كل الخسائر الموهومة لخطة الغاز

كل الخسائر الموهومة لخطة الغاز
Spread the love

بقلم: نحميا شطرسلر – محلل سياسي إسرائيلي —

•بالأمس قدم سفير إسرائيل الجديد في تركيا إيتان نائيه، أوراق اعتماده إلى رجب طيب أردوغان بعد ستة أعوام من القطيعة الكاملة بسبب حادثة مرمرة [الهجوم الإسرائيلي على سفينة المساعدات التركية المتوجهة إلى غزة]. وفي الأسبوع الماضي أعلنت النيابة العامة في تركيا إلغاء المحاكمات التي جرت ضد عناصر الكوماندوس البحري وضباط كبار بسبب مشاركتهم في السيطرة على مرمرة. وفي الحالتين المذنب هو خطة الغاز.
• لماذا خطة الغاز هي المذنبة؟ لأن أردوغان كان قادراً على توقيع اتفاق مصالحة مع إسرائيل قبل ثلاث سنوات بعد اعتذار نتنياهو منه وإبداء استعداده أيضاً لدفع تعويضات إلى عائلات القتلى [الأتراك]. لكن الرئيس التركي رفض لأنه لم تكن لديه مصلحة في المصالحة. حدثت الانعطافة في أيار/مايو الماضي. عندما أقرت خطة الغاز بصورة نهائية وكاملة، فهم أردوغان حينئذ أن إسرائيل تحولت إلى دولة غاز عظمى وأن في إمكانه شراء الغاز منها وتقليص الاعتماد الثقيل الوطأة على روسيا وبوتين. ولهذا أعلن أن إسرائيل دولة مهمة بالنسبة إلى تركيا، ووقع في حزيران/يونيو اتفاق المصالحة. وكان وزير الطاقة يوفال شتاينتس هو الوزير الأول الذي يزور تركيا بعد التوقيع ولم يكن هذا صدفة. والآن يوجد تبادل للسفراء وإلغاء للمحاكمات أيضاً. وكل هذا بسبب خطة الغاز.
•لقد بذلت شيلي يحيموفيتس وزملاؤها كل ما في وسعهم لمنع حدوث ذلك. لقد حاربوا خطة الغاز بجميع الوسائل، وأرادوا أن يبقى الغاز مدفوناً عميقاً في الأرض، وعارضوا بكل قوتهم تصديره إلى حد نشر الأكاذيب. قالت يحيموفيتس جازمة على جري عادتها: “لفيتان لن يُطور”، ومن الأفضل إبقاء الغاز في باطن الأرض للأجيال المقبلة. لكن جميع العلماء قالوا إن استخدام الغاز مهم فقط خلال الثلاثين عاماً المقبلة ومن بعد ذلك ستحل محله مصادر أخرى للطاقة. لذا، إذا لم نصدّر [الغاز] الآن فإننا سنخسر 300 مليار شيكل من عائدات الضرائب، مما يعني ميزانيات أقل للصحة وللتعليم وللبنى التحتية. لكن هذا في الواقع أمر جيد، وكما قال لينين: كلما أصبح الوضع أسوأ، سيكون هذا أفضل.
•لقد أرادت يحيموفيتس ومعها زملاؤها من اليسار المتطرف (يتسحاق هيرتسوغ لا ينتمي إليهم)، تأميم حقول الغاز. ولو حدثت هذه الكارثة لما كان هناك أي تطوير ولا أي تصدير كما يحدث الآن تحديداً في فنزويلا الاشتراكية، حيث أمّم هوغو تشافيز حقول النفط وقضى على صناعة النفط المزدهرة، وقاد فنزويلا نحو الفقر والحرمان.
•أحد الكتاب البارزين ضد خطة الغاز هو أمنون بورتوغالي (الذي يُقدم على أنه حامل شهادة دكتواره على الرغم من أنه يحمل شهادة ليسانس فقط في مجال لا علاقة له بالاقتصاد). هو كتب مراراً: “لفيتان لن يُطور.. والغاز سيبقى في قعر البحر”. وأوضح: “ليس هناك من نبيعه الغاز.. وليست هناك إمكانية تقنية- اقتصادية لمد أنبوب غاز يصل إلى أوروبا”. لكن في هذه الأيام يجري تطوير لفيتان وهناك زبون أول: الأردن.
•إن تطوير لفيتان معناه نمو في الاستثمارات بمقدار 6 الى 7 مليارات دولار بعد ثلاث سنوات عندما سيبدأ تدفق الغاز. كذلك جرى بيع حقلي كاريش وتنين في الفترة الأخيرة إلى شركة يونانية على الرغم من توقعات المعارضين بأن ذلك لن يحدث.
•لكن هذا كله لا يساوي شيئاً حيال الخسارة الكبرى المقبلة: في الأسبوع الماضي عُقد مؤتمر في هيوستن في تكساس عرضت خلاله وزارة الطاقة على 30 شركة عملاقة 24 بلوكاً في البحر الأبيض المتوسط من أجل التنقيب فيها عن الغاز والنفط وإدخال المنافسة إلى هذا المجال. وكل هذا يحدث فقط بسبب الموافقة على خطة الغاز على الرغم من جميع مساعي العرقلة.
•في هذه الأيام يجري شتاينتس (الذي لولاه لما حدث كل هذا)، سلسلة محادثات مع نظرائه في حوض البحر الأبيض المتوسط من أجل بناء ثلاثة أنابيب غاز: واحد يصل إلى تركيا، وآخر إلى مصر، وثالث إلى إيطاليا مع محطات فرعية في قبرص واليونان. صحيح أن ما يجري هو مشاريع فقط، لكن من يحب دولة إسرائيل عليه أن يأمل حدوث ذلك. وأنا واثق من أن يحيموفيتس ستفرح لدى سماعها هذه الأخبار الطيبة عن نجاح خطة الغاز.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole