبب عدم الثقة بقيادة السلطة الفلسطينية، والسكان الفلسطينيون ليسوا مستعدين للمخاطرة بحياتهم من أجل ما يعتبرونها سلطة فاسدة لمحمود عباس وجماعته.
ج- إدراك بأن المجتمع الدولي ليس مستعداً للوقوف ضد الرئيس ترامب والاختلاف معه بشأن خطة “صفقة القرن”، كما تجلى في النقاش الأخير لمجلس الأمن في الأمم المتحدة، حيث فشل الفلسطينيون في محاولتهم بلورة أغلبية من الدول الأعضاء في المجلس ضد الخطة الأميركية.

د- إدراك أن وقف التعاون الأمني مع إسرائيل سيتسبب بضرر أكبر للسلطة الفلسطينية، أكثر مما سيتسبب لإسرائيل، والرغبة في أن يرى العالم أن الفلسطينيين يحاربون الإرهاب.

لذلك، يركز محمود عباس حالياً على النشاطات السياسية ضد “صفقة القرن” الأميركية، وهو ينوي الذهاب قريباً إلى بروكسل للاجتماع مع وزراء الخارجية في الاتحاد الأوروبي لتنسيق خطوات ضد “صفقة القرن” معهم.
بحسب كلام مسؤولين كبار في “فتح”، استخدم عباس أولمرت من أجل تحقيق أهداف سياسية، وهو يحاول إيقاظ “معسكر السلام” الإسرائيلي. هذا هو السبب الذي من أجله سُمح لمسؤولين فلسطينيين كبار بالمشاركة في “لقاء سلام” فلسطيني – إسرائيلي في تل أبيب في نهاية الأسبوع الماضي.
يحاول عباس أن يظهر أن لديه “شركاء” إسرائيليين يعارضون الخطة الأميركية للسلام ويؤيدون مطالبه السياسية بإقامة دولة فلسطينية مستقلة بحسب خطوط الـ67 وعاصمتها القدس الشرقية.
أحد كبار المسؤولين في “فتح” يوضح أن انتخابات الكنيست في إسرائيل تشكل مفترق طرق مهماً بالنسبة إلى محمود عباس لاتخاذ قرارات تتعلق بمحاربة “صفقة القرن”، وهو ينتظر ولا يريد أن “يقلب الطاولة” الآن، وهو يأمل أن ينتصر حزب أزرق أبيض في الانتخابات ويقود إسرائيل، وبذلك سيجري استبعاد الضم المتوقع من طرف واحد لغور الأردن والمستوطنات إلى إسرائيل، لأن غانتس قال إنه سيفعل ذلك “بالتنسيق مع المجتمع الدولي”، وهذا أمر من غير المتوقع أن يحدث، وهذا ما يقلق كثيراً حالياً عباس وهو ينتظر بصبر للقيام بخطواته.

المصدر: مركز القدس للشؤون العامة _ عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole