في “حماس” وفي إسرائيل يريدون جولة قصيرة

Spread the love

بقلم: رون بن يشاي – محلل عسكري إسرائيلي —

بعد عدم الوضوح أمس، أعلن الجيش الإسرائيلي فجر اليوم (الجمعة) أن “حماس” أطلقت صاروخين من قطاع غزة في اتجاه غوش دان. ليس من الواضح بعد ما الذي حدث تحديداً بعد ذلك. السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا أطلقت “حماس” الصاروخين؟ هناك سببان أساسيان.
الأول، الاضطربات الخطِرة وغير المسبوقة التي جرت بالأمس في غزة تحت شعار “دعونا نعيش”، والتي استخدمت خلالها شرطة “حماس” عنفاً واضحاً ضد السكان. لقد شعرت قيادة الحركة بتهديد كما لم تشعر به منذ سيطرتها على القطاع.
السبب الثاني له علاقة باتصالات التسوية التي تجري منذ وقت مع المصريين. لدى “حماس” قائمة طويلة من المطالب، بينها 30 مليون دولار شهرياً (في نيسان/أبريل تنتهي سلسلة الدفعات وليس واضحاً إذا كانت ستستمر)، تمويل أعمال برعاية الأمم المتحدة، وكهرباء وتوسيع منطقة الصيد. تقول إسرائيل إن ذلك ممكن إذا توقفت “مسيرات العودة” على السياج، وتوقف إطلاق البالونات الحارقة والناسفة التي تحولت إلى خطِرة أكثر فأكثر، وبالتأكيد وقف إطلاق الصواريخ. القمح في الجنوب يوشك على النضج، واذا أحرقوا الحقول فإن الضرر سيكون كبيراً. “حماس” تقول- كلا، سنواصل مسيرات العودة ونكبحها.
الظاهر أن المحادثات وصلت إلى حائط مسدود، تماماً في الوقت الذي نشبت الحركة الشعبية في غزة “دعونا نعيش” – ومعها تبلورت مصلحة حماسية ملحّة لتحويل غضب الجماهير والإحباط في اتجاه إسرائيل.
تماماً مثلما حدث في أحداث ليل تشرين الأول/أكتوبر الماضي – حين أُطلق صاروخ على بئر السبع (أصاب منزلاً وجرى إنقاذ عائلة بفضل يقظة الأم) وعلى غوش دان – أطلقت “حماس” صاروخين في اتجاه مراكز سكنية كبيرة في إسرائيل – وأنكرت مسؤوليتها. حينها قبلت إسرائيل الادعاء الغريب بأن إطلاق الصواريخ جرى عن طريق الخطأ بسبب الأحوال الجوية. هذه المرة المناورة مكشوفة أكثر.
تنكر “حماس” أنها وراء إطلاق الصاروخين لأنها تريد الاستفادة من كل شيء؛ مواصلة المفاوضات مع مصر والحصول على تسهيلات. والحجة هي أن مَن أطلق النار فعل ذلك من دون موافقة القيادة.
تضمّن رد الجيش الإسرائيلي هذه الليلة توجيه ضربة أقسى من العادة إلى البنى التحتية ومنشآت الذراع العسكرية لـ”حماس” (وأيضاً حركة الجهاد الإسلامي). من نوع “الأسلوب نفسه المعروف” لأن ليس هناك رغبة في الوصول إلى تصعيد يفرض دخولاً برياً إلى غزة خلال معركة الانتخابات، وأيضاً كي لا يقول سكان الجنوب “فقط عندما يطلقون النار على تل أبيب هناك رد قاس”، حتى الآن الرد مضبوط نسبياً.
ونظراً إلى أن “حماس” أفرغت كل مقرات قياداتها، ليس لدى الجيش حالياً إمكانية المسّ بكبار مسؤوليها، حتى لو كان يرغب في القيام بذلك.
خلال الليل أُطلق صاروخان من غزة خلال الهجمات. وهذا أحد أسباب استمرار الهجمات. لقد تسببت بتآكل عميق للقدرة العسكرية لـ”حماس”، لكنها ما تزال تحت عتبة نشوء تصعيد كبير.
من المنطقي الافتراض أن هذه ليست النهاية. لكن أيضاً ردود إسرائيل وأيضاً إطلاق “حماس” النار سيظلان في هذه الأثناء ضمن حدود منع معركة كبيرة، لأن الطرفين يريدان جولة قصيرة.
في هذه الأثناء، هناك أمران يعرّضان للخطر السعي للتهدئة: اليوم، كالعادة يجري التخطيط لأعمال شغب على السياج، وخصوصاً مع اقتراب مرور عام على “مسيرات العودة” في نهاية الشهر. الخطر الثاني هو الصدفة – في حال وقوع نتيجة قاسية لإطلاق النار على إسرائيل أو بسبب إحدى الهجمات على القطاع. الجيش الإسرائيلي أيضاً مستعد للتصعيد.

المصدر: صحيفة “يسرائيل هيوم”، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية