دبلوماسية الصواريخ الإيرانية

دبلوماسية الصواريخ الإيرانية
Spread the love

بقلم: د. شاوول شاي – مدير الأبحاث في معهد السياسات والاستراتيجيا في معهد هرتسليا الإسرائيلي–

•بعد مرور نحو سنة على رفع العقوبات عن إيران نتيجة تطبيق الاتفاق النووي، تضع إيران الولايات المتحدة والمجتمع الدولي قيد الاختبار. ويبدو أن الخطوة الإيرانية أُعدت بدقة من ناحية توقيتها ورسالتها، وهدفها الأساسي هو اختبار سياسة الرئيس ترامب مسبقاً، وذلك من أجل تمكّن إيران من الاستعداد لمواجهة تحولات محتملة في السياسة الأميركية وكذلك من أطراف أخرى في المجتمع الدولي.
•لقد اختارت إيران اختبار الصاروخ ذي المدى الأبعد الذي لديها، وهي بذلك تلمح إلى قدرتها على إصابة أهداف تابعة للولايات المتحدة وحلفائها في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بما فيها إسرائيل، وإصابة أهداف أيضاً على الأرض الأوروبية. وهدف التوقيت هو اختبار الرئيس ترامب بعد أيام معدودة من استلامه منصبه وقبل أن يبلور سياسته في الموضوع الإيراني، وقبل اجتماعه مع زعماء الدول العظمى وإسرائيل.
•لقد اختارت إيران أن تضع في مركز الاختبار قضية التجارب على الصواريخ البالستية لأن قرار مجلس الأمن في هذه المسألة عرضة لتأويلات مختلفة، مما يجعل من الصعب على الولايات المتحدة بلورة أغلبية فيه ضد إيران، إذا أرادت واشنطن ذلك. ولا تشكل التجربة خرقاً للاتفاق النووي الموقع في فيينا بين إيران والدول الست العظمى في تموز/يوليو 2015، لكنها تتعارض مع قرار مجلس الأمن الذي اتخذ بعد مرور وقت قصير على اتفاق فيينا، والذي يمنع تجارب مشابهة، وهذا أمر تعترض عليه إيران.
•لقد نفذت إيران التجربة بصاروخ بالستي يسمى خورمشهر، أطلق من موقع قريب من طهران. وتختلف الآراء بشأن مدى الصاروخ، فهناك من يقول إن مداه نحو 4000 كيلومتر، في حين يعتقد خبراء آخرون أن مداه أقصر بكثير. والصاروخ قادر على حمل رأس نووي متفجر. لكن التجربة منيت بالفشل الذريع، إذ انفجر الصاروخ بعد وقت قصير من إطلاقه، لكنه نجح في أن يضع موضع الاختبار المشكلة السياسية التي تريد إيران اختبارها.
•إن إطلاق الصاروخ الإيراني هو بمثابة “بالون اختبار” تهدف من خلاله طهران ليس فقط إلى اختبار سياسة ترامب، بل أيضاً إلى اختبار سياسة لاعبين مركزيين آخرين في المجتمع الدولي، بينهم حلفاء لإيران مثل روسيا والصين. لقد أجرت إيران منذ توقيع الاتفاق النووي تجارب على صواريخ بالستية، لكن روسيا والصين دافعتا عنها في مجلس الأمن، وإيران مهتمة باختبار ما إذا كانت سياسة هاتين الدولتين ما تزال على حالها. وعلى ما يبدو تتخوف إيران من التقارب بين روسيا والولايات المتحدة، ويمكن تفسير الخطوة الحالية بأنها محاولة لدق إسفين بين الدولتين العظميين.
•لقد بث رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو شريطاً أدان فيه محاولة الإطلاق، وقال إنه في اجتماعه مع الرئيس الأميركي الشهر المقبل سيوصي بإعادة فرض العقوبات على إيران بسبب خرقها قرارات على صعيد الصواريخ، وبسبب المساعدة التي تقدمها إلى تنظيمات إرهابية. ومن المتوقع أن يستمع ترامب إلى مطالب مشابهة من دول حليفة أخرى للولايات المتحدة في الشرق الأوسط في طليعتها السعودية ودول الخليج.
•في آذار/مارس 2016 أطلقت إيران بضعة صواريخ بالستية بعيدة المدى في إطار مناورات واسعة قام بها الحرس الثوري الإيراني. وأدانت إسرائيل بشدة إطلاق الصواريخ البالستية الذي قامت به إيران وادعت أنها تشكل خرقاً واضحاً لقرار مجلس الأمن الذي يمنع إيران من إطلاق صواريخ قادرة على حمل رأس نووي متفجر. لكن إدارة أوباما اكتفت حينها بمحادثة بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري ووزير الخارجية الإيراني محمد ظريف، أبدى خلالها كيري لنظيره الإيراني قلقه بعد عملية الإطلاق.
•رداً على التجربة الإيرانية، من المتوقع عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن بناء على طلب الولايات المتحدة. ومن المأمول أن يقود الرئيس ترامب الذي سبق وعبّر أيضاً عن تحفظه تجاه الاتفاق النووي مع إيران ومن سياسة إيران العدوانية، سياسة جديدة حيال إيران تؤدي إلى تقليص وتقييد العدوانية الإيرانية في المنطقة ضد إسرائيل حليفة الولايات المتحدة.

المصدر: صحيفة “يسرائيل هَيوم”، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole