استقالة ماتيس: هل غادر آخر شخص راشد البيت الأبيض؟

جيم ماتيس
Spread the love

كتب مراسل صيفة الغارديان البريطانية توم مكارثي تقريراً قال فيه إن استقالة وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس من إدارة الرئيس دونالد ترامب، التي أعلنت في وقت متأخر من يوم الخميس، قد أثارت القلق بشأن توقيتها، وجاءت بعد يوم واحد من إعلان ترامب الانسحاب المفاجئ من سوريا وبينما يتم تداول تقارير أن الرئيس ينظر في انسحاب ممثال من أفغانستان.
وأضاف مكارثي لكن دوافع القلق كانت مدفوعة بمخاوف أعمق. بالنسبة لمحللي السياسة الخارجية، والمسؤولين الحكوميين، والحلفاء في الخارج والمراقبين في الداخل، كان ماتيس الشخص الأخير من مجموعة من أربعة أشخاص في إدارة ترامب من الوزن الثقيل يُنظر إليهم بأنهم يقومون بتصحيح اتجاهات الرئيس الزئبقية.
فوفقاً لهذه الرؤية، كان ماتيس وعصبته – مستشار الأمن القومي هربرت ماكماستر، ورئيس هيئة أركان البيت الأبيض جون كيلي ووزير الخارجية ريكس تيلرسون – يقدمون ثقلاً حيوياً لسفينة الدولة عرضة للترنح بطرق غير متوقعة إذا أمر الرئيس، على سبيل المثال، اغتيال الرئيس السوري.
هذا الأمر بالذات قد أُعطي، كما سرد الصحافي بوب وودوارد هذا العام في كتابه “الخوف”. غير أن ماتيس، وهو قائد سابق للقيادة المركزية الأميركية معروف باسم “الكلب المخادع” من وقت كان قائداً لقوات المارينز الأميركية خلال غزو العراق عام 2003، قد تجاهل هذا الأمر.
وقال ماتيس لأحد مساعديه: “لن نقوم بأي من ذلك. سنقوم بتقدير الأمر أكثر.”
الآن ذهب ماتيس، والسؤال الهش لكثير من المحللين هو، أين بعد ذلك؟
وكتب المحلل والمحرر الأميركي المحافظ بيل كريستول: “لم نكن أكثر قلقاً على الأمة لثلاثة عقود منذ مجيئه(ترامب) إلى واشنطن العاصمة”.
وتنقل الصحيفة عن سكوت ستوسل، المحرر في مجلة أتلانتيك قوله إن مسؤولاً رفيعاً في وزارة الدفاع – البنتاغون قال له إنه كان يمكنه النوم في الليل برغم جنون ترامب طالما لا يزال ماتيس يدير وزارة الدفاع. وأضاف أنه من دون ماتيس، سيكون قلقاً، وأن الحماية ضد القرارات السيئة تعني أن بعض المسؤولين والضباط قد يعصون أوامر ترامب.
فقد تنحى ماكماستر في آذار – مارس الماضي، وبعد أسبوع تم طرد تيلرسون، الرئيس التنفيذي السابق لشركة “إكسون موبيل”، الذي نقل عنه وصفهم للرئيس ترامب بـ”المعتوه السخيف”، وهو تقرير لم يُنكر. كما يتوجه كيلي إلى التنحي نهاية العام.
ويبدو أن الرئيس يواجه صعوبة في العثور على بديل دائم له كرئيس لأركان البيت الأبيض.
وقالت الغارديان إنه ربما قد يكون تمت المبالغة بقوة تأمين الاستقرار الرباعية هذه. لم يستطع ماكماستر ولا تيلرسون إدارة علاقة ترامب بكوريا الشمالية، وصداقته مع روسيا، والهجمات على الحلفاء الأوروبيين والخوف الهوسي ضد الصين.
وبدا أن كيلي كان يقف مؤيداً لجهود ترامب للتغلب على تهديد أمني على الحدود الجنوبية وفرض قيود غير دستورية على من قد يسعى إلى دخول الولايات المتحدة.
ولم يمنع أي من هؤلاء الأربعة انسحاب ترامب من مبادرات دولية مثل اتفاق باريس بشأن المناخ والاتفاق النووي الإيراني.
ولكن مع رحيل ماتيس، أظهر المحللون قلقاً جديداً، وكانوا يتأسفون على أن آخر شخص راشد يضرب به المثل في الفرقة قد تركها.
وكتب جون كاسيش، حاكم أوهايو، عندما بدا أن ترامب قد عجل بإغلاق الحكومة الفيدرالية قبل إعلان ماتيس استقالته بوقت قصير: “هذه الفوضى على الصعيدين الخارجي والداخلي على حد سواء، تضع أميركا في خطر ويجب أن تتوقف على الفور”.
أما عضو مجلس الشيوخ عن نبراسكا السيناتور الجمهوري بن ساسي فقد غرّد على تويتر قائلاً: “هذا يوم حزين. الجنرال ماتيس كان يعطي النصيحة [لترامب] وكان بحاجة لسماعها. يعتقد ماتيس عن حق بأن روسيا والصين هما خصمان، وأننا في حالة حرب مع الجهاديين في جميع أنحاء العالم الذين يخططون لقتل الأميركيين. العزلة هي استراتيجية ضعيفة من شأنها الإضرار بالأميركيين “.
وأوضح ماتيس في خطاب الاستقالة أن استقالته كانت بسبب الاختلافات مع ترامب حول قضايا وبما فيها كيفية التعامل مع الحلفاء ومن يحسب كعدو.
وكتب الجنرال “آرائي حول معاملة الحلفاء باحترام وايضاً حول أن نكون متنبهين تجاه الجهات الفاعلة الخبيثة والمنافسين الاستراتيجية تبنى بقوة وبناء على معلومات لأكثر
من أربعة عقود من الانغماس في هذه القضايا”.
وكان هذا انتقادًا أكثر اعتدالًا مما ورد في التقارير في أي مكان آخر. وفي نقاش حول قضية كوريا الشمالية، قال وودوارد، إن تقييم ماتيس كان أن ترامب تصرف وكان لديه فهم مثل تلميذ الصف الخامس أو السادس”. وقد نفى ماتيس الاقتباس.
كانت الشائعات أن ماتيس سيستقيل قد تم تداولها لأشهر. وفي سبتمبر-أيلول الماضي نفاها ماتيس، وقال للصحافيين: “بالطبع لا أفكر في المغادرة، أنا أحب البقاء هنا”. لكن ترامب قال بعد شهر من ذلك إن ماتيس قد يغادر قريباً.
وقال ترامب: “يمكن أن يكون الأمر كذلك. أعتقد أنه ديمقراطياً، إذا كنت تريد أن تعرف الحقيقة. لكن الجنرال ماتيس رجل جيد. نتفق بشكل جيد جداً.قد يغادر. أعني، في وقت ما، الجميع يغادر .الجميع. الناس يغادرون. هذه هي واشنطن “.
يوم الخميس، إحدى شخصيات واشنطن، الذي اشتبك بشدة مع ترامب، مستشار الرئيس باراك أوباما للأمن الداخلي والمدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية جون برينان، كتب على تويتر: “حسناً، أيها الجمهوريون. إلى متى ستسمحون لهذه “الرئاسة” الهزلية بمواصلة العمل؟. في وقت من هذا الاضطراب السياسي والاقتصادي والجغرافي الاستراتيجي – على الصعيدين الوطني والعالمي – هل تنتظرون حدوث كارثة للوقوع قبل أن تتصرفوا؟ الكارثة تلوح في الأفق”.
عن الميادين نت