التحديات التي سيواجهها الجيش الإسرائيلي

التحديات التي سيواجهها الجيش الإسرائيلي
Spread the love

بقلم: عمير رابوبورت – محلل عسكري إسرائيلي —

في نهاية الأسبوع الماضي أعلن وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان تعيين كوخافي رئيساً لهيئة الأركان العامة. وفيما يلي التحديات المركزية التي سيواجهها:

التحدي الأكثر إلحاحاً: غزة

ما من سبب يدعونا إلى الإعجاب أكثر من اللازم بالكلام عن “تسوية”. فالوضع في قطاع غزة قابل جداً للانفجار، في الأساس لأن لعبة الشطرنج ليست في مواجهة “حماس” وحدها، بل أيضاً ضد حركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني التي تخدم ما تريده سورية وإيران اللتان “تحاسبان” إسرائيل على هجماتها في الشمال.
يعرف كوخافي جيداً الجبهة الجنوبية، منذ الفترة التي كان فيها قائداً لفرقة غزة. العنوان الرئيسي لولايته كان تطبيق أسلوب “إقامة ساتر من النار” لإغلاق الدوائر بسرعة في منطقة مكتظة. لاحقاً، عندما كان رئيساً للاستخبارات العسكرية في عملية “الجرف الصامد”،عانت الاستخبارات جرّاء الانشغال بتفاصيل كل هدف بحد ذاته وضيّعت جزءاً من الصورة الكبيرة المتعلقة باعتبارات العدو التي اتضحت في وقت متأخر.
اليوم أيضاً، كل إطلاق نار على إسرائيل أو اغتيال عنصر من “حماس” أو من حركة الجهاد يمكن أن يشعل من جديد حرباً شاملة في مواجهة غزة، والهدف السياسي لهذه الحرب يمكن أن يكون أيضاً إسقاط حكم “حماس”. مثل هذا السيناريو يمكن أن يحدث حتى قبل أن يتسلم كوخافي منصبه من أيزنكوت، وطبعاً، خلال توليه منصبه. إن حل الوضع المتفجر في غزة موجود إلى حد بعيد في القاهرة التي تمسك القطاع في مكان حساس، المعابر البرية فوق الأرض وتحتها في رفح، وهي لا تخاف من التهديدات.

التحدي الأكثر تعقيداً: الشمال

إذا كانت جبهة غزة معقدة، فإن اللعبة الدائرة في الشمال هي من الأكثر تعقيداً في العالم بسبب اللعبة المزدوجة الثنائية والثلاثية للقوة العظمى الروسية الموجودة على أرض سورية، والتي تدير مصالح متعارضة في مواجهة إسرائيل ، والأسد، وتركيا، وإيران. هذا من دون أن نذكر حزب الله الذي له اعتباراته الخاصة.
في أساس الوضع في الجبهة الشمالية، يوجد الإصرار الإسرائيلي على منع تمركز إيران في سورية ولو بالقوة، وعلى منع حصول حزب الله على سلاح استراتيجي. وفي مقابل ذلك يصر الطرف الثاني على تحقيق هذه الأمور. بينما لا يهم واشنطن فعلاً ما يجري في سورية. وسيضطر كوخافي إلى إيجاد السبل لاستمرار المعجزة: أي القيام بهجمات متكررة ومتعاقبة على أهداف إيرانية، من دون خوض حرب، ومن دون أن تعترضها بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات الروسية التي جرى إحضارها إلى سورية بعد إسقاط الطائرة الروسية.

التحدي الأكثر خطورة: إيران

مع كل الاحترام لجبهتي الجنوب والشمال، يُعتبر تهديد قنبلة نووية لإسرائيل الوحيد الذي يمكن أن يكون تهديداً وجودياً. إيران غارقة عميقاً بمشكلاتها الداخلية وفي سورية، وتئن تحت عبء العقوبات الاقتصادية المتجددة، لكن لهذا السبب تحديداً، ليس من المستحيل حدوث سيناريو مقبل: ظهور زعماء إيران ذات يوم على منبر في طهران وإعلانهم الحصول على سلاح نووي أنهوا تطويره سراً بعد إلغاء الاتفاق مع الولايات المتحدة. مثل هذا الإعلان يمكن أن يأتي، سواء كان لدى إيران سلاح نووي فعلياً أو لم يكن. في مثل هذه الحالة ماذا سيقترح الجيش برئاسة كوخافي على المستوى السياسي؟

التحدي في الأمد البعيد: التكيف وفق العصر الجديد

في العصر السيبراني والقتال داخل المدن، تتغير طبيعة التحديات العسكرية بسرعة. يقوم الجيش الإسرائيلي بتغيير بنيته بصورة كبيرة، وخطة “جدعون” المتعددة السنوات التي بدأ تنفيذها في سنة 2018، تحظى بميزانيات ضخمة. المشكلة هي أن الواقع يتغير بوتيرة أسرع بكثير من الوتيرة التي يتغير فيها جسم ضخم مثل الجيش الإسرائيلي.
إن تكيف الجيش وفق العصر الجديد هو تحدٍّ لا يمكن التقليل من أهميته ومن تعقيده، وهو سيرافق كوخافي طوال سنوات عمله. قراران مهمان متوقعان في السنة الأولى: قرار يتعلق بالطائرات المستقبلية في الجيش الإسرائيلي، وربما أيضاً شراء إضافي كبير لصواريخ أرض-أرض دقيقة.
نبدأ بالطائرات: من المتوقع أن يقرر الجيش في السنة القادمة شراء سرب جديد من الطائرة الحربية F15 من إنتاج شركة بوينغ في نسخة خاصة بإسرائيل. بعد استضافة سربين من “أدير” في السنوات الماضية (طائرات F35 من إنتاج شركة لوكهايد مارتين). والسؤال الذي لا يزال مطروحاً هل السرب الجديد الذي سيشتريه سلاح الجو سيشمل طائرات F15، أو “أدير” مرة أُخرى.
يبدو أيضاً أن الجيش سيشتري طائرات جديدة للتزود بالوقود من إنتاج بوينغ، وثماني طوافات تدريب من إنتاج “ماكي” من إيطاليا من أجل مدرسة الطيران. والمعركة المفتوحة هي في مجال الطوافات الكبيرة التي ستحل محل طوافات “يسعور” القديمة: هل سيشتري الجيش طوافات سيكورسكي [sikorsky] من إنتاج لوكهايد مارتين من طراز جديد، أو طوافة “شينوك” [Chinook] من صنع بوينغ، بالإضافة إلى عدد معين من طائرات V22 القادرة على التحليق والهبوط عمودياً مثل الطوافة.
على صعيد الصواريخ الدقيقة التي يصل مداها إلى 150 كيلومتراً، يُعتبر كوخافي بين الذين أيدوا خطة وزير الدفاع ليبرمان للتزود بهذا السلاح الدقيق جداً من إنتاج شركة تاعس [شركة الصناعات العسكرية الإسرائيلية]. ومن المفترض أن يأمر كوخافي بشراء كميات كبيرة من الصواريخ من أجل استكمال رؤية إنشاء “سلاح للصواريخ”، ومن أجل القيام بهجمات دقيقة على أهداف دقيقة وبعيدة، من دون الحاجة إلى طائرات معرضة لخطر الصواريخ المضادة للطائرت الأكثر تطوراً.

التحدي الأكثر حساسية: الجيش والمجتمع

هذا هو الموضوع الذي لا يحب الجيش الحديث عنه بإسهاب في وسائل الإعلام، لكنه ينتظر أيضاً رئيس الأركان المقبل: التغيرات التي طرأت على مزاج المجتمع، وتحوّل الجنود النظاميين إلى كيس ملاكمة، يؤثران في استعداد الضباط الجيدين للخدمة في الجيش النظامي كمهنة طويلة الأمد. جزء من تحذيرات مفوض شكاوى الجنود التي تتعلق بجهوزية الجيش للحرب المقبلة، وهي تحذيرات أغضبت رئيس الأركان المنتهية ولايته أيزنكوت، لها علاقة أيضاَ بنوعية الجيش النظامي في الفئات العريضة للجيش (وليس بالضرورة في وحدات النخبة)، والعبء الثقيل الملقى على الجنود بعد عدة جولات من التقليصات.
من المحتمل أن يشكل هذا صراعاً مصيرياً على نوعية الخدمة النظامية في الجيش، من أجل منع نشوء وضع يكون فيه الجيش بالنسبة إلى المجندين، قبل كل شيء، “مكان عمل”، يذكّر بحرس الحدود وشرطة إسرائيل.

المصدر: صحيفة “مكور ريشون” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole