اللاجئون السوريون هائمون غير مرغوب بهم

اللاجئون السوريون هائمون غير مرغوب بهم
Spread the love

أريج زاهر* — غادروا وطنهم درءاً للخطر والعنف ونار الحرب المستعرة وهاموا في سعيهم عن وطن جديد عسى أن تبتسم لهم الحياة بعد طول شقاء. لكن أحلامهم قد تكسرت على صخور الغربة، وتلاشت آمالهم بواقع مرير لا مفر منه. لكن لا بدّ من وجود ناجين في كل رحلة.
لقد صورت لنا وسائل الإعلام مزايا ومساوئ الهجرة واللجوء. فقد حقق البعض من اللاجئين هدفهم في حياة كريمة وادعة لم يتجرؤوا قط على مجرد الحلم بها في بلادهم، بينما عانى آخرون الشدائد واختبروا حياة التشرد حتى أضحوا متسولين يستجدون فتات الطعام في مخيمات اللجوء، حتى بدت ساحات القتال في بلادهم وحياة الاضطهاد والفقر ملاذاً آمناً أملوا العودة إليه. ذلك أنه ليس بإمكاننا إغفال من حملوا معهم التطرف والعدوانية إلى البلاد المضيفة.
لقد قدرت المفوضية العليا للاجئين UNHCR عدد اللاجئين السوريين الفارين من نيران القصف والدمار بما يزيد عن 5.6 مليون شخص في البلدان المجاورة ودول الخارج. حيث سجّلت تركيا أعلى رقم للاجئين السوريين والذي بلغ حوالي 3.3 مليون. ومن جهة أخرى, وضعت الحرب أوزارها على أكثر من مليون ونصف مليون لاجئ سوري في لبنان يلتمسون سبل الحياة البسيطة. بينما قدرت نسبة الذين يرزحون تحت خط الفقر بـ70%. ونتيجة لعدم إنشاء مخيمات نظامية توزع السوريون على أكثر من ألفين ومائة مجمع سكني في الريف والمدينة، مما سبب اكتظاظاً سكانياً وبطالة للمواطنين اللبنانيين. وكما كان للأردن نصيب من اللجوء السوري في أراضيه، والذي قدر بما يزيد عن 655,000 لاجئ بينهم أطفال ونساء يقبعون في المنفى خشية من الحكومة السورية من جهة، والفصائل المسلحة من جهة أخرى. وقد تم تقدير عدد المقيمين خارج مخيمات اللجوء بـ80% منهم بينما وصل عددهم في مخيمي الزعتري والأزرق إلى أكثر من 139.000 لاجئ. وصرحت المفوضية العليا للاجئين أن كثراً من اللاجئين قد وصلوا وهم لا يكادون يملكون ما يؤمن لهم حاجاتهم الأساسية. ولوحظ أيضاً تزايد في عدد المعوزين الذين تمت استضافتهم من قبل العائلات. حيث قدرت الإحصائيات أن 93% من اللاجئين في الأردن يرزحون تحت خط الفقر. وكما كان للعراق نصيبه من اللاجئين السوريين وقدرت أعدادهم بما يقارب 246.000. بينما بلغ عددهم 126.000 في مصر.
وقد أصدرت تركيا مؤخراً قوانين صارمة فيما يخص غير المسجّلين من اللاجئين السوريين، حيث تتراوح العقوبة بين الاعتقال والسجن حتي يصل أقصاها إلى الترحيل إلى بلادهم المنكوبة. وتعتبر المجوعات الحقوقية هذه الإجراءات التي اتخذتها الحكومة التركية انتهاكاً للقانون الدولي.
وأصبحت أزمة اللاجئين السوريين محل نقاش على الصعيد الداخلي والخارجي حيث تسببت في توتر العلاقات بين دول الاتحاد الأوروبي. وتعتبر بريطانيا أقل الدول استضافة للاجئين السوريين، وذلك بحسب تقرير صحيفة الإندبندينت البريطانية. وتتبع الحكومة البريطانية سياسة التركيز على تمكين اللاجئين في مجال سوق العمل. وتضمنت اقتراحات أخرى إيجاد مساكن ملائمة مما يحفظ كرامة العائلات التي يعاد لمّ شملها.
ورغم معوقات اللغة والثقافة، إلا أنّ الحكومة البريطانية تشعر بالتفاؤل إزاء هؤلاء اللاجئين؛ ففي دراسة أجرتها جامعة غلاسكو تبيّن أن غالبية اللاجئين السوريين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين الثامنة عشرة والثالثة والعشرين إما قد حصلوا على عمل وتبلغ نسبتهم 27%، أو يتابعون دراستهم وبلغت نسبتهم 36%. وهذه الإحصائيات تدحض المزاعم القائلة بنفورهم من العمل واتكالهم على مكاتب البطالة التي تقدم المساعدة المالية للمعوزين.
وأفادت المفوضية العليا للاجئين بعودة 31,000 من اللاجئين السوريين في دول الخارج فقط هذه السنة، رغم أن هذا الرقم لا يشكّل إلا نسبة ضئيلة من عددهم الكلي المقدر بخمسة ملايين. فمنذ العام 2015 عاد حوالي 260.000 لاجئ إلى بلدهم سوريا أغلبهم من تركيا.
ورغم الآمال التي تلوح في الأفق من محادثات السلام التي أجريت في أستانة وجنيف مؤخراً، إلا أن المفوضية العليا للاجئين تشك في مدى عودة هؤلاء اللاجئين سالمين.
وفي الختام ليس بإمكاننا نسيان من فقدوا حياتهم منذ اندلاع الحرب والذين تم تقدير عددهم بأكثر من 300.000 سوري.

*كاتبة سورية.