حطّم السد: إسرائيل والدول العربية

حطّم السد: إسرائيل والدول العربية
Spread the love

بقلم إيال زيسر – نائب رئيس جامعة تل أبيب —

زيارة رئيس الحكومة نتنياهو إلى عُمان هي معلم مهم في تطور شبكة العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج. بعد نتنياهو، زار عُمان أيضاً وزير المواصلات يسرائيل كاتس، وقامت ميري ريغيف بزيارة إلى أبو ظبي بدعوة من السلطات الرسمية كضيفة رسمية لزيارة “مسجد أبو الأمة “[مسجد الشيخ زايد] مع ضيوف آخرين رسميين من اتحاد الإمارات. ومن المنتظر أن يصل وزير الاقتصاد، إيلي كوهين، في الأيام القريبة إلى البحرين تلبية لدعوة من حاكم الإمارة.
عرفت العلاقات بين إسرائيل والدول الخليجية صعوداً وهبوطاً، لكنها ليست جديدة. وإلى جانب العلاقات السياسية، تطورت العلاقات الاقتصادية بصورة كبيرة، والأهم منها العلاقات الأمنية، التي تأسست على تعاون سري، في الأغلب، في مواجهة التحدي الإيراني المشترك. لكن البارز اليوم قرار هذه الدول، بصورة منفصلة ومعاً، منح العلاقات بإسرائيل تعبيراً علنياً، وتقديمها كمصدر للقوة والأمن وليس كمصدر للخجل.
أهمية العلاقة بإسرائيل ناجمة عن الإدراك أن إسرائيل تحولت إلى لاعب إقليمي مهم، يمكن أن يشكل حليفاً استراتيجياً مهماً تجاه جملة من القضايا المصيرية، من المواجهة مع إيران وتحسين العلاقات بالولايات المتحدة، وصولاً إلى التطوير الاقتصادي والأمني في بلادهم. في الأسبوع الماضي فقط كتب عبد الرحمن الراشد رئيس التحرير السابق لصحيفة “الشرق الأوسط” أن أحداً في الخليج لن ينسى تجنّد إسرائيل إلى جانب السعودية في مجهود لحل الخلافات بينها وبين واشنطن [على خلفية مقتل الصحافي السعودي جمال الخاشقجي في القنصلية السعودية في إستانبول]. وهذا تعبير واضح عن مكانة إسرائيل كلاعب في محور مركزي في الشرق الأوسط، وحتى في داخل العالم العربي.
من المهم الإشارة إلى أن موجة الزيارات التي جرت، والتي ستجري، والتغطية الإعلامية العلنية لها قد مرت من دون أن تثير معارضة مهمة، لا في الخليج ولا في شتى أنحاء العالم العربي. ويشير هذا إلى أن العلاقات بإسرائيل لم تعد تشكل موضوعاً في الخلافات المطروحة على جدول أعمال العالم العربي.
يدل هذا أيضاً على أن النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني لم يعد يشكل حاجزاً، أو على الأقل عاملاً معرقلاً، لتطوير شبكة العلاقات بين إسرائيل والدول العربية. ولهذا الموضوع حساسية خاصة بالنسبة إلى الرأي العام العربي، وخصوصاً في الدول المحيطة بإسرائيل، لكن في كل ما يتعلق بالأنظمة العربية يبدو أنها قررت منذ وقت عدم السماح للفلسطينيين بإملاء جدول أعمالهم. بالإضافة إلى ذلك، لأول مرة يحاول عدد من الدول العربية المشاركة في الجهد الرامي إلى الدفع قدماً بتسوية إسرائيلية – فلسطينية، وعدم الانجرار وراء المواقف التي يعرضها الفلسطينيون.
الزيارات المغطاة إعلامياً التي جرت في الأسابيع الأخيرة هي فقط غيض من فيض. فالعلاقات بين إسرائيل ودول العالم العربي تتوسع وتتشابك أيضاً مع دول من خارج الخليج؛ كل دولة عربية على طريقتها، وبحسب وتيرتها الخاصة، بدءاً بمصر والسعودية وحتى المغرب وتونس، البلدين اللذين يزورهما يومياً سياح إسرائيليون، وحتى السودان على وشك أن تحذو حذو السعودية وأن تسمح للطائرات المتوجهة من إسرائيل إلى القارة الأفريقية بالعبور في أجوائها. تحطّم السد.
نسيج العلاقات بين إسرائيل والعالم العربي ما يزال هشاً، ومن المريح للعرب أن يوحدوا صفوفهم ويتحدوا حول القضية الفلسطينية. لكن مما لاشك فيه أن إسرائيل والعالم العربي اجتازا نقطة اللاعودة إلى الوراء في الطريق نحو إنشاء شبكة علاقات مستقرة ووثيقة غير مرتبطة بشيء آخر.

المصدر: صحيفة “يسرائيل هيوم” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole