“حماس” قالت الكلمة الأخيرة: المخاطر الكامنة في وقف النار

“حماس” قالت الكلمة الأخيرة: المخاطر الكامنة في وقف النار
Spread the love

بقلم رونين إيتسيك – عميد في الاحتياط وقائد سابق للواء مدرعات وهو اليوم باحث إسرائيلي —

على الرغم من أنه من السابق لأوانه الحديث عن وقف إطلاق نار ثابت في الجنوب، يمكن الجزم بأن إسرائيل أظهرت بصورة لا تقبل الشك رغبتها في بقاء “حماس” في غزة، وفي الجانب الثاني من السياج توسلات كثيرة لقبول إسرائيل بالتسوية استقبلوا القرار الإسرائيلي بارتياح. فقط أنهم هذه المرة هم الذين قالوا الكلمة الأخيرة.
منذ آذار/مارس، تفرض “حماس” وتيرة الأحداث في الجنوب، بينما في الجانب الإسرائيلي يضبطون أنفسهم ويحتوون ويبحثون عن آلية تسوية تمنح جنوب إسرائيل عاماً أو عامين من “الهدوء”.
المنطق الإسرائيلي ناجم في الأساس عن ثلاثة أسباب: الأول الردع الذاتي الذي أظهرته ألوية الجيش الإسرائيلي لدى عرضها سيناريوهات الرعب أمام المجلس الوزاري المصغر بشأن إمكان احتلال القطاع. والثاني هو الخوف من اليوم التالي، والتخوف من أن يؤدي الفراغ الذي سينشأ بعد سقوط “حماس” إلى صعود تنظيم أكثر تطرفاً منها بكثير إلى الحكم.
السبب الثالث هو الرغبة في المحافظة على الانفصال بين غزة وبين يهودا والسامرة [الضفة الغربية] كدليل على أنه لا يمكن الحوار مع الفلسطينيين بقيادة “فتح”، و”حماس” اللتين لم تنجحا في التحاور مع بضعهما البعض. الرابع والأخير، هو الوضع الحساس على الحدود الشمالية، الأكثر تهديداً والأكثر حساسية بكثير، والذي يتطلب انتباهاً واستعداداً مقارنة بغزة.
سواء أكان هذا مريحاً أم لا، فإن جميع هذه الأسباب، وكل واحد منها على حدة منطقي. ليس من الممكن وليس صحيحاً أيضاً القول إن المستوى السياسي يقودنا إلى الهاوية، هذا غير صحيح، وهو افتراء غير جدي، وخصوصاً من جانب أولئك الذين يدّعون منذ وقت أن رئيس الحكومة يدعو إلى الحرب كي يحول الأضواء عن التحقيقات معه. مع ذلك، لا يمكن أن نتجاهل عدداً من مشكلات أساسية خطرة تزداد قوة مع مرور الزمن، بينما تمتنع إسرائيل من خلع قفازاتها في مواجهة “حماس”.
الموضوع الأول هو تآكل النجاعة العملانية للجيش الإسرائيلي – من غير الممكن فهم كيف تنجح تنظيمات مارقة في إطلاق الصواريخ بكثافة وفي وقت واحد وبوتيرة مدمرة، بينما تقف في مواجهتها منظومة متطورة من سلاح الجو، والدفاع ضد الصواريخ، واستخبارات – منظومات يخصص دافعو الضرائب لها في كل عام مبالغ هائلة. وهذا أكثر مما هو محرج مثير للقلق. ويمكن القول في هذا السياق إن “حماس” قدمت مدرسة حقيقية للجيش الإسرائيلي.
الموضوع الثاني هو عدم القدرة على التخلي عن النموذج الذي تجذر ومفاده بأن نفعل كل شيء، وفقط كي لا تشعر “حماس” للحظة أنها في خطر فعلي. في هذا السياق لا يمكن إلاّ أن نضحك من البيانات السخيفة للناطق بلسان الجيش عن تدمير أبنية وأرصدة “مهمة” – هو يواصل كلامه، وهم يواصلون قصفنا بالنيران الحارقة، وهذا أيضاً محرج بمقدار لا يمكن تحمله. صورة الوضع القائم هي أننا ببساطة غير مهمين في مواجهتهم.
الموضوع الثالث، هو عدم القدرة على إعطاء سكان جنوب إسرائيل الثقة والإحساس بالأمن. هذه مشكلة خطرة جداً، وهي تخلق عدم ثقة جذري بالمؤسسات، سواء بالجيش أو بالحكومة، وهذا أمر يقضم ويتغلغل، وله انعكاساته الطويلة الأمد، وخصوصاً في ضوء خطة الحكومة زيادة عدد السكان في الجنوب، وتوسيع المدن، وسكان النقب – الوضع إزاء غزة يدمر هذه الفكرة.
الموضوع الرابع والأخير هو الطريقة التي نظهر فيها إزاء خصومنا الآخرين، وخصوصاً إيران. ماذا يمكن أن يتعلموا من كل ما يحدث هنا؟ هم يرون حكومة مرتدعة، وجيشاً ليس لديه أجوبة، ومواطنين يعيشون مع الإحساس بعدم الأمان، يرون ذلك ويفركون أيديهم بسرور كبير. فهذا يعطيهم دافعاً كبيراً إلى مواصلة تطوير ميليشيات الإرهاب التي لديهم حول حدودنا، تحت استراتيجيا استنزاف مستمرة. وهذا سيء للغاية.
خلاصة الأمر، قرار الحكومة بشأن وقف إطلاق النار في مواجهة “حماس” والسعي لتهدئة هو قرار منطقي، لكن انعكاساته، وبصورة خاصة العجز الذي يظهره الجيش، هي أمور مربكة ومقلقة، وتثير حيرة كبيرة. لماذا ندفع أثماناً باهظة للغاية في مقابل هكذا نتيجة؟ وبالإضافة إلى هذا كله يُطرح السؤال لماذا ومن أجل ماذا طردنا عشرات الآلاف من المستوطنين من منازلهم إذا كانت هذه هي النتيجة التي حصلنا عليها.

المصدر: صحيفة “يسرائيل هَيوم” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole