التمويل السياسي للأحزاب السياسية: ألمانيا وبريطانيا نموذجاً

التمويل السياسي للأحزاب السياسية: ألمانيا وبريطانيا نموذجاً
Spread the love

بقلم: محمود محمد المصري |

يعد التمويل السياسي لمساعدة الأحزاب السياسية فى ممارسة دورها الديمقراطي في دول مختلفة واحدة من أهم الملفات الهامة والتى يطلق لها قادة الأحزاب السياسية العنان للتفكير فى تأمين مصدر تمويلي يمكنهم من تحقيق أهداف الحزب على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، فلم يقتصر التمويل على أنشطة الأحزاب فحسب، ولكن الانتخابات البرلمانية والتمثيل الحكومي من أبرز أهداف مدراء الأحزاب السياسية. فحملات التبرعات من قبل الأثرياء وأصحاب الصناعات وأحيانا الجمعيات والنقابات تشكل حجر الزاوية فى بناء الأحزاب السياسية وتأسيس الكوادر والتواصل مع جمهور الحزب، وفي وقت الانتخابات التواصل مع الناخبين. فبدون التمويل الحقيقي للأحزاب السياسية فلا مناص من خلخلة أركان هذا الحزب، ولا يمكن له بسط أفكاره على الجماهير وإقناعهم ببرامجه التى تصب فى صالح الجماهير وقضايا الشعوب بأكمله.

في ألمانيا نجد أن الأحزاب السياسية، تلقت أكثر من 200 مليون يورو على شكل تبرعات خلال الأربع سنوات المنصرمة. حيث تشكل التبرعات حوالي 18 في المائة من متوسط دخل الأحزاب السياسية الألمانية، فى مقابل 50 فى المائة في الأحزاب السياسية فى الولايات المتحدة الأمريكية.

ويتحصل حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي والحزب الإشتراكي الديمقراطي على دخل سنوي 150 إلى 165 مليون يورو (ما يعادل من 180مليون دولار الى 200 مليون دولار). وتجعل القوانين الألمانية من السهل على المتبرعين تحويل الاموال دون تعقيدات مالية وإدارية تذكر. ويتعين على الأطراف الإبلاغ عن جميع التبرعات التى تزيد قيمتها عن 50.000 يورو إلى مجلس النواب الألماني وكذلك نشر قيمة هذا التبرع واسم المتبرع على موقع الأنترنت.

ولكن هناك العديد من العوائق المالية التي قد تدفع الأحزاب السياسية إلى تخفيض النسبة المئوية لمصادر تمويلها القائمة على التبرعات، فقد يرى بعض الخبراء الألمان فى الشؤون الحزبية أن المانحين لا يقدمون المزايا المالية للأحزاب دون وجود أسباب خفية. فالمانحين لا يمكنهم تقديم مطالب سياسية لهم فهذا غير جائز قانوناً. هذا الأمر جعل البعض يدعوا إلى الحد من نسبة تبرعات الأحزاب إلى 50.000 يورو، على أن يتم تحقيق الشفافية المالية بشكل دقيق.

وفي بريطانيا، يعد حزب العمال البريطاني أثرى الأحزاب السياسية، إذ أنه في العام 2017، حصل أعضاءه الذي يبلغ عددهم 550000 عضو، على 16 مليون جنيه استرليني، كما حصل الحزب على 18 مليون جنيه استرليني من خلال التبرعات على وسائل التواصل الاجتماعي.

وجدير بالذكر أن التقرير السنوي أبرز تحصيل مبلغ 500.000 جنيه استرليني في حملات الحزب الانتخابية. ولذلك لم يعد ثمة مكاناً حقيقياً كما كان للأحزاب التقليدية، والنقابات كمصدر رئيسي لتمويل حزب العمال، إذ بلغت رسوم العضوية 6 مليون جنيه استرليني.

ومما لا ريب فيه، أن الأحزاب السياسية تكافح من أجل الحصول على مصادر تمويل للحزب، إذ يعد قادة الأحزاب ومستشاروه الخطط المالية لتوفير كل متطلباتهم اللازمة لتحقيق أهداف الأحزاب لتحقيق رؤاها السياسية والاقتصادية والاجتماعية من أجل توفير حياة أفضل للمواطنين. ولكن إبداء الشفافية الحزبية وتقليص حجم التبرعات التى تسعى بعض الأحزاب الأوروبية لخفضها خشية أن يطال العمل الحزبي شبهة الفساد الانتخابي وتوجيه الناخبين لصناديق الاقتراع، فهذا قد يجعل العمل الحزبي يتجه فى غير موضعه الذي نشأ لأجله، وبالتالي فلا مناص من الولوج نحو فساد لا يمكن التواري عنه.

Optimized by Optimole