أي مصير لـ”داعش” بعد مقتل البغدادي؟

أي مصير لـ”داعش” بعد مقتل البغدادي؟
Spread the love

قُتل أبو بكر البغدادي ، أمير “داعش” الهارب، الذي انشق عن تنظيم القاعدة وحوّل تنظيمه إلى امتياز إرهابي عابر للحدود الوطنية، قتل بوحشية المدنيين في أكثر من عشر دول وهدد بإعادة كتابة خريطة الشرق الأوسط من خلال استقطاب المجندين الأجانب “للجهاد” في العراق وسوريا.

ترجمة: د. هيثم مزاحم – تناولت مجلة “تايم” الأميركية مصير تنظيم “داعش” بعد مقتل زعيمه أبو بكر البغدادي، إبراهيم عواد إبراهيم البدري، في عملية كوماندوز أميركية في بلدة باريشا في ريف إدلب شمال سوريا.

وقالت المجلة إنه “في نواحٍ كثيرة، تتطور الجماعة بالفعل. فقد أثبتت صفوف قيادة داعش قدرتها على الصمود على الرغم من أكثر من خمس سنوات من الحرب. وكانت الجماعة سريعة التكيّف مع الظروف الجديدة”. ورغم عدم قدرة مقاتلي التنظيم على الاستيلاء على الأراضي والاحتفاظ بها، فقد عادوا إلى حرب العصابات، حيث نفذوا الكمائن والتفجيرات والاغتيالات. وعلى الرغم من فقدان أراضي دولة “الخلافة” المزعومة في العراق وسوريا، فقد وسّع داعش نطاقه ليشمل 14 فرعاً منفصلاً في بلدان عبر آسيا وإفريقيا.

وعلى المدى الطويل، يقول المحللون، إن ما قد يكون أكثر أهمية في غارة الكوماندوز للعمليات الخاصة يوم السبت ليس إزالة البغدادي من التسلسل الهرمي الغامض لـ”داعش”، وإنما السهولة التي سيتم استبداله بها. تقوم الجماعة، مثل تنظيمها السابق، “القاعدة في العراق”، بالضغط بشكل روتيني على قادة جدد لملء الفراغ الذي خلفه أولئك الذين اغتيلوا. تحدث الاستبدالات بشكل منتظم لدرجة أن وسط العمليات الخاصة بالولايات المتحدة يشير مازحاً إلى إزالة القادة على غرار “قص العشب”.

يقول مايكل ناغاتا، الضابط المتقاعد في الجيش الأميركي ومدير الاستراتيجية في المركز الوطني لمكافحة الإرهاب، إن مقتل أبي بكر البغدادي مرحب به ومهم على الرغم من أنه قد لا يمثل ضربة كارثية لجودة القيادة في داعش”.

يقول ناغاتا، الذي خدم في الشرق الأوسط كقائد للعمليات الخاصة في عام 2014 عندما بدأت حملة مكافحة داعش، إن “داعش” لديه الآن كادر من القادة الشباب الذين تصلبهم المعارك والذين يتسلقون نحو المراتب العليا ويؤسسون أنفسهم في شبكة المجموعات الإرهابية العالمية.

يضيف أن “داعش ليس منظمة مشلولة لأن البغدادي ذهب. عمق واتساع قيادة داعش، في رأي، لم يسبق له مثيل لهذا النوع من الجماعات الإرهابية”.

منذ الأيام الأولى لتورط الولايات المتحدة في الحرب ضد “داعش”، قامت قوات العمليات الخاصة ووكالات الاستخبارات الأميركية بمطاردة وقتل قادة المجموعة الواحدة تلو الأخرى. لكنهم أعادوا تجميع صفوفهم دائماً.

يقول آكي بيريتز، المحلل السابق في مكافحة الإرهاب في وكالة الاستخبارات المركزية والمؤلف المشارك لـكتاب “ابحث وصلّح وانهِ: من داخل الحملات التي قتلت بن لادن ودمرت القاعدة”: “كما رأينا خلال السنوات القليلة الماضية، لدى المجموعة أيضاً استراتيجية لمواصلة العمليات خلال العقد المقبل”.

وأضاف: “من الجيد القضاء على القائد، لكن داعش ليست مجرد جماعة إرهابية – إنها أيديولوجيا أيضاً؛ إن القضاء على فكرة الدولة الإسلامية سيكون أكثر صعوبة من عملية عسكرية / استخبارات ناجحة واحدة”.

بعد كل شيء، استمر تنظيم القاعدة بعد مقتل مؤسسه أسامة بن لادن في غارة للبحرية الأميركية عام 2011. وعاش تنظيم “القاعدة في العراق” سلف
“داعش” بعد مقتل مؤسسه، أبو مصعب الزرقاوي، في غارة جوية أميركية عام 2006.

وقالت المجلة إن مسؤولي مكافحة الإرهاب في الولايات المتحدة يتوقعون تسمية “داعش” خليفة له في الأيام أو الأسابيع المقبلة. لكن التنظيم قد سمّى “أبو ابراهيم الهاشمي القرشي” وهو اسم حركي ولم يعرف بعد اسمه الحقيقي وجنسيته.

وقالت المجلة إن من المحتمل أن يكون وزير دفاع “داعش”، إياد العبيدي هو الزعيم الجديد. لكن بصرف النظر عمن يقود الجماعة السنية المتطرفة، فقد أصبحت الآن ظل المنظمة التي شنت هجوماً صاعقاً في العراق وسوريا أسفر عن الاستيلاء على أراضٍ بحجم بريطانيا وجمعت ملايين الدولارات يومياً.

ورأت “تايم” أن بذور عودة “داعش” موجودة. فوفقاً لتقرير حديث للمفتش العام بوزارة الدفاع الأميركية، يضم “داعش” ما بين 14000 و18000 عضو بايعوا البغدادي. بالإضافة إلى ذلك، يوجد أكثر من 30 معسكر اعتقال تحتوي على حوالى 11000 مقاتل من “داعش” والمتعاطفين معهم وغيرهم من المحتجزين المرتبطين في جميع أنحاء شمال سوريا.

وفي مخيم آخر للنازحين من الداخل يعرف باسم الهول، في شمال شرق سوريا، يوجد نحو 70000 شخص، بما في ذلك الآلاف من أفراد عائلات مقاتلي “داعش”. وأفاد الجيش الأميركي في فبراير / شباط الماضي بأنه مع غياب الضغط المستمر، ستعود الجماعة الإرهابية إلى الظهور في سوريا خلال ستة إلى 12 شهراً.

إضافة إلى ذلك، لا يزال “داعش” يمثل تهديداً عالمياً لأن المجموعة لديها مجموعة من الجماعات التابعة له في أماكن بعيدة مثل نيجيريا وباكستان، وفقاً لتقرير صادر عن معهد دراسة الحرب في واشنطن.

وقال التقرير “إن التواجد العالمي لداعش يوفر موطئ قدم له يمكن من خلاله القيام بالمزيد من التدويل، وشن الهجمات، وكسب الموارد لتمويل انبعاثها في العراق وسوريا”. ويوثق التقرير الخطط الأخيرة للهجمات على الغرب والتي انبثقت من التنظيمات التابعة لداعش في ليبيا والصومال والفلبينيين.

يقول نورمان رولي، وهو ضابط كبير سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية يتمتع بخبرة في قضايا الشرق الأوسط، إن موت القادة المتشددين يؤدي في كثير من الأحيان إلى حدوث انقسامات داخل المنظمات الإرهابية وولادة اتجاهات جديدة في الاستراتيجية. ويوضح أنه “بعد مقتل البغدادي، يمكن لمجموعات داعش في الخارج أن تسير في اتجاهات عدة. فقد يقرر البعض المصالحة مع تنظيم القاعدة، وقد يقرر البعض القيام بعمليات انتقامية لإثبات أن داعش لا يزال قوياً. ويمكن تسريع بعض العمليات المخطط لها سابقاً إذا اعتقد مخططو داعش أن المعلومات الاستخباراتية التي عثر عليها مع البغدادي قد تكشفها”.

أما كولين كلارك، الباحث في مركز صوفان ومؤلف كتاب “بعد الخلافة: الدولة الإسلامية ومستقبل الشتات الإرهابي”، إن هناك بالفعل علامات على ظهور نسخة حديثة لـ”داعش”. ويقول: “من غير الواضح ما الذي يمكن أن يفعله مقتل البغدادي لتفاقم التغييرات الجارية”. “البغدادي هو وجه ماركة داعش. كانت لديه الشخصية” التي يتبعها أتباعه كالعبادة.

بعد انهيار “الخلافة” التي أعلن عنها بنفسه، كان البغدادي يتنقل ذهاباً وإياباً في الصحراء بين غرب العراق وشرق سوريا، حيث كان يسافر في الغالب في سيارات وشاحنات تويوتا مع حاشية صغيرة تضم حراساً شخصيين مدججين بالسلاح، وفقا لمسؤول استخبارات أميركي. وقال المسؤول إنه نادراً ما مكث أكثر من ليلة واحدة في المكان نفسه، ومثل بن لادن، كان يتواصل عبر البريد السريع بدلاً من استخدام الهواتف أو أجهزة الكمبيوتر. كان البغدادي موجوداً عندما اعتقلت القوات العراقية عضوين من حاشيته في عملية لا صلة لها بالعملية ونقلت المعلومات الاستخباراتية التي جمعوها إلى وكالة الاستخبارات المركزية.

وقال مسؤول أميركي لمكافحة الإرهاب، لم يُصرح له بالتحدث علناً عن مقتل البغدادي، لمجلة “تايم” TIME إن الخطر لا يزال يلوح في الأذهان من دعوة البغدادي للمتابعين إلى التحول من هجمات أكبر إلى المزيد من الأعمال الصغيرة خارج العراق وسوريا. ومع ذلك، قال المسؤول إن موت البغدادي، رغم أنه رمزي جزئياً، “ربما يسكت الصوت الإرهابي الأكثر إلهاماً”.

عن الميادين نت