السلام يقترب ولكن ببطء شديد

السلام يقترب ولكن ببطء شديد
Spread the love

“مركز بيروت لدراسات الشرق الأوسط” – بقلم: موشيه أرينز – عضو كنيست ووزير دفاع إسرائيلي سابق عن حزب الليكود —

•الجبهة العربية الشاملة التي وقفت ضد دولة إسرائيل في 1948 آخذة في التفكك. لقد بدأ ذلك مع اتفاق السلام مع مصر الموقع سنة 1979- حدث يبدو اليوم تاريخاً قديماً- واستمر مع اتفاق السلام مع الأردن الذي وقع بعد مرور 15 عاماً في 1994. 22 عاماً مرت منذ ذلك الحين، والعملية مستمرة لكن بوتيرة أبطأ، كما نستطيع أن نرى ذلك في ضوء حقيقة أن الشرق الأوسط العربي بدأ يتكيف تدريجياً مع وجود دولة يهودية في داخله.

•في الفترة الأخيرة طرأت تغيّرات لم يكن في الإمكان تصورها من قبل، فالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي اضطر إلى مواجهة خطر الإرهاب الإسلامي الراديكالي ومعارضة الإخوان المسلمين، يرى في إسرائيل حليفاً في الصراع ضد عدو مشترك. وحكام السعودية القلقون من القوة المتنامية لنظام آيات الله في إيران ومشروعهم النووي، ينظرون إلى إسرائيل كحليف محتمل في مواجهة العدو المشترك. وإذا أخذنا في الاعتبار بالإضافة إلى ذلك حقيقة أن النظام الهاشمي منذ سنوات عديدة يرى في إسرائيل متكأه الأخير في حال تعرضه لخطر وجودي يتضح أن جزءاً من الدول العربية يتعرض لتغيرات بنيوية (tectonic) فيما يتعلق بالموقف تجاه إسرائيل. وتبشر هذه التغيرات بالخير في كل ما يتعلق بالتقدم نحو السلام بين إسرائيل وجيرانها.

•لكن يجب ألا ننسى هشاشة هذه التغيرات. وليس من الواضح أبداً أن أغلبية السكان في مصر والأردن يؤيدون السلام مع إسرائيل، أو أن الجمهور السعودي مع التغير الإيجابي الذي حدث في علاقة حكامه مع إسرائيل. وليس هذا بجديد، فالسلام مع إسرائيل لا يعكس بالضرورة إرادة الجمهور بل إرادة الحكام الذين يخافون على بقائهم، والذين يقدرون على فرض السلام على الجمهور في بلدانهم.

•هذه التطورات التي يعتبر كثيرون أنها أمر مفروغ منه لا تريح بصورة خاصة الإسرائيليين الساعين إلى السلام مع الفلسطينيين والراغبين في تحرير إسرائيل من عبء “الاحتلال” في الضفة الغربية. إن الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني الذي اعتبر لسنوات عديدة سبباً لفقدان السلام في الشرق الأوسط كله، فقد مكانته في أعقاب التغيرات التي طرأت على المنطقة وتراجعت أهميته كثيراً على جدول أعمال الحكام العرب، لكنه ما يزال موجوداً على رأس سلم أولويات أغلبية مواطني إسرائيل.

•من المهم فهم الأسباب للسمات غير القابلة للحل حتى الآن لهذا النزاع، فالأسس التي استندت إليها اتفاقات السلام مع مصر والأردن والتغيرات التي طرأت على العلاقات مع السعودية، ليست موجودة هنا. منذ غياب ياسر عرفات لم يبرز زعيم فلسطيني قادر على أن يفرض على الشعب الفلسطيني سلاماً مع إسرائيل. وبخلاف حكام مصر والأردن الذين يعملون على ضمان عدم استغلال أطراف معادية الحدود مع إسرائيل لمهاجمتها، لا يوجد على ما يبدو اليوم فلسطيني واحد قادر على أن يضمن شيئاً مشابهاً في حال قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية.

•إن الأحداث التي وقعت بعد الانفصال عن غزة ما تزال حية في ذاكرة أغلبية مواطني إسرائيل. وحركة “حماس” التي تسيطر على القطاع وتتمتع بتأييد واضح في الضفة، ليست ملتزمة بالسلام مع إسرائيل بل بالقضاء عليها.

•كيف يمكن التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين في مثل هذه الظروف؟ يجب تغيير هذه الظروف، ومع الأسف الشديد لا تستطيع إسرائيل أن تفعل ذلك، لكن مصيرها أن تتغير. وكما تعلمنا فالأمور تتغير في الشرق الأوسط، لكن هذا سيستغرق وقتاً طويلاً.

المصدر: صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، عن نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

Optimized by Optimole