إلى مَن وُجّهت رسالة القصف الإسرائيلي في الجولان؟

إلى مَن وُجّهت رسالة القصف الإسرائيلي في الجولان؟
Spread the love

مركز بيروت لدراسات الشرق الأوسط – بقلم: د. أوري غولدبرغ – خبير إسرائيلي في شؤون الشرق الأوسط والإرهاب العالمي –

•لماذا ألقت طائرات سلاح الجو عشرة أطنان من المواد الناسفة على موقع مهجور للأمم المتحدة قريب جداً من الحدود بين سورية وإسرائيل؟ يبدو للوهلة الأولى أن الرد على سؤال “لماذا” واضح جداً، فاحتمال وقوع مواجهة مباشرة مع داعش يضغط على إسرائيل مثلما يضغط على سائر العالم.

•إن تنظيم داعش كفكرة يمكن أن يتجلى وينشط في أي مكان، من ضاحية أوروبية حتى الصحراء العراقية. ويمتاز داعش بقدرات متنوعة، من مؤيد للتنظيم منفرد يطلق النار [على أبرياء] في أورلندو، والشبان من باريس وبروكسل الذين نفذوا هجمات باريس في تشرين الثاني/نوفمبر 2015. بالإضافة إلى هذا كله، هناك جنود تنظيم داعش الفعليون الذين يزرعون الخوف في قلوب زعماء الغرب. وعندما يجري الحديث عن جنود يبدو أن يوم الحساب قد اقترب بشكل ملموس، فثمة أربعة جنود شكلوا خلية لداعش أطلقت النار على جنود الجيش الإسرائيلي. ويمكن أن يبدو هؤلاء طليعة كارثة لا مفر منها. ولهذا السبب ردت إسرائيل رسمياً كما ردّت- واستخدمت مرتين قوة نار هائلة من أجل القضاء قضاء مبرماً على خلية داعش.

•لكن الواقع أكثر تعقيداً، إذ على الرغم من الخوف الكبير من داعش، لم ينجح الغرب وإسرائيل، أو لم يرغبا، في حشد طاقتهما من أجل شن معركة شاملة ضد التنظيم. وفي الحقيقة، إن ذريعة الحرب على داعش تُستخدم اليوم من جانب أغلبية القوى اللاعبة في منطقة الشرق الأوسط من أجل تحقيق أهداف أخرى.

•عندما تدخلت روسيا في ما يحدث في سورية، أعلنت باستمرار أن القصف الذي تقوم به طائراتها موجه ضد أهداف تابعة لداعش. ولم يمرّ وقت طويل كي يتضح أن الروس يقصفون بصورة أساسية أهدافاً تابعة للمتمردين السوريين من أجل مساعدة حليفهم بشار الأسد. وعندما غزا الجيش التركي شمال سورية، أعلن قيامه بعملية تهدف إلى تطهير الحدود من مقاتلي داعش. لكن سرعان ما اتضح أن مقاتلي داعش غادروا القرية التي احتلها الجنود الأتراك قبل أن يبدأ الغزو ببضعة أيام. لقد أرادت تركيا فرض حقائق على الأرض من أجل منع تمدد الأكراد السوريين وتعاظم قوتهم ومنعهم من التوحد مع الأكراد داخل تركيا نفسها. وكان داعش مجرد ذريعة فقط.

•تقف إسرائيل في مواجهة واقع غير بسيط في سورية. من المعقول الافتراض أنه عندما يدخل دونالد ترامب إلى البيت الأبيض فإنه سيقلص بصورة كبيرة التدخل الأميركي في الصراع السوري. بالنسبة إلى ترامب، إذا سمح لصديقه بوتين بالسيطرة على ما يحدث في سورية، فإنه سيحصل على تسوية شرق أوسطية وعلى حسن نيه روسية في وقت واحد. وإذا كان هذا السيناريو معقولاً، فإنه من المتوقع أن تجد إسرائيل نفسها في مواجهة تعاظم القوة العسكرية الروسية. ويقاتل إلى جانب الروس مقاتلون من أجل الأسد وحزب الله وإيران. وسيزيد تعاظم القوة الروسية بصورة كبيرة من وجود إيران وحزب الله في سورية. وبالنسبة لإسرائيل، فإن مثل هذا الوضع هو بمثابة تهديد أمني مباشر.

•لذلك، يمكن القول إن إسرائيل استخدمت الاشتباك الذي وقع مصادفة تقريباً مع مقاتلي داعش من أجل إبلاغ اللاعبين في سوريا نياتها، وأن “المعني بالأمر أساساً قد جُنّ” ليس بسبب الخوف من غزو داعش، بل على خلفية التغير المتوقع للواقع. لقد أوضح قصف سلاح الجو أن إسرائيل لا تنوي الاستمرار في الاكتفاء فقط بعمليات “جراحية” في سورية في مواجهة تهديد حقيقي.

•في الخلاصة، يجب القول إن الأسلوب الشائع في استخدام الحرب ضد داعش من أجل تحقيق أهداف أخرى، يبقى تنظيم داعش حياً وفعالاً من أي وقت مضى. ما يزال تحرير الموصل بعيداً والهجوم على الرقة لن يبدأ في وقت قريب. وعندما سيصحو العالم ويسعى إلى محاربة داعش بالذّات، سيكتشف أن هذه الحرب تتطلب ثمناً يزداد يوماً بعد يوم.

المصدر: موقع nrg الإسرائيلي، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole